“مدارس مدافن للموتى”.. حملة في السودان لإنقاذ التعليم
عاين- 27 يوليو 2024
تحولت مدارس في العاصمة السودانية إلى مدافن لموتى المعارك العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع “شبه العسكرية” بما في ذلك الموتى الذين حوصرت عائلاتهم في الأحياء- بحسب لجنة المعلمين السودانيين التي أطلقت اليوم السبت حملة لمناهضة الحرب.
ينبغي أن نرفع صوتنا عاليا بوقف الحرب وأطلقنا حملة لنسلط الضوء على أزمة التعليم
متحدث باسم لجنة المعلمين
وتحت وسم “المعلمين..دعاة السلام”، أطلقت لجنة المعلمين السودانيين حملة مناهضة الحرب، ويهدف المعلمون لتسليط الضوء على قضية الحرب وانعكاسها على التعليم بترك 18 مليون طفل خارج مقاعد الدراسة منذ 16 شهراً بينهم 6 ملايين طفل كانوا في الأصل خارج التعليم قبل الحرب بسبب الفقر والنزاعات المسلحة.
ويقول المتحدث باسم لجنة المعلمين السودانيين – جسم نقابي- سامي الباقر لـ(عاين): إن ” 16 شهرا من الحرب تهدد تعليم 18 مليون طفل في السودان.. ينبغي أن نرفع صوتنا عاليا بوقف الحرب لذلك أطلقنا حملة لنسلط الضوء على أزمة التعليم؛ بسبب الصراع المسلح في السودان.
ويشير الباقر إلى إن الحرب أبقت 350 ألف معلم وعامل في التعليم على مستوى البلاد دون أجور منذ أكثر من عام، ووضع 12 مليون طفل خارج الفصول الدراسية و6 ملايين طفل كانوا خارج التعليم قبل الحرب.
وأضاف: “في حملتنا نستهدف تعريف الرأي العام المحلي والعالمي بفداحة توقف المدارس وسير الأطفال نحو المجهول حرب تدمر حاضرهم وعدم تعليم يدمر مستقبلهم”.
المدارس مدافن ودور إيواء
ويرى الباقر ، أن الحرب أدت إلى تحويل عشرات المدارس ساحات لدفن الموتى في العاصمة السودانية منذ الأسابيع الأولى للقتال لم تكن هناك ممرات للذهاب إلى المقابر لذلك الناس دفنوا موتاهم وضحايا المعارك داخل سوح المدارس.
(6) آلاف مدرسة تحولت لمراكز إيواء من جملة 22 ألف مدرسة في عموم السودان.
لجنة المعلمين السودانيين
ويشير الباقر، إلى تحول ستة آلاف مدرسة لمراكز إيواء من جملة 22 ألف مدرسة في عموم السودان، وبينما أعلنت بعض الولايات انطلاق العام الدراسي لم تتمكن سوى ولاية نهر النيل شمال البلاد من إكمال السنة الدراسية.
وأدت الحرب إلى تدمير بعض المدارس، لا سيما في الخرطوم حيث وقعت القذائف الصاروخية على الفصول الدراسية كما نُهبت المعينات والأثاثات، ولا يزال محيط بعض المدارس تحتاج إلى حملات لإزالة المقذوفات التي لم تنفجر.
ويرى المتحدث باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر أن إعادة الوضع إلى مرحلة ما قبل الحرب نوع هو الأمر الذي نطمح إليه بمعنى أن جودة وشمول وعدالة التعليم يصبح الحديث عن الأشياء ترفاً.
وأضاف “نتطلع لاستعادة العملية التعليمية من الحد الأدنى نحن نعلم الخراب الذي طال المدارس وعدم صرف المعلمين الأجور الشهرية لعام كامل، وتوقف الدراسة.. كل هذه التحديات يمكن حلها إذا توقفت الحرب”.
وأردف “اختبرت بعض الولايات استئناف العام الدراسي مع الحرب لكنها فشلت لأن الظروف المحيطة بالعملية التعليمية لا يمكنها حل في ظل غياب الظروف الموضوعية”.
وحول صرف أجور المعلمين يقول الباقر، أن “الحكومة صرفت راتب شهر أغسطس 2023 للمعلمين في جزء من ولاية الخرطوم قبل شهر وكأنها تتبع سياسة التخدير تصرف الأجور شهرياً في كل ولاية”. وزاد قائلا “لم يحصل المعلمون على الأجور منذ عام نحن هناك نتحدث عن معلمين لم يصرفوا راتب شهر أغسطس 2023”.
وكانت منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة “اليونسيف” أعلنت دعمها للولايات التي تستأنف العام الدراسي ومع ذلك فإن الحكومات المحلية وفقاً للعاملين في مجال التعليم لم تف بالالتزامات ما جعل بعض المدارس تجد صعوبة في التعامل مع الوضع.
توقف التمويل الحكومي
ولم تعلن وزارة التربية والتعليم من مقرها بمدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر التمويل الحكومي للتعليم في 18 ولاية سودانية، ويشكك الخبراء في التعليم عما إذا كانت الدولة خصصت ميزانية للتعليم، ويقولون إنها تمنح الأولوية للإنفاق العسكري.
يقول الخبير التربوي بدر حسن لـ(عاين): إن “مشكلة التعليم في ظل الحرب عدم استقرار الولايات؛ لأن الناس عندما يحاولون التعايش مع ظروف قهرية خلال الصراع المسلح في السودان تمتد إليها الحرب كما حدثت في ولايتي الجزيرة وسنار وغرب كردفان”.
الحكومة لا تعتبر الصرف على التعليم أولوية، ولم تخصص له ميزانية خلال العام 2024
خبير تربوي
ويرى حسن، أن الحكومة القائمة لا تعتبر الصرف على التعليم أولوية، ولم تخصص له ميزانية خلال العام 2024، وتركت الأمور للمحليات لتدبير أمورها في تمويل العام الدراسي من الحد الأدنى مثل صرف الأجور لبعض المعلمين.
ويقول بدر حسن، إن “عقلية الدولة حاليا غير مهمومة بتوقف التعليم ولا بضياع مستقبل 18 مليون طفل في السودان حتى المنظمات الدولية مثل اليونسيف دعمها يكاد يكون صفريا للتعليم في السودان”.
ويشير إلى الحل منع تمدد الحرب بوقف هجمات الدعم السريع على المدن وبناء مخيمات للمواطنين في مناطق النزوح وفتح المدارس داخلها بتمويل من اليونسيف مثل ما تفعل الأونروا وتمويل المدارس في الولايات الواقعة تحت سيطرة الجيش عن طريق المبادرات الأهلية والضغط على الحكومة والأمم المتحدة للوفاء بالالتزامات الضرورية”.
وأضاف: “حتى إذا توقفت الحرب لا يمكن استعادة العملية التعليمية دون تمويل ضخم يعيد تأهيل المدارس، ويعوض المعلمين ماليا لعام كامل، ويوفر الوجبات المدرسية هذا المشروع يحتاج إلى نصف مليار دولار”.