الخرطوم.. مخاوف انتهاكات حقوق الإنسان بعد صدور قانون طوارئ
عاين- 13 مايو 2024
واجه قرار والي ولاية الخرطوم الذي وافق عليه رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان بإعلان حالة الطوارئ في الولاية انتقادات كبيرة لجهة انتهاكاته في عدة نقاط لحقوق الإنسان.
وفي الثاني من مايو الجاري، أعلن والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة حالة الطوارئ في الولاية، وتشكيل خلية أمنية ترصد حركة قواعد الدعم السريع الاجتماعية ضمن مهام أخرى. جاء القرار بعد موافقة رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان على توصية ولاية الخرطوم بإعلان الطوارئ والتعامل مع الأجانب.
وأشار القرار إلى تكوين “الخلية الأمنية” لتعمل على إحالة القضايا التي تحتاج إلى عمل أمني تقليدي طويل المدى إلى القوات النظامية مثل حركة الحواضن المجتمعية من مناطق وجود “العدو”، في إشارة إلى الدعم السريع، إلى مناطق سيطرة الجيش.
ومنذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023 تنتشر قوات الدعم السريع في أجزاء واسعة من ولاية الخرطوم بمدنها الثلاثة، وسيطرت على مقرات عسكرية رئيسية في العاصمة فيما يتحصن الجيش لوقت طويل في مقرات عسكرية قبل أن يحدث تقدما وبسط سيطرته مؤخرًا على معظم أرجاء مدينة أم درمان.
عنف منظم
“المسألة ليست في إصدار القانون نفسه، بل في تنفيذه، ربما تكون انتقائية في بعض الأحيان، وهذا ينعكس سلبا على مجموعات اجتماعية مختلفة، وتطبيق القانون الانتقائي، فيه صورة تمييزية لبعض الفئات والمجموعات السكانية المختلفة في السودان”. يقول الباحث في دراسات السلام والإعلام عباس التيجاني لـ(عاين).
ويشير التيجاني إلى أن قوانين الطوارئ تعمل على الحد من حركة الأفراد بشكل عام، ومعظم مناطق السودان في فترات الحروب المختلفة كانت تحت قوانين الطوارئ، منذ حرب جنوب السودان قبل انفصاله، وإقليم دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق.
ويتابع إن “قوانين الطوارئ منذ اندلاع النزاع الحالي في العام الماضي، طبقت في إقليم النيل الأزرق، ونفذت على أحكام على المخالفين للقانون، وكذلك حظر التجوال في مدينة بورتسودان، وسنار، وولاية نهر النيل، والقضارف، وكل الولايات التي شهدت نزاعات مباشرة أو غير مباشرة”.
ويوضح عباس أن التمييز هو شكل من أشكال الكراهية، ويمكن تصنيف مثل هذا النوع من القرارات، تحت مفهوم العنف المنظم الذي تقوم به أجهزة الدولة، خاصة في حالة ضعف بنية الدولة والهشاشة الأمنية، في الوقت ذاته، لا توجد محاكم، ونيابات تعمل في كل مناطق السودان، والمواطن لا يستطيع رفع أي شكوى لأي جهة للنظر إلى المظالم، بجانب أنه لا وجود للأجهزة التشريعية التي تجيز القرار، والنظر إلى تأثيراته السلبية.
وينوه التيجاني المخاوف من مسألة تنفيذ القرار، وتنفيذه وإمكانيته أن يولد كراهية مضادة اتجاهات المجموعات السكانية المستهدفة. ويرى أن الخطأ إداري، والنزاع مستمر، وفي ذات الوقت، الغالبية تهرب إلى المناطق الآمنة، ومثل هذه القرارات هي قرارات ارتجالية والمتوقع أن ينتشر خطاب الكراهية نتيجة لهذه القرارات، وفي مسألة التنفيذ نفسه.
قرار ليس له معنى
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، عثمان ميرغني، يرى أن قرار حكومة ولاية الخرطوم ليس له أي معنى، وأنه ومنذ بداية الحرب في العاصمة الوضع في حالة طوارئ، وليس هناك شرطة في الشوارع لإنفاذ القانون، والمواطن هو من يقوم بمهام الأمن. ويقول ميرغني: إن “المقصود من إعلان حالة الطوارئ، هو استهداف بعض الأشخاص الذين يتبعون للدعم السريع، أو يعملون معه في تقديم معلومات في الأماكن تحت سيطرة الجيش.
يضيف عثمان لـ(عاين): أن “مثل هذا الأمر، لا يحتاج إلى طوارئ، لأن القوانين العادية للجيش والشرطة تعطي سلطة التعامل مع مثل هذه الحالات، والتعامل بصورة استثنائية ينتج عنها المزيد من الانتهاكات التي تحسب على الحكومة والجيش”. مشيرا إلى وجود تجربة سابقة في بعض المناطق، كان القانون يستهدف قوميات بعينها، عن طريق الملامح والسحنة، هذا أمر غير مقبول، وأوضح من الصعوبة التمييز بين السودانيين، وفرز من يتبع للدعم السريع، أو من لا يتبع له.
إجراءات أمنية متوقعة
ويرى الناشط السياسي، دفع الله إدريس المقيم في منطقة مايو جنوب الخرطوم، أن هناك مخاوف حقيقية بتنفيذ القانون بشكل تمييزي، ويقول إدريس لـ(عاين)، أن “التعامل مع الوجود الأجنبي كما ورد في نص قرار الطوارئ سوف يستهدف أبرياء، ويضعهم في خانة الأعداء، وهذا يسهل عملية تنفيذ الاعتقالات غير القانونية، وهذا العمل في حد ذاته، يعتبر انتهاكا صارخاً لحقوق الإنسان”.
ويوضح إدريس، أن مهام الخلية التي تتمثل في جمع المعلومات وتحليلها وتصنيفها، وقد تستهدف كل الناشطين الذين لم يدعموا الجيش، باعتبارهم محايدين، ويرى أن هذه الطريقة في حد ذاتها سينتج عنها انتهاكات للحقوق الفردية، والجماعية في كل مناطق الحاج يوسف بمحلية شرق النيل، والخرطوم، وبعض مناطق أم درمان التي يسيطر عليها الدعم السريع.
حماية المواطن
المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان عبدالرحمن القاسم، يرى أن هناك تعارض ما بين الوثيقة الدستورية وقانون الطوارئ، ويعتبر القرار عطاء من لا يملك حق إصدار القرار، وإن قانون الطوارئ يصدر لحماية المواطن، وليس تهديد حياته، لأنها تمس حقوق وحريات الناس.
وأوضح عبدالرحمن، في مقابلة مع (عاين)، أن الوثيقة الدستورية تنص على أن إصدار أمر الطوارئ يأتي بقرار من مجلس السيادة بجميع أعضائه، وليس رئيس مجلس السيادة نفسه، وذكر أن الوالي قيد حقوق الأجانب في التنقل دون ذكر الأسباب.