السودان: النظام البائد يغير معادلة الاحتجاجات في الثلاثين من يونيو 

1يوليو 2021

قبالة جسر يقع شمال العاصمة السودانية  ردد آلاف المحتجين السلميين من أحياء شرق النيل هتافات مناوئة لأنصار النظام البائد في تغيير مفاجئ لشعارات التظاهر التي كانت ترتكز للضغط على السلطة الانتقالية.

و قد دفعت دعوات نشرها أنصار النظام البائد قادة الحراك السلمي في السودان الى تغيير خططهم بتوجيه المواكب نحو إفشال خطط النظام البائد التي اعتمدت التجمعات في وسط العاصمة للاقتراب من القصر الرئاسي وتنظيم اعتصام ينهي حكومة المدنيين والتحالف مع العسكريين.

عناصر حزب البشير

ويقول معتز حسن من قادة الحراك السلمي في محلية شرق النيل شمال العاصمة السودانية لـ(عاين) إن المواكب كانت متوجهة إلى القصر الرئاسي للمطالبة بالعدالة لمن أرتكبت بحقهم مجزرة  الثالث من يونيو 2019  في محيط القيادة العامة والمعروفة باليلة فض الاعتصام والذى راح ضحيتها ما يقارب الـ 120 شخص وجرح العديد، لكن هذه الدعوات تراجعت في ظل ظهور النظام البائد في المعادلة. فمنذ وقت مبكر من صباح الأربعاء خلت شوارع رئيسية في العاصمة السودانية خاصة قلب السوق العربي من السيارات والمارة، كما أغلقت غالبية المتاجر أبوابها تجنباً لأعمال العنف التي تصاعدت وتيرتها في الآونة الأخيرة.

وبالرغم من المداهمات  التي أجرتها المباحث الفيدرالية التابعة إلى وزارة الداخلية مساء الثلاثاء أفشلت خطط عناصر النظام البائد في اختراق قلب الخرطوم والاقتراب من القصر الرئاسي إلا أن نحو (250) متظاهرا ينتمون إلى حزب الرئيس المعزول عمر البشير تجمعوا قرب محطة حافلة شروني شرق العاصمة وسلكوا شارع القصر نحو مقر مجلس السيادة الانتقالي غير أن الشرطة أطلقت عليهم عبوات الغاز واجبرتهم على التراجع.

وحاولت مجموعات تتبع إلى النظام البائد الاستفادة من وجود تذمر في صفوف الشرطة بسبب تدني الأجور بمغازلتها منذ اسبوع حتى تتمكن من تنظيم اعتصام بالقرب من القصر الرئاسي تجبر المدنيين على التنحي من السلطة مقابل بقاء العسكريين حلفاء لهم.

لكن الملاحقات التي طالت عناصر النظام البائد امتدت إلى مواكب لجان المقاومة في وسط العاصمة وأم درمان وتعرضت إلى قمع مفرط واطلاق متزايد للغاز واضطر المحتجون الى التراجع الى  داخل الأحياء لا سيما في موكب الخرطوم الذي أجبر على التراجع إلى حي الخرطوم ثلاثة عندما اقترب من محطة شروني. وقال معاوية وهو عضو في لجان مقاومة الصحافة : “ان قمع المواكب بحجة وجود خطة للنظام البائد للعودة الى السلطة مبرر ساذج لأن السلطة الباطشة لا تعرف حليفًا دائمًا …يوما ستنقض عليك”.

تعزيزات شرطية 

وشوهدت تعزيزات مكثفة للشرطة وسط العاصمة السودانية إلى جانب حضور كبير لكبارة قادة الشرطة أبرزهم وزير الداخلية الفريق عز الدين الشيخ الذي طاف على جميع الارتكازات في قلب الخرطوم في مسعى منه للتأكد من تأمين مقار القصر والقيادة العامة ومجلس الوزراء.

