فيضانات السودان.. الكارثة تحدق بالملايين

9 سبتمبر 2020

يأمل “محمد علي” 56 عاماً، وهو يشير إلى منزله المتهدم بسبب فيضان النيل في ضاحية الكلاكلة القبة جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم في انقاذ ما تبقى من أثاث منزله بعد ان فشل في مجابهة وصد هدير المياه التي يقول انه لم يراها طوال حياته وهو المجاور للنيل الابيض الهادئ نسبياً.

ومنذ نحو ثلاثة اسابيع تجتاح مياه النيلين الابيض والازرق في فيضانات غير مسبوقة المزارع والمساكن المتاخمة واحدثت خسائر كبيرة، وأعلنت وزارة الداخلية السودانية، الأربعاء، أن حصيلة ضحايا الفيضانات ارتفعت إلى 103 قتلى و50 جريحا علاوة على انهيار أكثر من 27 ألف منزل بشكل كلي وأكثر من 42 ألف منزل بشكل جزئي.

وحال “محمد علي” يرويه عديد من المتضررين الذين التقتهم (عاين) وهم في قلب الكارثة التي خلفها فيضان النيل الذي تمرد وتجاوز الحواجز التقليدية ووجدت مئات الأسر نفسها بلا مأوى رغم تكاتف المجتمعات المحلية من أجل مجابهة الفيضان. ويقول الحاج احمد محمد احد المتضررين  لـ(عاين)، “الشباب يقفون فى وجه النيل من أجل تخفيف حدة الموج ثم نضع الجسور الترابية من خلفهم”. فيما يقول صلاح عوض حسن، “هذه الأرض التي كانت يابسة قبل أيام قلائل أصبح السير فيها عن طريق المراكب فقط”.

 وفى منطقة “ام دوم” الواقعة شرقي الخرطوم، غمرت المياه المنازل بالكامل وبقى السكان أمام منازلهم خوفاً من إنهيارها فوق رؤسهم، وينتظر المواطنون خطوات عملية من حكومة السودان. ويبدى المواطن الفكي بابكر مخاوف من الكوارث البيئية التى ستحدث لاحقاً بعد إختلاط المياه بالمراحيض التى إنهارت بسبب الفيضان. وقال لـ(عاين)، “اصبحنا غير آمنيين فى العراء مع بعض اغراضنا التى تمكنا من إنقاذها “.

واليوم الاربعاء، قالت وزارة الري والموارد المائية ان مناسيب النيل بدأت تسجل إنخفاضاً في معظم الأحباس، بينما حذرت لجنة الفيضانات بوزارة الري  والموارد المائية من أن مناسيب النيل الأبيض من الجبلين حتى خزان جبل الأولياء في أعلى مستوياتها.

وأكدت لجنة الفيضانات في بيانها أن محطات الرصد الأرضية وصور الأقمار الإصطناعية بالهضبة الأثيوبية والسودان اظهرت أن متوسط الأمطار في أعلى حوض النيل الأزرق في أيام  5، 6 و7 سبتمبر كانت 5، ٠6 و6 ملم على التوالي مما يؤدي الى إنخفاض في وارد محطة الديم عند الحدود السودانية-الأثيوبية ليوم غد (الخميس).

وأشار بيان الداخلية السودانية إلى أن معظم الأضرار تركزت في ولايات القضارف والخرطوم وشمال كردفان ونهر النيل وجنوب كردفان والنيل الأبيض وشمال دارفور.

وكانت الحكومة السودانية أعلنت، الجمعة، حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، معتبرة البلاد بأكملها “منطقة كوارث”، خصوصا بعد أن سجل منسوب نهر النيل والنيلين الأزرق والأبيض أعلى مستوى منذ أكثر من 100 عام، واتسعت رقعة الفيضانات لتشمل 16 من ولايات البلاد الـ18.

وغمرت المياه أكثر من 80 بالمئة من بساتين الفاكهة والخضراوات على شريط النيل الأزرق، وتضررت العديد من المحصولات النقدية المهمة التي يعتمد عليها السكان المحليين بشكل أساسي في مداخيلهم.

مواقع أثرية في خطر:

من جهتها، اعلنت الهيئة العامة للآثار والمتاحف في السودان، حالة الطوارئ والاستعدادات وتم قطع الاجازات  لكل العاملين فى الهيئة اثر  تعرض كثير من المواقع الاثرية لخطر الغمر بمياه النيل.

 ونقلت وكالة السودان للانباء عن الهيئة مجهودات لانقاذ موقع الحمام الملكى فى منطقة البجراوية بعمل تروس بواسطة العاملين فى الهيئة ومشاركة اهالى المنطقة بدعم مقدر من منظومة الصناعات الدفاعية تمثل فى الجوالات  كما اسهم العاملون فى الهيئة بتبرعات نقدية لتوفير بعض احتياجات زملائهم العاملين فى المواقع المتاثرة .

 وابانت الهيئة بان المسوحات الاولية تشير  لتاثر بعض المواقع الاثرية فى ولاية نهر النيل ابرزها الحمام الملكى الذى غمرت المياه اجزاء منه تم سحبها وتامين الموقع  كما  ان خطر الفيضان يتهدد  الآن  مواقع جبل البركل، النقعة، وادى الطريف، الحصا، مويس.  وفى ولاية الخرطوم يهدد الفيضان مواقع الطوابى فى كل من الحتانة، وتوتى ، وشمبات. وقالت “ستتواصل الجهود لدرء  اثار الفيضان ويتزايد التهديد بارتفاع مناسيب النيل ويتزايد الخطر ببقاء المياه المحيطة بالمواقع مما ينتج عنه تزايد فى نسبة الرطوبة وامكانية التسرب مما يجعل الحوجة لمزيد من التحوطات العاجلة”.

حمدوك” يعلق:

 وأجرى رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك”  مقابلة مع قناة “سكاي نيوز عربية” تحدث خلالها عن الفيضانات المؤسفة التي تجتاح بلاده. وقال حمدوك إن تدهور البنية التحتية في البلاد – الموروث من النظام السابق- فاقم من كارثة الفيضانات.

وأضاف حمدوك أن الحكومة الانتقالية الحالية ورثت من النظام السابق وضعًا اقتصاديًا شبه كارثي، مؤكدًا وجود خلل تاريخي في الهيكل الاقتصادي السوداني، وأن حكومته تعمل على معالجة الاختلالات في الوضع الاقتصادي.