غرف طوارئ شرق السودان .. أمل النجاة لنازحي الحرب
عاين – 4 مايو 2024
في مراكز إيواء النازحين بولايات شرق السودان، يتجول شباب غرف الطوارئ المتطوعين على مدار اليوم، وهم يتلمسون احتياجات الفارين من نيران الحرب المحتدمة في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، وفي ظل غياب السند الرسمي وضعف التدخلات الإنسانية، شكل هؤلاء الشباب أمل نجاة لضحايا الصراع المسلح.
ويتفانى منسوبو غرف الطوارئ في شرق السودان في خدمة نازحي الحرب وتوفير بعض من احتياجاتهم المعيشية، عن طريق جمع التبرعات من الجهات الخيرية وأصحاب المحال التجارية، وهي كحال غرف الطوارئ في كل أنحاء البلاد.
وبعد اجتياح قوات الدعم السريع لولاية الجزيرة، ارتفع معدل تدفق النازحين إلى ولايات شرق السودان الثلاث، القضارف، كسلا، والبحر الأحمر، حيث تضم مدينة بورتسودان وحدها 20 مركزاً للإيواء، بينما استقبلت ولاية البحر الأحمر 239 ألف نازح بما يعادل 47 ألف أسرة، يقيمون في منازل ومدارس ومساجد، وفق الأمم المتحدة.
وتمكن شباب غرف الطوارئ من تخفيف وطأة المعاناة عن نازحي الحرب الذين يواجهون مصاعب معيشية بالغة، في ظل غياب التدخلات الإغاثية من جانب الدولة، والمنظمات الطوعية الدولية والإقليمية، عبر جهود شعبية تكافلية.
ومنذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، يستمر الوضع الإنساني في التراجع، وسط تحذيرات من برنامج الغذاء العالمي من أن يؤدي القتال في البلاد إلى أكبر أزمة جوع في العالم، حيث يواجه 25 مليون شخص أزمة في الأمن الغذائي، ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية طارئة.
مضايقة المتطوعين
وعلى الرغم من الدور الإنساني الذي يقومون به، يتعرض شباب وشابات غرف الطوارئ إلى مضايقات واستهداف من قبل السلطات في المناطق الآمنة والتي يسيطر عليها الجيش، وخلال وقت قريب أبدت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتاين سلامي استياءها تجاه تقارير تفيد بوقوع هجمات على المتطوعين في منظمات المجتمع المدني بالسودان.
وقالت وقتها إن “الموظفين الوطنيين والمتطوعين المحليين هم على خط المواجهة في الاستجابة الإنسانية في السودان، يجب أن يكونوا قادرين على القيام بأمان بجهودهم الحاسمة والمنقذة للحياة”.
وتحدث عضو غرفة الطوارئ في ولاية البحر الأحمر محمود بورتسودان لـ(عاين) عن تجربتهم في العمل الطوعي تجاه النازحين وما واجهه من مصاعب، وهو يشعر بنوع من الرضا على ما تمكنوا من تقديمه حتى الآن، للأشخاص المتأثرين بالحرب والذين وصلوا منطقته بحثاً عن الأمن.
ويقول: “البداية كانت صعبة للغاية بالنسبة إلى شباب يحبون وطنهم، وتطوعوا لخدمة النازحين، فكنا نواجه صعوبات في الحصول على الأدوية خاصة المنقذة للحياة مثل الأنسولين لمرضى السكري، بجانب مصاعب مماثلة في توفير الاحتياجات من الأكل والشرب، بعد ذلك ينتظرنا جهد تنظيمي في ترتيب الوجبات وتقديم الأدوية لمحتاجيها وغيرها”.
وأصبح محمود ورفاقه ينامون في مراكز الإيواء؛ نظراً لزحمة العمل بعد أن تنازلوا عن رفاهيتهم في التواصل مع عائلاتهم وأصحابهم، فمن بين النازحين أطفال وكبار في السن وأشخاص يعانون الأمراض المزمنة وهم بحاجة مستمرة للعون، فكانوا أولوية لذا ضحى المتطوعين بكل وقتهم لأجل إنقاذ هؤلاء المحتاجين.
وواجه متطوعو غرف الطوارئ تحدي خلق إلفة بين النازحين والمجتمعات المضيفة في شرق السودان، وقد شهدت الفترة الأولى بحسب محمود، نوع من عدم التقبل من بعض فئات المجتمع المحلي للوافدين، وقد حدثت العديد من المشكلات، لكن تمكنوا من احتوائها.
وبحسب المتطوعة حنين أحمد، فإن غرفة الطوارئ تواجه كذلك صعوبات في عدم وجود وسائل اتصالات فعالة في الوصول إلى المتبرعين على الأرض، إضافة إلى الصعوبات المالية في ظل احتياجات متنامية للنازحين في مراكز الإيواء.
“نواجه تحدي رفع قدرات المتطوعين في ظل متغيرات كثيرة تتطلب المواكبة، فهؤلاء الشباب ما زالوا بحاجة إلى التطوير حتى يتمكنوا من التماشي مع التحديات كلها” تقول حنين لـ(عاين).
ثناء وتقدير
الجهود المتعاظمة من شباب غرف الطوارئ تجد الثناء والتقدير من النازحين، قبل أن يتشبثوا بهم كطوق نجاة من المأساة الإنسانية التي يعيشونها، وذلك بحسب ما أفاد به آدم – وهو نازح يقيم في إحدى المدارس في مدينة بورتسودان (عاين).
ويقول آدم: “يقوم شباب غرف الطوارئ بدور عظيم في تقديم العون في مراكز الإيواء، فليس لنا أي شيء غيرهم، لقد نزحت من منزلي في العاصمة الخرطوم إلى بورتسودان، وتركت كل شيء خلفي، وفقدت وظيفتي ومصدر دخلي، فلم يكن أمامي خيار غير الإيواء إلى المدرسة، فلم نجد سوى المتطوعين لإنقاذ حياتنا”.