حظر “كورونا” يجبر عائلات سودانية على التخلي عن عادات متأصلة

حظر "كورونا" يجبر عائلات سودانية على التخلي عن عادات متأصلة

تقرير: 22 أبريل 2020م   

على وقع أزمات اقتصادية متلاحقة تقضي آلاف العائلات السودانية في العاصمة ساعات حظر التجوال الطويلة تجنباً لوباء “كورونا” أوقاتاً مختلفة بين استعادة الحياة الاسرية، وحالة الرتابة التي فرضها الالتزام بالقرار الحكومي والبقاء في المنازل، وامتثالاً لذلك تخلت العائلات السودانية عن عادات سودانية اصيلة مرتبطة بالتواصل في المناسبات السعيدة والحزينة.    

وتنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي هذه الأيام صوراً لأباء يقضون اوقاتاً سعيدة مع اسرهم التي ظلوا منشغلين عنها بسبب فترات العمل الطويلة، ولكن فرض حظر التجوال فى السودان وضعهم أمام واقع البقاء فى المنزل فاكتشف معظمهم انهم يتعرفون على أسرهم من جديد.

عودة الحياة الأسرية

تنظر “ملكة عبدالرحمن”- ربة منزل- إلى الواقع الذي فرضه إنتشار فايروس كورونا المستجد حيث اجبر جميع أفراد الأسرة على البقاء فى المنزل، بعين إيجابية وترى ان بقاء الأباء والأطفال فى المنازل أعاد حياة الأسر السودانية الى جمالها بعد ان كان الجميع منشغلين فى توفير المال فى ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. وقالت لـ(عاين)، “اصبحنا نستغل الوقت فى القيام بأعمال المنزل بشكل جماعي وهذه فرصة مناسبة للتقارب والتفاهم بين افراد الاسرة وإعادة ترتيب الأولويات”. 

ويقول مرتضى جبرالله- اب لثلاثة اطفال، ” طبيعة عملي  تقوم على الحركة الدائمة. فجأة وجدت نفسي أمام واقع جديد يتطلب البقاء فى المنزل لثلاثة أسابيع، لدي شعور كبير بالقلق وارغب فى الخروج بشكل كبير، ولم اكن استطيع اتخاذ قرار بالبقاء فى المنزل طيلة اليوم ولاتوجد فى ثقافتنا أخذ عطلات للبقاء مع الأسرة فى المنزل بل نستهلك جل الوقت فى العمل، لكن بقائي فى المنزل اعطى ابنائي إحساس بالسعادة انعكس ذلك على سلوكهم حتى فى اللعب ورغبتهم فى ان نشاركهم يومهم رغم ان ذلك أثر على عملي بشكل كبير واصابني بخسائر مادية كبيرة كغيري من المتأثرين وهي فترة طويلة سيما أنه ليس من الواضح ما سيحدث خلال الفترة القادمة”.

تخلى عن عادات

حظر "كورونا" يجبر عائلات سودانية على التخلي عن عادات متأصلة

يحرص السودانيون فى مناسبات الافراح والاحزان على إقامة مراسم بزخية مصحوبة ببعض العادات والتقاليد المكلفة مادياً، ولكن بعد ظهور فايروس كورونا المستجد اختلفت تلك المظاهر وباتت تأخذ شكل بسيط وغير مكلف. ويقول اكرم جمعه ” قمنا بإكمال مراسم زواج شقيقتي بشكل مختصر للغاية واقتصر الحضور على اسرتينا والقليل من الأصدقاء على الرغم من أننا كنا ننوي إقامته فى صالة أفراح فخمة وسط الخرطوم بحضور مايفوق الألف شخص وعشاء فخم بمشاركة مغني معروف، ولكن قررت الأسرة حفاظاً على صحة الجميع ان تقيم الزواج بشكل مبسط وترتب على ذلك توفير الكثير من الأموال التي كنا سننفقها “

ويضيف جمعة لـ(عاين)، ” ينطبق الحال عندما يتوفى احدهم تحرص الأسر السودانية على قيام مأتم ربما يمتد لثلاثة ايام، ولكن عندما توفي احد سكان الحي الأسبوع الماضي اكتفت أسرته بأن يكون العزاء بمراسم الدفن وعبر الهاتف ولكن الزيارات من السكان المجاورين لم تتوقف أشعر بأن هناك لامبالاة حيث لايزال الجيران يجتمعون بأعداد قليلة لتناول القهوة معاً”.

تواصل اجتماعي خطر

هذا النوع من التواصل الاجتماعي تعده المتخصصة في علم الإجتماع د. ثريا إبراهيم، اكبر مهدد للاصابة بالمرض، وتقول في مقابلة مع (عاين)، ” التواصل الاجتماعي بين السودانيين  فى المناسبات خاصة بين الأفراد الذين لا ينتبهون الى الضوابط الوقائية العلمية أثناء تعاملهم مع الآخرين”.

حظر "كورونا" يجبر عائلات سودانية على التخلي عن عادات متأصلة

وتأسف ابراهيم، لتداول مقاطع وفيديوهات سلبية على مواقع التواصل الاجتماعي تشيع السخرية بين الأزواج وتجعل من الحجر الصحي المنزلي أكثر صعوبة وتسهم فى تنافر الأفراد فى هذه الفترة التي ليس لها نهاية محدده، وبالتالي لابد من التجانس بين الأفراد والأسر لإدارة الحياة اثناء الحجر المنزلي “هذه نقطة مهمة جداً لتخطي المرحلة بسلام وامن داخلي واستقرار نفسي جيد.. ومن أهم الأشياء التي يجب الإنتباه اليها ان الأطفال يحتاجون الإحساس بالاطمئنان هذا يوفره وجود الأم والأب بالمنزل الذين يشكلان طوق الحماية والتوعية”.