السودان: الحرب تحرم الأطفال حق التعليم
عاين- 15 فبراير 2024
بعد أن فقدت كل الآمال في استئناف أطفالها الخمس لرحلتهم التعليمية، قررت “حفصة حسن” النازحة من مدينة أم درمان اللجوء إلى إحدى دول الجوار برفقة أطفالها لتُوفر لهم حق التعليم الذي أصبح مفقوداً في السودان على حد تعبيرها.
أطفال حفصة الخمس هم من بين ١٩ مليون طفل سوداني أضحوا بلا تعليم بعد وصول الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى شهره التاسع.
وتشير إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إلى أن من ضمن ١٩ مليون طفل سوداني هنالك ٦.٥ مليون طفل لا يُمكنهم الوصول إلى المدارس؛ بسبب تزايد العنف وانعدام الأمن في مناطقهم، حيث اضطرت ١٠.٤٠٠ مدرسة تقع في مناطق النزاع لأن تغلق أبوابها.
حق أساسي
تقول حفصة حسن النازحة من مدينة أم درمان في مقابلة مع (عاين) أنهم اتخذوا قرار النزوح إلى ولاية البحر الأحمر، وعانى أطفالها من الأمراض المنتشرة، لذلك قرروا اللجوء إلى إحدى دول الجوار ليحظى الأطفال ببيئة أفضل.
وتضيف:” أتخوف كثيراً على مستقبل أطفالي، لدي فتاة كانت قبل الحرب تدرس بالمرحلة الثانوية، وطفل بمرحلة الأساس، وأطفالي الآخرين كان من المفترض أن يلتحقوا بمرحلة التعليم ما قبل المدرسي، لكن جميعهم الآن عاطلون عن التعليم، ولا ندري متى ستكون نهاية الحرب، وكيف سيتم استئناف الدراسة “.
كذلك تشكو حفصة من أن أطفالها يعانون حالة نفسية سيئة بسبب تراكم أحداث الحرب، لذلك ترى أنهم حتى ولو استقرت الأوضاع داخلياً، فلا يمكنهم أن ينخرطوا مباشرةً في عملية التعليم.
تؤكد اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة على أن لكل طفل الحق في التعليم، ويجب أن يكون التعليم الأساسي مجانياً، والتعليم الثانوي والعالي يجب أن يكونا متوفرين، وينبغي تشجيع الأطفال على الذهاب إلى المدرسة للحصول على أعلى مستوى تعليمي ممكن، وعلى المدارس احترام حقوق الأطفال وعدم ممارسة العنف بأي شكل من الأشكال.
حالة مربكة
الخبير التربوي ومدير إدارة التعليم قبل الحكومي السابق صالح أحمد في مقابلة مع (عاين) ذكر أن بداية العام الدراسي كان من المفترض أن تكون كأقصى حد في أكتوبر الماضي، لكن بسبب ظروف الحرب التي تمر بها البلاد تأخر الأمر. ويضيف في حديثه:” يجب ألا يكون هنالك عام دراسي نسبةً للأوضاع الأمنية المعقدة التي تمر بها البلاد، كما أن هنالك عدة تحديات تواجه قطاع التعليم، مثل مرتبات المعلمين، وتحديات طباعة الكتاب المدرسي، ومشاكل الطلاب العالقين بمناطق الصراع، وازدحام المدارس بالنازحين).
ويرى أن المشكلة تكمن في أن السلطات بالبلاد لم تبت في أمر بداية العام الدراسي أو تعليقه، مما تسبب في حالة من الإرباك، وعلى حد تقديره، فإن سلطة الأمر الواقع لم تسع لعلاج أزمة التعليم علاجاً جذرياً بدليل أن هنالك عدداً كبيراً من المدارس تحولت لدور إيواء للنازحين، ولم تتم معالجات السكن لهؤلاء النازحين.
ويرى صالح أحمد أنه لا يجب التركيز في قضية على حساب أخرى، فيجب معالجة قضايا النازحين، وفي نفس الوقت يجب إيجاد حلول عملية لقضايا التعليم؛ لأن التعليم حق.
حلول بديلة
في خيمة كبيرة نصبتها منظمة اليونيسيف بداخلية الشهيد محمد شيبة بمدينة بورتسودان يجلس عشرات الأطفال أمام الأجهزة اللوحية التعليمية لدراسة مواد مثل الرياضيات والثقافة والعلوم التقنية.
تقود منظمة صدقات بالتعاون مع يونسيف مشروع التعليم الإلكتروني للأطفال، ورغم انقطاع المسيرة التعليمية، إلا أن كثيراً من المبادرات نشأت بهدف سد الفراغ التعليمي لدى الأطفال، وتؤكد منسق مشاريع التعليم الإلكتروني بولاية البحر الأحمر غفران محمد علي على أن الدواعي الأساسية لمشروع التعليم الإلكتروني نبعت من حالة الفراغ التي يعايشها أطفال السودان حالياً.
وتقول غفران محمد علي أنهم ضمن مشروع التعليم الإلكتروني أسسوا ما أسموه بـ “المساحات الآمنة “وهي أماكن صديقة للأطفال تقدم الدعم النفسي والاجتماعي، وتضيف:” قبل بدء العملية التعليمية وجدنا أنه من الضروري إعادة الأطفال للحياة عبر ممارسة أنشطتهم الطبيعية، وتضم المساحة الآمنة الأطفال من عمر أربعة إلى ثمانية أعوام).
ويقدم المشروع بولاية البحر الأحمر خدماته لـ ٨٠ طفلاً بمعدل ساعتين في اليوم، ويدرب الميسرون الأطفال وتعليمهم.
وترى غفران محمد أن الأمر الإيجابي والملموس هو أن المسيرة التعليمية للأطفال مستمرة رغم غياب التعليم النظامي، كما أن أحد أهداف المشروع دمج الأطفال في الحياة الطبيعية.