“رسوم مزدوجة”.. الحرب تضع مزارعي أكبر المحاصيل النقدية بدارفور في محنة
عاين- 4 ديسمبر 2023
تسبب ازدواجية دفع الرسوم المالية في المناطق التي تخضع لسيطرة الجيش من جهة، ومناطق الدعم السريع، في انخفاض غير مسبوق بأسعار المنتجات الزراعية في دارفور، مقابل الارتفاع الكبير لأسعار المواد الغذائية والبترولية الواردة إلى الإقليم.
وتأتي متغيرات الأسعار في أعقاب سيطرة قوات الدعم السريع على أربع ولايات في الإقليم خاصة ولاية شرق دارفور الأكثر إنتاجا للفول السوداني “المحصول النقدي”، ونشرت قواتها على بوابات الولايات ومداخلها الرئيسية بغية فرض رسوم على الشاحنات الصادرة والواردة من ولايات الوسط.
وفقد طن الفول السوداني “المنتج القومي” في مناطق الإنتاج أكثر من ثلث قيمته خلال يوم واحد من إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على الولاية، حيث تراجع طن الفول المقشور إلى 300 ألف جنيه من المزارع عوضا عن 450 ألف جنيه سوداني، في وقت تساوي قيمة الطن 850 ألف جنيه في مناطق التسويق في ولاية الجزيرة والأبيض، وبالمقابل بلغ سعر جالون الجازولين 15 ألف جنيه، بدلاً 6 آلاف جنيه.
ويتخوف التجار من عملية دفع رسوم مرتين، الأولى في مناطق الإنتاج والثانية في مناطق التسويق لجهة عدم اعتراف الجهات الحكومية في ولايات التسويق بالرسوم التي تدفع في ولايات دارفور.
وفي نوفمبر الماضي، قالت قوات الدعم السريع إنها سيطرت على ولاية شرق دارفور وهي من الولايات المنتجة لمحصول الفول السوداني أحد المحاصيل النقدية بالسودان، وتسعى لفرض رسوم إضافية على المحاصيل باعتبارها مورداً مهماً لتسيير العمل.
وانسحبت هذه الإجراءات العسكرية الجديدة على مناطق واسعة في ولايات كردفان المجاورة التي تربط بين ولايات دارفور ووسط السودان، الأمر الذي فاقم من معاناة المزارعين في تسوق منتجاتهم والحصول مستلزماتهم، في وقت يعتمد عديد من سكان ولايات دارفور على إنتاج الفول السوداني، ويعتبر مصدر دخلهم الرئيسي وتأمين احتياجاتهم الضرورية.
في الأثناء، أحجم التجار عن الشراء، وأبدوا تخوفاً من دفع الرسوم مضاعفة؛ بسبب ما خلفه الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع على السلطة، بجانب دفعهم الرسوم الباهظة التي تفرضها المليشيات الأهلية على الطرق.
وعزا تاجر المحاصيل بولاية شرق دارفور عيسى محمود، التراجع المفاجئ في أسعار منتج “الفول السوداني” إلى ازدواجية دفع المعاملات الحكومية، في مناطق الإنتاج التي تخضع للدعم السريع ومناطق التسويق التي تخضع للسلطات الحكومية التي يسيطر عليها الجيش.
ويقول عيسى لـ(عاين)، إن “منذ سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية شرق دارفور مدينة الضعين بالتحديد ارتبكت حسابات التجار، وأحجم الكثيرون من الشراء لجهة أن شرق دارفور منطقة أساسية لإنتاج الفول السوداني ومعبر للولايات الأخرى لاستخراج الأوراق الحكومية على الصادر من دارفور”.
وأضاف: أن “التجار يضعون حسابات دفع الرسوم في شرق دارفور، ويدفعونها مرة ثانية لجهة أن مناطق سيطرة الحكومة في ولايات الوسط لا تعترف إلا برسوم مناطقهم”. وتابع: “في حال استمرار الوضع كذلك دون إيجاد حلول يظل المنتج هو الذي يدفع ثمن أخطاء الآخرين”.
أسواق بديلة
من جهته يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة نيالا في جنوب دارفور، يرى محمود عبدالحميد، إن التعقيدات الاقتصادية التي أفرزتها الحرب في السودان فعلّت نشاط تجار الأزمات، وهم يبحثون عن أسواق بديلة عبر جنوب السودان ودولة ليبيا للتصدير العشوائي للمحاصيل من ضمنها الفول السوداني.
وأضاف محمود في مقابلة مع (عاين): أن “في حال نشطتْ الأسواق البديلة سوف يتجه المحصول النقدي إلى دول أخرى، وهذا من شأنه أن يؤثر سلباً على الاقتصاد المنهار أصلا بسبب الحرب، علاوة على التسبب في خسارة كبيرة للمزارعين ومضاعفة معاناة المواطنين الذين يعتمدون في دخلهم على المنتجات الزراعية”.
ودعا محمود، أطراف الصراع إلى النأي بعيدا عن النشاط المدني، وترك الأمر للولاية المعنية بغض النظر عن خضوع سيطرة السلطة لأي طرف، حتى تستطيع الولايات تسيير الخدمات الضرورية مثل التعليم والصحة.
وبحسب مدير عام وزارة المالية في ولاية شرق دارفور، محمد بكار، إنهم يبذلون مجهودات لاستمرار الإيرادات وتنظيم دولاب العمل، حتى لا يتأثر بالتداعيات التي أفرزتها الحرب التي شهدتها الولاية مؤخرا، وأن استمرار الإيرادات يساعد على استمرار الخدمات الضرورية في الولاية. ويضيف بكار في مقابلة مع (عاين): إن “العمل يسير بصورة جيدة لمنع ازدواجية الرسوم الحكومية في كل ولايات السودان”.