“أخطاء في النتائج” .. ماذا تبقى من سمعة الشهادة السودانية؟

عاين- 19 مايو 2025

أصيبت الطالبة ملاك خالد وأسرتها بخيبة أمل وإحباط شديد بعدما ظهرت نتيجتها في امتحان الشهادة الثانوية في السودان، بالرسوب، وذلك بخلاف ما كانت تتوقعه بناء على تفوقها الأكاديمي في كل مراحلها الدراسية، لتعيش حالة من الصدمة والحزن؛ نظراً لحصدها السراب بعد عامين من الاجتهاد.

ربما كانت ملاك واحدة من ضحايا أخطاء صاحبت نتائج امتحانات الشهادة الثانوية التي جرى إعلانها مطلع مايو الجاري، تمثلت في عدم دقة النظام الإلكتروني للحصول على نتائج الامتحان على نحو فردي من خلال إرسال رقم الجلوس عبر شركات الهاتف المحمول في البلاد، أو الموقع الإلكتروني لوزارة التربية والتعليم.

ومن بين الأخطاء التي صاحبت نتائج هذا العام، بحسب ما رصده طلاب وأولياء أمور في السودان، ظهور نتائج بالنجاح لطلاب وطالبات لم يجلسوا إلى امتحانات الشهادة الثانوية أصلاً، كما ظهر نتائج لطلاب بأسماء طالبات عندما أرسلوا أرقام جلوسهم عبر خدمة الرسائل النصية، كذلك تفاجأ طلاب وطالبات متفوقون بنتائجهم وهي رسوب، بينما حقق طلاب ذوي مستوى أكاديمي منخفض، على نسب عالية في امتحان الشهادة السودانية.

وجرى إعلان نتائج امتحانات الشهادة الثانوية في السودان للدفعة المؤجلة من العام 2023 بسبب الحرب، مطلع مايو الجاري، وكانت الامتحانات قد انعقدت في المناطق التي يسيطر عليها الجيش في شرق وشمال البلاد، بينما لم يتمكن آلاف الطلاب في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وإقليمي كردفان ودارفور غربي السودان.

مواصلة التحدي

ورغم التحديات التي واجهتها الطالبة ملاك خالد في سبيل الجلوس إلى امتحانات الشهادة الثانوية وسط أجواء حرب مدمرة، إلا أنها لم تجد خيارا غير خوض التجربة مجددا بعدما فشلت في الحصول على نتيجتها الحقيقية، فلم تجد أي إجابة حتى من المدرسة التي امتحنت من خلالها.

وتقول ملاك لـ(عاين): “لم تدافع عني مدرستي، وذكرت أنها لن ترفع أي شكوى للسلطات العليا، وتركت لنا كطلاب متضررين خيار الذهاب على نحو فردي إلى وزارة التربية والتعليم في الدامر بولاية نهر النيل للتظلم ضد نتائج امتحانات الشهادة الثانوية”.

لكن هذه الطالبة قررت خوض تحد جديد والاستعداد إلى الجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية المقبلة في السودان، لأنها تدرك صعوبة مراحل التظلم لوزارة التربية والتعليم ضد نتائج الشهادة الثانوية، فالعملية أيضاً ربما تقتضي رسوم مالية مقابل مراجعة الأوراق.

مدرسة في العاصمة الخرطوم- ارشيف

وتحظى الشهادة الثانوية في السودان على مر تاريخها بسمعة وكفاءة عالية مع دقة في نتائجها، ويتم تقيمها بأنها الأرفع من بين الشهادة الثانوية في العديد من دول المنطقة.

وعاش العديد من الطلاب هذا العام صدمة النتائج في امتحانات الشهادة الثانوية بالسودان، في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخها. يقول آدم مصطفى وهو اسم مستعار لطالب ثانوي سوداني إنه “تفاجأ بحصوله على نتيجة رسوب في امتحان الشهادة الثانوية لهذا العام، وقد ظهرت نتيجته بأن نسبته في كل المواد الدراسية صفر.

ويضيف في حديثه لـ(عاين): “هذا أمر مستحيل، لقد كنت متفوقاً في دراستي الأكاديمية في كل المراحل، وقد عملت بصورة جيدة خلال امتحانات الشهادة الثانوية، وكانت توقعاتي أن نحصل على درجة 80% على الأقل، لكني تفاجأت بأن محصلتي في كل المواد صفر وهذا أمر مستحيل، هناك خطأ في هذه النتيجة”.

لجنة مستقلة

من جهته، قال المتحدث باسم لجنة المعلمين السودانيين، سامي الباقر لـ(عاين): إنه “حسب الشكاوى التي تلقوها، فإن الأخطاء التي صاحبت نتائج امتحانات الشهادة الثانوية الدفعة المؤجلة 2023م، تمثلت وجود طلاب جلسوا إلى الامتحان وعند إدخال رقم الجلوس ظهرت نتيجتهم بأنهم كانوا غياباً، بجانب أن طلاباً أعادوا إرسال أرقام جلوسهم، فكانت النتيجة في المرة الأولى رسوباً والمرة الثانية نجاح”.

وذكر الباقر، أن بعض الطلاب والطالبات كانت نتائجهم في امتحانات الشهادة الثانوية غير منطقية، بناء على مستوياتهم الأكاديمية في المراحل الدراسية المختلفة.

ويرى سامي، أن حل هذه القضية هو مراجعة النتائج بواسطة لجنة تحقيق مستقلة، تتولى معرفة ما حدث؛ ومن ثم تحدد المسؤولية والمحاسبة، وذلك بغرض إنصاف الطلاب والطالبات المتضررين.

وكان وكيل وزارة التربية والتعليم عمر خليفة نفى خلال تصريح صحفي في 3 مايو الجاري، أي أخطاء صاحبت نتائج امتحانات الشهادة الثانوية للدفعة المؤجلة من 2023م، وقال إن “العملية مرت مثل سابقاتها بصورة لا تجعل أحتمالا واحداً للخطأ، حيث تمت مراجعتها وإجازتها من قبل مجلس الوزراء”.

واتهم خليفة وقتها جهات لم يسمها بالعمل على إفساد فرحة الشعب السوداني والطلاب وأسرهم، لافتاً إلى أن الشهادة الثانوية تتمتع بكل شروط الاعتماد والموضوعية واكتسبت سمعة عالمية.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *