انحسار المعارك يعيد الحياة نسبيًا إلى مدينة الفاشر

عاين- 24 يوليو 2024

بعد نحو أكثر من شهرين على المواجهات العنيفة، تشهد مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، استقرارا نسبياً وعودة إلى الحياة الطبيعية بُغية تراجع المواجهات المباشرة بين الجيش والحركات المتحالفة معه من جهة، وقوات الدعم السريع التي تحاول السيطرة على المدينة.

ومنذ 10 من مايو الماضي تدور مواجهات عنيفة بين الطرفين حول المدينة الوحيدة في دارفور التي تخضع لسيطرة الجيش، مخلفةً قتلى وجرحى وسط المدنيين، ونزوح ما يقارب نصف سكان المدينة، قبل تتراجع المواجهات المباشرة إلى قصف مدفعي متبادل بين الطرفين.

ونقل شهود عيان من المدينة لـ(عاين)، أن قوات الدعم السريع تراجعت بالفعل من بعض الأحياء التي سيطرت عليها منذ مايو الماضي من بينها حي الوحدة والكهرباء والسلام، بالتوازي مع تراجع في القصف المدفعي الذي يستهدف أحياء وسط المدينة، بالمقابل تراجعت عدد الطلعات الجوية التي يشنها طيران الجيش على مواقع الدعم وتجمعات التعبئة في القرى والبلدات في دارفور.

أعداداً كبيرة من المواطنين عادوا إلى منازلهم خاصة في الأحياء الجنوبية والجنوبية الغربية، إلى جانب عودة تجار المواد الغذائية لمزاولة نشاطهم في السوق الشعبي.

أحد سكان الفاشر

وقال زكريا آدم، وهو أحد سكان وسط مدينة الفاشر لـ(عاين): إن “أعداداً كبيرة من المواطنين عادوا إلى منازلهم خاصة في الأحياء الجنوبية والجنوبية الغربية، إلى جانب عودة تجار المواد الغذائية لمزاولة نشاطهم في السوق الشعبي”. ويشير آدم، إلى أنه رغم تحسن الأوضاع الأمنية، إلا أن مخاوف تجدد القتال ما زالت قائمة، وأن معظم التجار يعملون بصورة مؤقتة، ويحملون بضائهم إلى مساكنهم، ويعودون بها اليوم التالي.

وبالنسبة للوضع الصحي، يقول عضو غرفة طوارئ الولاية الطبية، محمد آدم، أن “النظام الصحي بالمدينة يعمل بنسبة أقل من 15 بالمئة، في ظل تدافع مئات المرضى بصورة يومية للمرافق العاملة، لا سيما إصابات الحرب، وأضاف في مقابلة مع (عاين): “نعتمد على أدوية الطوارئ التي تتحصل عليها القوات المسلحة عن طريق الإسقاط الجوي”.

مستشفى الفاشر

وأشار عضو غرفة الطوارئ، إلى أن المواجهات العسكرية تسبب في خروج معظم المراكز الصحية عن الخدمة، وأن المستشفى السعودي الوحيد الذي يعمل بجانب خمسة مراكز صحية صغيرة.

ونوه محمد آدم، إلى أن الاستهداف المباشر للمستشفيات من قبل قوات الدعم السريع تسبب في خروجها عن الخدمة، وأدى إلى حرق كميات كبيرة من المخزون الدوائي في مستشفى الكلى بعد تعرضه للقصف في أثناء تبادل إطلاق النار في يونيو الماضي.

وأشار عضو غرفة الطوارئ الطبية بالولاية، إلى حاجة المدينة الكبيرة إلى كوادر طبية مساعدة وأطباء، وأن المشكلة ليست في نقص الدواء أو وصوله، مشدداً على ضرورة فتح ممرات آمنة لدخول الأطباء والمنظمات التي تعمل في الحقل الطبي.

أسعار المواد الغذائية ارتفعت إلى عشرة أضعاف بسبب الحصار والانخفاض الحاد في قيمة (الجنيه السوداني) ما فاقم من معاناة المواطنين الذين تحاصرهم  الحرب الجوع.

تاجر من الفاشر

وبالتوازي مع انهيار النظام الصحي، توسعت دائرة نقص الغذاء في مدينة الفاشر التي تعاني ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تدخل عن طريق التهريب للمدينة؛ بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة منذ أبريل الماضي.

من جهته، يقول تاجر الدقيق، محمد أبكر عيسى لـ(عاين)، إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت إلى عشرة أضعاف بسبب الحصار والانخفاض الحاد في قيمة العملة الوطنية (الجنيه) أمام العملات الأجنبية ما فاقم من معاناة المواطنين الذين تحاصرهم  الحرب الجوع”.

سوق الفاشر – مايو 2024

وفي ذلك لفت مسؤول في “جمعية خيرية” اشترط عدم ذكر اسمه في مقابلة مع (عاين) إلى أن “معظم المدنيين المحاصرين في المدينة يعتمدون على تلقي وجبة واحدة في المطابخ الخيرية المنتشرة في أحياء المدينة، والمدعومة من خيرين من أبناء دارفور بالخارج”.

ميدانياً تسيطر قوات الجيش على الجزء الشمالي من المدينة، مروراً بمخيم أبشوك للنازحين والأجزاء الغربية من المدينة حتى “خزان قولو” الذي يغذي شبكة مياه المدينة، ويبعد نحو 17 كيلومتراً غرب المدينة.

وامتدت سيطرة الجيش والحركات المسلحة المساندة له على الأحياء الجنوبية للمدينة، وعادت انتشارها في أحياء السلام والوحدة بعد تراجع الدعم السريع بعد مقتل اللواء علي يعقوب قائد عمليات الفاشر في يونيو الماضي.