السودان: زيادات غير قانونية في رسوم الخدمات الحكومية لسد عجز الموازنة
2 يناير 2023
استبقت وزارة المالية الإتحادية موازنة العام 2023 بوضع زيادات كبيرة على رسوم المعاملات المتعلقة بوزارة الداخلية المتمثلة في رسوم تجديد وإصدار جواز السفر بما في ذلك الأطفال ورسوم ترخيص السيارات في خطوة تضاعف معاناة السودانيين الاقتصادية.
ولم تعلن وزارة المالية الاتحادية عن هذه الزيادات في وسائل الإعلام حتى لحظة تنفيذها حسب ما أفاد متعاملون في نوافذ الخدمة الحكومية لـ)عاين)اليوم الأثنين.
وذكر متعاملون في نوافذ مجمعات الجمهور بالعاصمة السودانية اليوم الاثنين أن الزيادة التي وضعت على معاملة ترخيص السيارة قفزت من فيما يتعلق بـ”الفحص” من 4 آلاف جنيه إلى 10 آلاف جنيه ورسم الترخيص قفز بنسبة 250% حسب نوع المركبة.
كما قفزت غرامة “تظليل السيارة” من عشرة آلاف جنيه إلى (15) آلاف جنيه ما يعادل (32) دولارًا.
وفيما يتعلق بإصدار وتجديد جواز السفر زادت الرسوم الحكومية من 25 ألف جنيه إلى 51 ألف جنيه في مجمعات الجمهور بالعاصمة السودانية والتي تديرها وزارة الداخلية بينما بلغ جواز السفر الخاص بالأطفال 26 ألف جنيه والجواز التجاري 250 ألف جنيه.
أما في رسوم المطارات قفزت تذكرة دخول السيارات إلى ساحة المطار الخارجية من 500 جنيها إلى ألف جنيه للساعة الواحدة، وقفزت الغرامة في حال المخالفة أو ضياح ايصال التذكرة من ثلاثة آلاف إلى 30 ألف جنيه.
سد العجز
مصدر بوزارة المالية: الزيادات وضعت لسد العجز في الموازنة الجديدة والذي يبلغ حوالي مليار دولار
وذكر مصدر من وزارة المالية الاتحادية أن لجنة موازنة العام 2023 استبقت إجازة الموازنة التي أودعت لدى مجلس الوزراء- دون تفاصيل- ووضعت الزيادات لتنفيذ الإجراءات المالية وبدء أذونات الصرف.
وأشار المصدر في مقابلة مع (عاين)، إلى أن الزيادات وضعت لسد العجز في الموازنة الجديدة والذي يبلغ حوالي مليار دولار وهناك ضرائب جديدة قد توضع مع إجازة الموازنة خلال الشهر القادم.
من جهتها أعربت المفوضية القومية لحقوق لحقوق الإنسان، عن قلقها البالغ من الزيادات الأخيرة التي طرأت على بعض الخدمات وعبرت عن أسفها على هذه الزيادات التي لم تراع الحالة الاقتصادية والأوضاع المعيشية الصعبة للسودانيين.
وطالبت المفوضية في تصريح صحفي اليوم السلطات بإلغاء هذه الزيادات التي طرأت والتي من شأنها التأثير على تمتع الأشخاص بطائفة كبيرة من الحقوق.
وعبرت المفوضية عن انزعاجها البالغ من الزيادات في الرسوم الدراسية وتؤكد أن هذا الإجراء يتعارض مع الحق في التعليم.
ودعت المفوضية السلطات بمعالجة العجز في الموازنة بعيدا عن تحميلها للمواطنين الذين هم بالأساس يعانون من الأزمة الاقتصادية والتي أثرت تأثيرا بالغا على تمتعهم بجميع الحقوق بما في ذلك الحق في الغذاء الكافي والحق في التمتع بالصحة.
ونوهت المفوضية إلى أنها لاحظت المفوضية القومية لحقوق الإنسان أن هذه الزيادات بنسبة أكبر في بعض الولايات وقالت إن هذه الإجراءات من شأنها زيادة الاحتقان وارتفاع معدلات الفقر.
زيادات في الطريق
من جهته، قال المستشار المالي وخبير المخاطر الاقتصادية مجدي عبد الله، أن “الزيادات التي نفذتها وزارة المالية كانت متوقعة في ظل عجز “موازنة -2023”. ولفت إلى أن السلطة الحاكمة لا تملك موارد إنتاجية وتواجه إضرابات في الأسواق بالتالي لجأت إلى “ضرائب الكتلة الصامتة” وهو الاعتماد على رسوم الخدمات لأنها “كتلة لا تستطيع الاحتجاج والاعتراض بسبب ارتباط أغلبها بمجمعات وزارة الداخلية أو المطارات”.
وأشار عبد الله في مقابلة مع (عاين)، إلى أن الزيادات التي نفذت اليوم غير شرعية ويمكن تقديم طعن لدى المحكمة العليا لابطالها لأنها لم تجاز عبر مؤسسة تشريعية وهذا السلوك السائد منذ ثلاثة سنوات يجب أن ينتهي فورا.
ورجح عبد الله، أن تطال الزيادات العديد من الخدمات الحكومية “غير المرئية” مثل وثائق الزواج وتحويل الملكية ورسوم تسجيل الشركات وتجديد التراخيص وقال إن وزارة المالية تستهدف جني 1.5 مليار دولار من هذه الرسوم لتغطية عجز الموازنة حسب المعلومات التي وردت إليه.
توقعات سيئة
من ناحيته قال الخبير الاقتصادي وائل فهمي لـ(عاين)، إن الزيادات متوقعة وطبيعية في ظل معطيات موازنة 2023 لأن أسباب “موازنة 2022” مستمرة وطالما هناك تضخم لا يمكن السيطرة على أسعار الخدمات وارتفاع الضرائب الحكومية.
وأشار فهمي، إلى أن تباهي وزارة المالية بانخفاض التضخم إلى 88% لكن الأسعار ستستمر في التضخم والزيادات انعكاس للتضخم.
وتابع: “عقلية صانع القرار أن من يستخرجون جواز السفر وملاك السيارات ومن يرتادون المطارات هم أثرياء لذلك زادت الرسوم على هذه الفئات”.
وتوقع فهمي، ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي مقرونا بالتضخم وارتفاع أسعار الخدمات. وقال إن “إنتاج الذهب لم يعد ينعكس على الموازنة فيما يتعلق بسد العجز لأن الحكومة عادة ما تلجأ إلى ضرائب جديدة سنويا”.وحذرالخبير الاقتصادي، من تصميم ضرائب جديدة على قطاعات النقل ربما تؤدي إلى تزايد تدهور الوضع المعيشي لملايين السودانيين. وقال إن “الحكومة فقدت السيطرة على الأسعار”.
وتابع: “ارتفاع الأجور في القطاع العام سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار أو طباعة النقود ” خاصة إذا وضعنا في الاعتبار بعض التحديات الأمنية”.