وذكر عضو لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو صلاح مناع في مؤتمر صحفي يوم أمس الأربعاء أن مجموعات كبيرة من الفلول حاولت استغلال ذكرى الثلاثين من يونيو وكشف عن وجود تحرك لحركة الحسابات لعناصر النظام البائد. وتابع: “عمل كبير ومنظم رصدته لجنة التفكيك من خلال رصد بعض الخلايا في العاصمة والولايات بالتعاون مع الاجهزة الأمنية والشرطة التي تعمل من أجل حفظ أمن الوطن”. وأضاف: ” أن مجموعات من المؤتمر الوطني المحلول تعد لعمل تخريبي وجر البلاد الى الفوضى وجرى توقيف عدد كبير جدا من اعضاء المؤتمر الوطني وملاحقتهم في وسائل التواصل الاجتماعي”.

السودان: النظام البائد يغير معادلة الاحتجاجات في الثلاثين من يونيو

وقال مناع إن لجنة التفكيك مع العمل السلمي وتكفل حق التعبير مضيفا أن اللجنة أوقفت (79) شخصا من المؤتمر الوطني يخططون للعنف ، كما اتهم قنوات لم يسمها بمحاولة تأجيج الصراعات وصناعة الحروب في الإقليم. وتابع: “القناة التلفزيونية الإقليمية لها صلة بالمؤتمر الوطني ونحن نراقبها عن كثب”.

وأوضح مناع أن شركة اتصالات اجنبية تعمل في السودان أوقفت التحصيل الإلكتروني الحكومي لخنق السلطة الانتقالية في 29 يونيو وهي شركة تضج بعناصر الأمن الشعبي قائلًا:” إن لجنة التفكيك ستوضح معلومات مفصلة عن الشركة خلال ساعات”.

السودان: النظام البائد يغير معادلة الاحتجاجات في الثلاثين من يونيو

موكب أم درمان

ومع تقدم موكب أم درمان الذي قادته لجان المقاومة نحو جسر النيل الأبيض منعت الشرطة عبور المحتجين للجسر بإطلاق الغاز المسيل للدموع جوار البرلمان ما أدى الى تراجع المتظاهرين الى الأحياء.

وذكرت هالة عبد الرحمن 23 عاما وهي ناشطة في مقاومة  لجان أم درمان غربي العاصمة السودانية في تصريح لـ(عاين) أن الموكب السلمي لم يتمكن من الوصول الى الخرطوم مشيرة إلى أن المبررات بمنع النظام البائد أضعفت دعوات الخروج ودعت إلى تنظيم صفوف الشارع لمنع النظام البائد من استغلال المواكب. وبعد مرور خمسة ساعات من بداية الاحتجاجات في العاصمة السودانية وبعض المدن مثل الدمازين وكسلا والقضارف نأت الشرطة بنفسها عن إطلاق الرصاص الحي واكتفت بعبوات الغاز ويبدو أن تعليمات مشددة صدرت من وزارة الداخلية في هذا الشأن.

منع التقدم نحو القصر 

ووضعت وزارة الداخلية خطة أمنية قضت بمكافحة الاحتجاجات التي تصل إلى وسط العاصمة السودانية في المداخل الرئيسية بدلا من وصولها الى محيط القصر ومجلس الوزراء والقيادة العامة. ويقول مصدر شرطي تحدث لـ(عاين) إن التعليمات قضت بمنع انتقال المواكب الى محيط القصر او مجلس الوزراء او القيادة العامة لأنه من الصعب السيطرة على الوضع في محيط هذه المؤسسات.

بينما تظاهر المئات في سوق مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط السودان امس الأربعاء وهم يرددون هتافات مناوئة لأنصار حزب البشير في تحول لافت بسبب دعوات تبناها إسلاميون للإطاحة بالمدنيين عن السلطة. فيما كان الوضع مختلفا بعض الشئ بمدينة القضارف شرق البلاد حيث هتف المتظاهرين “الجوع الجوع ولا الكيزان”.

واعتمدت خطة عناصر النظام البائد على تنظيم موكب مركزي وسط العاصمة السودانية وفي مسعى تنظيم تلك الحشود وصل الى العاصمة قبل ساعات مئات العناصر الموالية لحزب البشير وجرى تسكينهم في بعض الفنادق القريبة من محيط القصر الرئاسي. ويقول عضو في لجنة التفكيك في تصريح لـ(عاين) حاولوا شغل جميع الفنادق القريبة من محيط القصر الرئاسي لأن هدفهم تنظيم اعتصام في القصر أو القيادة العامة لكن الشرطة في خطوة استباقية أخلت الفنادق مساء الثلاثاء.