(4) أسباب وراء الفيضانات الكارثية في السودان
16 سبتمبر 2020
تاريخياً، جرى رصد أعلى معدلات لفيضانات الأنهار والسيول في السودان عامي 1988 و1946، لكن فيضانات هذا العام فاقت كل المعدلات المسجلة، وأعلنت على اثرها الحكومة السودانية في الخامس من سبتمبر الجاري حالة الطوارئ واعتبار السودان منطقة كوارث طبيعية.
ولأن معدلات الفيضانات غير مسبوقة، حاولت (عاين) البحث عن الاسباب الرئيسية التي جعلت فيضان هذا العام كارثيا وتأثيره-بحسب احصائيات حكومية اولية- على أكثر من نصف مليون شخص البلاد.
أسباب مناخية
ويقول خبير المناخ مدثر زروق، أن أسباب الكارثة مناخية بالدرجة الأولى ومرتبطة بتغيرات في سطح المحيط الهادئ أدت إلى أمطار غير مسبوقة في بحيرة فكتوريا التي ينبع منها النيل الأبيض وكان ذلك في شهر مايو الماضي ويشرح زروق لـ(عاين) هذه الأمطار الغزيرة التي أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في البحيرة فاق أعلى ارتفاع مسجل لها في العام 1964 وكنتيجة لذلك زاد التصريف القادم من بحيرة فكتوريا للنيل الأبيض إلى ما يفوق الضعفين وهو ما أدى لفيضان النيل الأبيض والذي وصل إلى الخرطوم في شهر اغسطس نسبة لحركة النيل الأبيض البطيئة وهي صفة مميزة له.
ويتابع زروق، تزامن ذلك مع أمطار غزيرة في الهضبة الإثيوبية في أواسط أغسطس أدت إلى فيضان في النيل الأزرق كذلك. ويقول زروق: تزامن فيضان النيلين الأبيض والأزرق هي ظاهرة نادرة لا تحدث كثيرا خصوصا وأن بحيرة فكتوريا لم تفيض بهذا القدر منذ ستينيات القرن الماضي. وهذا ما يفسر المناسيب الكبيرة للنيل التي فاقت بالفعل أعلى المستويات المسجلة للنيل منذ العام 1912، لذلك يعزو زروق حجم الكارثة الكبير لهذا الفيضان المزدوج للنيلين الأبيض والأزرق.
سد النهضة
الباحث والمختص في مجال المياه المهندس أحمد حياتي، يفسرعلاقة سد النهضة بالفيضانات الحالية، ويقول لـ(عاين)، تم ملء المرحلة الأولى من السد منذ شهر يوليو الماضي، وبعد ذلك صار السد يعمل كمنشأة لتمرير المياه، وخاصة الناتجة عن هطول الأمطار الغزيرة، وإذا كان هناك شك فيمكن حسمه بمقارنة صور الأقمار الجوية لبحيرة السد خلال الفترة الماضية. ويرى حياتي أنه لم تتم الإستفادة من سد النهضة لتخفيف الفيضان كما هو متوقع نسبة لعدم اكتمال السد حتى الآن. ويرى حياتي أن الملء الأولى ربما أدى إلى اضطراب حسابات التفريغ في سدي سنار والروصيرص مما قد يزيد من حدة التأثر بمياه الفيضانات ولكنه يرى أنه إحتمال يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتأكد.
إستجابة دون المستوى المطلوب
على الرغم من ذلك يرى حياتي أن من أسباب تفاقم الكارثة يرجع إلى عدم تعامل الجهات المختصة مع الأزمة بالصورة المطلوبة، حيث يقول : أشار بعض خبراء تشغيل الخزانات أن إدارة التشغيل لمنظومة الخزانات لم يكن بالمستوى المطلوب، خاصة في هذه السنة الاستثنائية، حيث أن الإجراءات التي اتخذت لكسر حدة الفيضان أتت متأخرة حسب حياتي، بالإضافة لوجود اضطراب في تشغيل خزان جبل أولياء، وتأثيره على حدة الفيضان. كما ذكر البعض والكلام لحياتي، غياب لجنة طوارئ الفيضان العليا، والتي ينبغي أن تضم كافة الجهات ذات الصلة، خاصة وأن هناك مؤشرات مبكرة ناتجة عن رصد هطول الأمطار الغزيرة في منابع النيلين الأبيض والأزرق.
تخطيط سليم
رئيس لجنة الفيضانات بوزارة الري عبد الرحمن صغيرون أن التخطيط السليم مستقبلا يمكن أن يحد من تأثيرات كارثة الفيضان، ويرى أن إنشاء المرافق والتوسع العمراني لابد أن يكون محسوبا وبعيدا عن مجرى النيل وحرمه ومجاري الأودية. كما يرى أن وزارته تواجه تحديات تتمثل في ضعف الميزانية المعدة لتمويل برامج تطوير وتحسين التنبؤ إضافة إلى هجرة الكوادر المؤهلة نسبة للظروف الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
وينفى صغيرون، لـ (عاين)، أن يكون انعقاد لجنة الفيضانات جاء متأخرا مؤكدا أنها تنعقد سنويا حينما يتجاوز إيراد محطة الديم على الحدود السودانية الإثيوبية 600 مليون ملم مكعب في اليوم وهو ما حدث هذا العام. وشدد صغيرون على أن لجنته فنية، مهمتها جمع المعلومات والبيانات الضرورية لإعداد التنبؤات الخاصة بمناسيب النيل.