السودان: “عودة قطوعات الكهرباء”.. أعطال وخسائر بسبب الانقلاب 

29 نوفمبر 2022

 لم يمر أكثر من شهر على تحسن نسبي للإمداد الكهربائي في السودان، حتى عادت برمجة القطوعات اليومية منذ الأحد الماضي في جميع المدن والمناطق المشمولة بالشبكة العامة.

تستغرق البرمجة الجديدة من ثلاثة إلى أربع ساعات يوميا بالتناوب بين الأحياء وهي برمجة غير معلنة من وزارة الطاقة والتعدين التي تدير قطاع الكهرباء، ورفض مسؤول من الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء الرد على استفسارات (عاين) بشأن عودة القطوعات بينما ذكر مصدر مطلع في الشركة أن الشبكة العامة فقدت (300) ميغاواط بسبب العطل في محطة أم دباكر بولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد.

تحطم الإنتاج

وخسر السودان بسبب الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش في 25 أكتوبر 2021 منحة غير مستردة من البنك الدولي بقيمة 450 مليون دولار اعتبارا من هذا العام كانت مخصصة لتأهيل قطاع الكهرباء .

وفقد السودان حوالي (600) ميغاواط كانت ستضاف إلى الشبكة العامة للإمداد الكهربائي (تغطي 40% من مساحة البلاد).

وتوقف بسبب انقلاب قائد الجيش مشروع تركيب محطة قري 3 شمال العاصمة السودانية منذ العام الماضي هذه المحطة كانت ستضيف للشبكة 450 ميغاواط في فبراير 2022.

كما انسحبت الشركة التركية المنفذة لهذا المشروع بسبب تعثر التمويل الذي يكلف في المرحلة الأولى 10 مليون دولار تعهدت به الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك.

وعلاوة على أزمة هذا القطاع منذ سنوات فإنه جراء الاضطرابات المناوئة للحكومة المدنية العام الماضي لم يتمكن السودان من إكمال مشروع إضافة 150 ميغاواط من البارجة التركية على ساحل البحر الأحمر.

انقلاب السودان يشل اقتصاد البلاد وتوقعات بموازنة كارثية

وتدفع أزمة الكهرباء السودان إلى تراكم الأعباء على الخزانة العامة بسبب استيراد الوقود سنويا بقيمة مليار دولار لتغطية استهلاك المحطات الحرارية التي تنتج نصف الإمداد.

وقال المحلل في قطاع الكهرباء أبوبكر عبد الرحمن لـ(عاين)، إن محطة بحري الحرارية بالخرطوم بحري شمال العاصمة تستهلك وقود الديزل بقيمة 40 مليون دولار شهريا والفواتير التي المتحصلة من بيع الكهرباء للقطاع السكني لا تغطي تكلفة الإنتاج ولا تزال الحكومة تدعم الكهرباء بنسبة كبيرة.

ويشير عبدالرحمن، إلى أن الوضع في الشبكة العامة للإمداد غير جيد على الرغم من انخفاض الاستهلاك بسبب فصل الشتاء لأن المحطات الحرارية غير قادرة على إنتاج يتناسب مع طاقتها التصميمية بسبب عدم توفر قطع الغيار وتأخر الصيانة.

“قرّي” في الإنعاش

من بين ثمانية ماكينات في محطة قرّي الحرارية شمال العاصمة تعمل خمسة ماكينات وخرجت ثلاثة ماكينات بسبب عدم توفر ميزانية الصيانة وقطع الغيار بحسب مصدر هندسي من هذه المحطة.

ويقول المصدر في حديث لـ(عاين)، “بعض الماكينات بـمجمع قرّي الحرارية أصبحت قديمة وتحتاج إلى تحديث مستمر في وقت تشتري وزارة الطاقة سيارة لاندكروزر لمسؤولي شركة الكهرباء بينما تقبع مكاينات في العراء يمكنها أن تضيف 150 ميغاواط للشبكة العامة”.

ويرى المصدر الهندسي، أن الشبكة العامة للإمداد تدير حاليا حوالي 1700 ميغاواط وهو أقل من الكمية التي تغذي الشبكة في الساعة وتحتاج البلاد إلى 2800 ميغاواط لتغطية الإمداد دون قطوعات يومية.

هيكلة الكهرباء

أما محطة أم دباكر بولاية النيل الأبيض والتي تنتج 350 ميغاواط في حدها الأقصى رغم طاقتها التصميمية لإنتاج 500 ميغاواط فإن خروج بعض وحداتها أثر على الشبكة العامة وأعادت البرمجة منذ الأحد الماضي.

وأوضح مصدر هندسي، أن وحدتين تنتجان 200 ميغاواط في أم دباكر خرجتا عن الخدمة والعمال والمهندسين ينتظرون قطع الغيار.

ويرهن  المصدر في مقابلة مع (عاين)، عودة وحدات محطة أم دباكر إلى الخدمة باستجابة وزارة الطاقة وتوفير قطع الغيار وإرسال مهندسين وفنيين لإصلاح العطل.

 

انقلاب السودان يشل اقتصاد البلاد وتوقعات بموازنة كارثية

ويقول المتقاعد من الهيئة الحكومية للكهرباء، حسن عبد الرحيم لـ(عاين)، إن السودان يصنف ضمن أضعف الدول إنتاجا للطاقة ويحتاج إلى مشروعين لإنتاج الطاقة تصل إلى ألفي ميغاواط بتكلفة تقدر بـ 2 مليار دولار.

وأضاف: “في ذات الوقت هناك فرق بين سعر بيع الكهرباء وسعر الإنتاج لأن الحكومة تدعم الكهرباء لذلك الدول لجأت إلى تحرير الكهرباء مع الإبقاء على حماية الشبكات الاجتماعية عبر التعليم والصحة”.

ويوضح عبد الرحيم، بأن السودان يحتاج إلى ملياري دولار لتحسين البنية التحتية للكهرباء ولا يمكن في ظل هذا الوضع إقتراضه بواسطة المؤسسات المالية الدولية لأنه يمر بفترة اضطراب سياسي وانقلاب عسكري استولى على الحكم وأظهر سلوكا سيئا في تعطيل مشاريع البنك الدولي.