بعد يوم دام .. كارثة إنسانية في الفاشر
عاين – 11 مايو 2024
دخلت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في نفق كارثة إنسانية شاملة، بعد أن شهدت معارك دامية بين الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه، وقوات الدعم السريع، والتي خلفت قتلى ومصابين من المدنيين لم يجدوا ما يضمد جراحهم بسبب نقص الأدوية والمراكز الطبية، مقابل عجز في المواد الغذائية نتيجة إغلاق الأسواق.
وتكدس الجرحى من المدنيين في مستشفى جنوب الفاشر وهو الوحيد المتبقي لخدمة المواطنين، بالجرحى المدنيين وإمتلأت العنابر والساحة الخارجية، كما امتلأت المشرحة بجثامين القتلى الذي سقطوا نتيجة لعمليات القصف العشوائي الواسعة التي شهدتها المعارك العسكرية في المدينة أمس الجمعة، في ظل شح في الإمكانيات ونقص في الأدوية، وفق ما نقلته مصادر طبية لـ(عاين).
وشهدت مدينة الفاشر العاصمة التاريخية لإقليم دارفور الجمعة، مواجهات هي الأعنف منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل من العام الماضي، استمر لنحوت 10 ساعات، وكانت بمشاركة الحركات المسلحة المتحالفة مع القوات المسلحة للحفاظ على آخر معاقلها في دارفور.
ولم تتمكن لجنة الطوارئ الصحية في شمال دارفور من حصر المصابين والضحايا نتيجة لكثرة عددهم، وفق ما ذكرته في تعميم صحفي، كما اضطر المرضى للفرار من المستشفيات الواقعة وسط مدينة الفاشر بعد تعرض مشفى الأطفال إلى قصف مدفعي، والذي طال كذلك أحياء مأهولة بالسكان المدنيين غرب وجنوب المدينة.
انهيار طبي
وقال عضو لجنة الطوارئ الصحية- جهة حكومية- في شمال دارفور، الطبيب خالد أبكر لـ(عاين) “هناك مئات الجرحى المدنيين أُسْعِفُوا إلى مستشفى جنوب المدينة، الذي يقع بعيداً عن مسرح المواجهات، فيما أُسْعِف العسكريون إلى المستشفى العسكري”.
وحذر خالد، من انهيار الخدمات العلاجية للمصابين؛ بسبب نفاد أدوية الطوارئ.
وأضاف المسؤول الحكومي، أن استمرار المواجهات العسكرية وانعدام سيارات الإسعاف سيعيق وصول الجرحى، ويؤثر في قدرة المستشفى الجنوبي على استقبال مصابي الأعمال القتالية، مما يستوجب على الأطراف المتقاتلة فتح الممرات أمام حركة الأطقم الطبية لإخلاء الجرحى من داخل الأحياء السكنية في الفاشر.
ورغم توقف الاشتباكات اليوم السبت، إلا أن سكان المدينة يعيشون حالة من الرعب والترقب لتجدد المعارك، ويبدي حسن محمدين وهو مواطن من الفاشر من تجدد الهجمات العسكرية بين الطرفين، رغم تأكيد قوات الدعم السريع عزمها الخروج من الأحياء والمؤسسات الحكومية.
وقال حسن لـ(عاين): إن “المواجهات عادة تتم بالأسلحة الثقيلة بعيدة المدى لجهة أن معظم الأضرار التي لحقت بالمدنيين كانت تأتي من مواقع ليست بقريبة عبر قذائف الهاون المتفجرة، وذلك يشكل خطراً كبيراً على المواطنين”.
وجاءت المواجهات المسلحة بعد شهر من الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة، مما تسبب في أزمة إنسانية بعد موجات نزوح داخلي لسكان الأحياء الشرقية والشمالية الشرقية إلى الأحياء جنوبية ومخيمات النازحين، علاوة على منع دخول مواد الإغاثة والشاحنات التجارية إلى الفاشر الشيء الذي فاقم معاناة السكان.
هجوم متبادل
وقال قائد ميداني في القوة المشتركة للحركات المسلحة اشترط عدم ذكر اسمه في تصريح لـ(عاين)، إن “قواتهم نفذت هجوماً استباقيا على ارتكازات قوات الدعم السريع في بورصة المحاصيل شرق المدينة، بجانب أحياء الكهرباء، ومدرسة المنهل الواقعة شرق الفاشر، وألحقت بها خسائر كبيرة في العتاد والأرواح”.
ويضيف: “القوات المشتركة تقدمت لمواقع جديدة شرق الفاشر بعد تراجع قوات الدعم السريع من البوابات الشرقية والشمالية من المدينة على بعد (20) كيلومتر، علاوة على فتح الطرق الجنوبية الغربية إلى بلدة شقرة على بعد (40) كيلومتر”.
من جهته، قال المتحدث باسم قوات الدعم السريع الفاتح قرشي إن “قواته صدت هجوما من الجيش والحركات المسلحة على مناطق تمركزها في الفاشر، وكان الهجوم عبر ثلاثة محاور؛ مما أدى إلى إصابات وسط المدنيين في الأحياء السكنية ومعسكرات النازحين، وفرار الآلاف خارج المدينة”.
وبثت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو “الجمعة” لمواطنين في مدينة الفاشر، بجانب الحركات المسلحة وجنود الجيش، وهم يحتفلون بالانتصار، واستعرضوا ثلاث مركبات قالوا إنهم استولوا عليها في معارك الفاشر .
وتأتي الاحتفالات بالتوازي مع تغريدة لرئيس حركة تحرير السودان “مني أركو مناوي” “الجمعة” قال فيها إن “القوة المشتركة والأجهزة النظامية الأخرى أجبرت قوات الدعم السريع على التراجع”.
وتأوي الفاشر أكثر من مليون مدني معظمهم من النازحين وضحايا حرب دارفور، باتوا محاصرين لأكثر من شهر، لا يستطيعون مغادرة المدينة إلى المناطق الآمنة، أو الحصول على الغذاء؛ بسبب غلق الطرق ومنع شاحنات المواد الغذائية والبترولية من الدخول الولاية.