“وفيات تتزايد”.. الوبائيات تحصار سكان ولاية القضارف

عاين- 19 أكتوبر 2023

بعد نجاتها من حرب العاصمة، لم تكن قسوة حياة النزوح كافية لوضع حد لحياة السودانية “عزة” التي فارقت الحياة متأثرة بحمى الضنك بمدينة القضارف شرق السودان بعد تفشي الوباء الذي فتك بحياة أكثر من 700 شخص وفق إحصائيات صادرة من منظمة الصحة العالمية لا يزال يحصد حياة العشرات من المواطنين.

وانتشرت حمى الضنك بولاية القضارف التي استقبلت أكثر من مليون نازح فروا من الحرب بين الجيش والدعم السريع في العاصمة السودانية منذ ستة أشهر.

يقول أحد أقرباء “عزة”  لـ(عاين): “لقد عانت من حمى شديدة وصداع ثم ظهرت عليها علامات الحمى النزفية ولم تصمد أمام التدخلات الطبية في المستشفى بعد اخذها نحو 20 جرعة من المحاليل”.

“في القضارف تُحاصر الحشائش ومياه الأمطار المنازل والأسواق ولا يتم نقل النفايات بشكل منتظم ورغم انتشار الحميات عجزت حكومة الولاية في إيجاد تدابير فعالة لمكافحتها”. يقول العامل في المجال الإنساني الطوعي، أحمد حسين لـ(عاين).

وصول متأخر ووفيات

ومن بين الوبائيات التي تتفشى في ولاية القضارف هي الكوليرا حسب ما نقلت منظمة الصحة العالمية في آخر تحديث لها اليوم الخميس عن تفشي الكوليرا في ولاية القضارف منذ 26 سبتمبر الماضي عقب تأكيد أربعة حالات. وقالت الوكالة الأممية إن “المرض يأتي في الوقت الذي وصل فيه نظام الرعاية الصحية في السودان إلى أقصى حدود الضعف”.

وذكر التقرير الذي تلقت (عاين) نسخة منه، أن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية زاروا مركز عزل الكوليرا في مستشفى القضارف التعليمي ووجدوا أنه في حين قدمت الوكالات ما يكفي من الأدوية لعلاج الكوليرا وأجرت أنشطة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية للتخفيف من تفشي المرض، فقد تأخر وصول المرضى وكثير منهم يعانون من أمراض مصاحبة في المستشفيات وساهم ذلك ربما في ارتفاع عدد الوفيات.

 

ويرى أحمد حسين العامل في المجال الإنساني في مقابلة مع (عاين)، أن الرعاية الصحية الأولية بعيدة عن متناول مئات الآلاف من مواطني ولاية القضارف لأن السلطات المحلية تشكو من شح التمويل الحكومي عقب اندلاع الحرب لكن النظام الصحي والبيئي في الولاية آخذ في التدهور منذ سنوات طويلة.

ويضيف: “المشكلة ليست في الإمكانيات المالية لدى السلطات المحلية ينبغي أن نقر أن المؤسسات الصحية متآكلة ولا تستطيع القيام بدورها لأنها تعمل بنظام نظام عقيم في مكافحة الوبائيات وحملات رش الشوارع والمنازل بعد انتشار الوباء ربما لن تكون حلا ناجعا”.

ويقول حسين: إن “ولاية القضارف ولاية حدودية مع إثيوبيا وتضم مخيمات اللجوء وفي العامين الأخيرين هناك حاجة ماسة لمكافحة الحميات والوبائيات لأن السلطات المحلية لا تفعل شيئا”.

غياب حكومي

في منزل محاط بالألواح المعدنية في أطراف مدينة القضارف التي تتعدى فيها درجة الحرارة الـ 40 درجة مئوية تقيم “سيدة” مع أطفالها عقب نزوحها من العاصمة الخرطوم مع خدمة كهرباء ومياه غير منتظمة. ووفق أحمد حسين مرضت الأم بالحمى واضطرت للمكوث نحو أسبوعين في المستشفى الحكومي وتلقت رعاية طبية واضطرت إلى ترك أطفالها مع الجيران وكادت أن تفقد حياتها لولا وصولها إلى المستشفى في الوقت المناسب يضيف.

مركز إيواء نازحين- مدينة القضارف

فيما ترى المتطوعة في المجال الإنساني مشكاة إبراهيم  في حديث لـ(عاين)، أن أغلب من فارقوا الحياة بسبب الحمى النزفية كانوا يفتقرون للمناعة لم تتمكن أجسادهم من الصمود أمام هذا الوباء الفتاك ربما لعب عدم توفر “التغذية المناسبة” دورا في عدم تعزيز المناعة لدى غالبية الحالات.

وتقول مشكاة إبراهيم، إن “عدد الوفيات بلغ نحو 70 حالة ماتوا متأثرين بالحمى النزفية ربما تكون الأرقام أكبر من ذلك لأن الغالبية لا يأتون إلى المستشفى ويفضلون العلاج بالمنزل أو لا يملكون المال الكافي للوصول إلى المستشفى خاصة من القرى البعيدة”.

وتضيف: “لا يمكن ملاحقة الوبائيات بعد أن تنتشر في المدن لقد تجاهلت السلطات وحتى وكالات الأمم المتحدة تحذيرات من الأطباء والعاملين في المجال الصحي وكان يمكن إنقاذ أرواح العديد من الوفيات إذا تحرك الجميع وفق خطة محكمة قبل فصل الخريف”.