إقتصاد السودان.. شكاية الناس وضعف الحلول

إقتصاد السودان.. شكاية الناس وضعف الحلول
تقرير: عاين 19 يوليو 2019م
في ظل النزاعات والتوافق، بين قوى الحرية والتغيير من جهة، والمجلس العسكري والحرية والتغيير من جهة اخرى.  طال أمد الفراغ الدستوري الإداري، وتغيبت مخاطبة قضايا العيش اليومي. ” قفة الملاح” حيث يرزح المواطن السوداني محدود الدخل تحت وطأة المعاناة، غلاء الأسعار، تطاول صفوف الخبز.. الصراف الآلي.  فهناك من لا يسد رمقة منذ الصبح، وآخر يقدم وجبة بلا قيمة غذائية لفلذات أكباده، يموت مع كل “لقمة” تذهب إلى فم اطفاله لمعرفته بأن ذلك لملء الأمعاء من الجوع وليس للحياة. ما أن يفرغ من رهق عمل شاق لتجهيز قوت يومه،  يجد احد ابناءه يتلوى مرضاً اسبابه نقصان الغذاء. حال المواطن الذي تصفه بائعات خضار في سوق امبدة كرور بـ” وجبة واحدة لاطفالك تكلف 175 جنيه “. والذي يقابل ضُعف الإنتاج وتزايد أسعار الواردات فاقم من ارتفاع العملات الاجنبية مقابل الجنية ومازالت الادوية المنقذة للحياة في شح. بلغ سعر الجنيه  الـ( 70 )مقابل الدولار. سكن الاقتصاد في انكماشه فلم يشهد أي انتعاش منذ أواخر العام 2018 .

عوامل ذات ارتباط  بالمعيشة اليومية، تحاصر المواطن كل صبح. مع غياب الوسائل الناجعة لإصلاح الاقتصاد مما يزيد  المعاناة التي ستؤثر على عملية الإصلاح السياسي الذي يكافح لاجله السودانيين منذ أواخر العام المنصرم. 

شكاية الناس

يقول محي الدين محمد ، تاجر بسوق  الخضار في سوق كرور : ” الناس بتجوط  فينا بسبب الأسعار المرتفعة ونحن بقينا ندفع  250 جنيه اًبدلاً عن 80 لايصال البضائع بسبب غلاء الوقود”.  موضحاً بالقول: هناك ظاهرة جديدة في الأسواق، وهي أن غالبية الناس يترددون لمعرفة الاسعار دون شراء.  ويضيف محمد: الذي قدم الى الخرطوم من مناطق الصراع في جنوب كردفان منذ 12 عام “الناس بسألو من الأسعار ويمشو بدون بيع او شرا”!.  لم تقتصر الشكاية على ئعي الخضار او اصحاب محال القطاعي اذا تشمل الازمة عمال المباني، اصحاب الحافلات وغيرهما من عمال المهن الصغيرة  التي يصل فيها مستوى دخل الفرد اليومي إلى (200 )جنيه دخل أعلى. 

 إقتصاد السودان.. شكاية الناس وضعف الحلول

 المواطن أحمد  يملك متجراً بسوق كرور قال  لـ(عاين) ان مبلغ ( 200 ) جنيه هي  أعلى دخل يتوقعه الفرد يومياً. واستدرك  ” لكنها ما بتكفي، اقل شي داير ليك 250 جنيه لتغطية الأساسيات”.   وتساءل أحمد كيف لبلد غني بالموارد كالسودان الفرد فيه لا يستطيع توفير وجبة والأوضاع تزداد من سؤ الى سؤ؟.  موضحاً أن مواسير مياه الشرب ظلت متوقفة لفترات طويلة في ظل ارتفاع برميل الماء الذي وصل سعره الـ( 200) جنيه؛ مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتطلب توفر المياه.  ويعقد احمد مقارنة بين أوضاع الناس في العاصمة الخرطوم التي تتوفر فيها أسباب الحياة بشكل أفضل وبين مناطق النزاع في كل من جنوب كردفان – النيل الازرق و دارفور. ويقول ” ده حال الناس في الخرطوم كيف يكون وضع الحياة في جبال النوبة ودارفور مناطق الحرب”.

