شح النقد الاجنبي يمنع الحكومة السودانية من تحرير الجنيه السوداني

15 فبراير 2021

اصطدمت الحكومة الانتقالية بجدار سميك  قبل أن تُقدم على تحرير سعر الصرف للحصول على (1.7) مليار دولار من البنك الدولي خلال هذا العام لكن هذه المساعدات مرهونة بقرض تجسيري من الولايات المتحدة بقيمة (1.2) مليار دولار و(400) مليون دولار من بريطانيا والتى تعهدت بالقرض التجسيري والقرضين سيمران إلى البنك الدولي عبارة عن متأخرات السودان لدى المؤسسة الدولية  و بموجب القروض التجسيرية ستحصل الخرطوم على أموال من البنك الدولي لتحريك اقتصادها الذي يهدد المدنيين من اختتام الفترة الانتقالية وصولًا إلى الانتخابات بحسب مراقبين .

لن يكون مسموحًا أيضا للسودان طلب بقية تعهدات مؤتمر برلين التي بلغت (1.8) إذا لم تُقدم على تحرير العملة الوطنية من (55) جنيهًا إلى أكثر من (270) جنيهًا لكن إذا أقدمت حكومة حمدوك على هذه الخطوة دون تغطيات فإن الخبراء الاقتصاديين يحذرون من أن السودان ربما يخسر الديمقراطية الناشئة لأن إخماد سعر الصرف في السوق الموازي سيكون مستحيلًا بسبب تحرير العملة وإحداث تضخم غير مسبوق في أسعار السلع الاستهلاكية ووقوع اضطرابات شعبية قد تدفع إلى الفوضى او سيطرة القوى العسكرية على السلطة .

ويقول المحلل الاقتصادي حسام الدين اسماعيل في مقابلة مع (عاين) إن الحكومة الانتقالية تتفاوض على خيارات محدودة وغير محفزة مع مسؤولي البنك الدولي في موضوع تحرير سعر الصرف ، ويضيف اسماعيل قائلاً : “السودان يجب أن يطلب 30 مليار دولار مقابل تنفيذ التعويم وأن يبلغ المسؤولين الدوليين والبنك الدولي أن الاقتصاد لا يحتمل تحرير الصرف دون ضخ هذه المبالغ وأن يتم شرح خطورة الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في الوقت الراهن” .

وترهن الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك تحرير سعر الصرف بالحصول على احتياطات من النقد الأجنبي بحسب وزيرة المالية السابقة هبة أحمد علي في مقابلة مع التلفزيون الحكومي قبل أسبوعين أن وزارة المالية تعمل على بناء احتياطي من العملات الصعبة لاتخاذ قرار تحرير سعر الصرف معترفة بخطورة هذه الخطوة دون تغطية مالية كبيرة .

ورغم أن الحكومة تبرر تحرير سعر الصرف باستعادة العملة الوطنية وانعاشها بعد أن تآكلت بشكل غير مسبوق لكن الوضع المعيشي بحسب استطلاع أجرته (عاين) لا يحتمل المخاطرة الحكومية دون تغطية مالية ، وذكر تاجر عملات في السوق العربي وسط العاصمة السودانية إن سوق العملات متحفز لقرار حكومي مرتقب لتحرير سعر الصرف لن يقف السوق متفرجًا سيقفز فوق السعر الحكومي لأن الكفة تميل إلى التجار الذين يدخرون حوالي 7 مليار دولار متداولة في السوق الموازي للعملات ، وتابع : “تحرير الجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي يتطلب وضع الحكومة الانتقالية لدى خزانة البنك المركزي ما لايقل عن 15 مليار دولار من أين لها هذا المبلغ ” .

ومع إرهاصات تحرير السعر الذي قد تضطر الحكومة إلى تنفيذه بشكل مفاجئ الشهر القادم فإن أسعار الغذاء والسلع الاستهلاكية حققت قفزات هائلة الشهور الماضية وتُباع قطعة الخبز التجاري بسعر 25 جنيهًا وغير متوفرة في نفس الوقت و تشهد العاصمة السودانية والولايات طوابير الخبز لساعات بينما عادت طوابير الوقود وفي نفس الوقت يظهر الرأي العام السوداني سخطه من قطوعات الكهرباء لعشرة ساعات يوميًا

وتعد هذه العوامل مخيفة للحكومة السودانية التي تخشى أن يؤدي تحرير سعر الصرف إلى تعميق الأزمات اليومية بينما تبدو الحكومة التي شكلها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك منزوعة الأنياب فيما يتعلق بالاقتصاد ، ويكشف مسؤول اقتصادي سوداني لـ(عاين) –فضل حجب اسمه – أن البنك الدولي سيقوم بدفع (200) مليون دولار للسودان خلال أيام لبناء احتياطي مالي من العملات الصعبة يستبق عملية تحرير سعر الصرف ،وحول بناء احتياطي من العملات الصعبة أشار المسؤول الاقتصادي الى ان  بناء الاحتياطي من العملات الصعبة يمضي وفق الخطة المرسومة لكن البنود الطارئة مثل أزمة الوقود والغاز تضطر الحكومة إلى سداد دفعيات مالية لأنها في وضع صعب وتعتزم التوازن بين الاحتياطي وتوفير الاحتياجات الأساسية للسودانيين

وأبلغت بريطانيا والولايات المتحدة رسميًا أن القروض التجسيرية التي تعهدت بها هاتين الدولتين خلال شهر يناير مرتبطة بخطوات جدية من الحكومة السودانية لتحرير سعر الصرف ترجح دوائر اقتصادية ان تغامر حكومة حمدوك بتحرير سعر الصرف خلال مارس القادم لانها وصلت نقطة اللاعودة .

ويرى المحلل الاقتصادي فاروق كمبريسي أن الحكومة الانتقالية لا تملك سوى خيار تحرير سعر الصرف متوقعا ان يؤدي الأجراء إلى خسائر فادحة اقتصادية للشعب السوداني، واضاف كمبريسي في مقابلة مع (عاين) “جميع مشاريع المنظمات الدولية والبنك الدولي متعطلة في السودان لانها طلبت تحرير سعر الصرف وحتى ملف إعفاء ديون الخارجية في سبتمبر القادم مرتبط بتحرير سعر الصرف ” ، وقال ان الحكومة الانتقالية مطالبة بتوفير موارد نقد أجنبي كافية لفترة عام عندما تعتزم تحرير سعر الصرف حتى تضمن نجاح الخطوة .