 تلبية اسعار

من جهته يقول  سليمان إبراهيم  من أم درمان:  “انا بعمل في ثلاثة وظائف مختلفة،  في نفس الوقت اخوي الكبير بمشي بره للمساعدة  ومع ضغوط الحياة بقى مافي وكت لملاقاة الاسرة”.  أما المواطن محمد المصطفي  قال لـ(عاين) الاسعار تزايدت ضعف سعرها الاساسي ” كيلو اللحمة من( 160)  جنيه هسي بقى( 360 )جنيه”. ويزيد الأسر تعمل الآن لساعات إضافية، وفي كثير من الأحيان وظائف إضافية، لمجرد تلبية الأسعار الحالية.   ويقرأ د. محمد يوسف هذا الحديث من زاوية  ان ارتفاع الاسعار ومجاراة الحياة قد يلقي بظلال سالبة  على مواصلة النضال من أجل الإصلاح السياسي. “المواطن العادي وعائلته يعتمدون على الدخل اليومي ، والذي يتأثر من الخروج والدعوة لحكم مدني قد يتوقف  لتسيير حياته”.

وزنة جديدة

إقتصاد السودان.. شكاية الناس وضعف الحلول

تقول سعدية سنهوري : “في الايام دي الناس بتأكل وجبة واحدة، نسو فكرة الوجبات الثلاثة”.  سنهوري تعمل باكراً في تجهيز “الطعمية” التي يبلغ سعر الحبة منها 1 جنيه مع ذلك يسعى إليها المواطن الذي لا يستطيع أن يواكب تطورات سوق اللحوم الحمراء “البقري”.  كاشفة عن أن المواطن ابتدع مكيال جديد للحمة وهو “الوزنه” نصف الربع. موضحة أنه نسبة لضعف الدخل الأسر صارت غير قادرة على شراء ربع كيلو من اللحمة، فلجأوا الى تقسيم الربع الى نصفين.   

يقول الخبير  الاقتصادي صدقي  كبلو في هذا الصدد، النساء هم الأكثر تضرراً ، حيث درجت العائلات  على بيع أصولها ( الذهب- الفضة) وفي نفس الوقت يعملن في وظائف متعددة من أجل البقاء.  ويؤكد ذلك صاحب متجر المجوهرات بشير عبد الله قائلاً: “ناس كتار  يجو للبيع اكثر من الشراء ، بسبب الوضع الذي نعيش فيه”. 

 إقتصاد السودان.. شكاية الناس وضعف الحلول
يقول صدقي كبلو لـ (عاين) لقد أهدرت المعارضة والمجلس العسكري؛ وقتا ثمينا منذ أبريل كانت الأشهر الثلاثة من أبريل إلى يوليو مهمة للغاية للتحضير للموسم الزراعي الجديد الذي يبدأ في منتصف يونيو. على الرغم من أن المجلس العسكري يقول إنه اتخذ الإجراءات المناسبة للإعداد لـ موسم الزراعة

 

 

 

 ورثة ثقيلة

يرى الخبير الاقتصادي صدقي كبلو  في الازمة الاقتصادية بانها ليست وليدة اللحظة، بقدر ما انها تعود الى 30 عام من  حكم البشير الاستبدادي، ويضيف لـ(عاين) فترة الانقاذ كان فيها الإنفاق الحكومي  سيىء الاستخدام، انعكس ذلك على حياة الناس الذين ظلو يدفعون ضرائب متواصلة. و يستطرد : “في 2018 خصصت الميزانية العامة  للإنفاق العسكري بنسبة ( 70% ) مع القليل من الإنفاق العام الذي حاز على ما تبقى ( 30 ٪ ) وهو ما ادى إلى تدهور الاقتصاد. وقال : “فشلت الحكومة في جمع إيرادات كافية للميزانية بسبب الخصخصة وتراجع الإنتاج”.   واتهم كبلو النظام السابق باختلاس الأموال من الموارد الحكومية الرئيسية مثل النفط والذهب وبيع الأصول العامة بثمن بخس لمؤيدي الحكومة ورجال الأعمال الخليجيين؛ عرض مشاريع على أساس الولاء السياسي وليس الأداء. وكانت النتيجة الصافية للفساد على نطاق واسع وتراجع الإنتاج ارتفاع الأسعار والراتب الراكد.

 برامج ..وجهود متأخر

وفق استاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم  محمد يوسف  يتطلب الأمر حلاً سياسي  مصحوب برؤية اقتصادية تنهض بالاقتصاد القومي الذي يجب أن ينعكس على دخل الفرد في تحسن معيشته.  . كاشفاً لـ(عاين) عن إنهم يعملون مع خبراء اقتصاديين لإعداد سياسات اقتصادية بديلة لمساعدة الناس وإنعاش الاقتصاد الوطني.  وقال يوسف: “إننا نعمل على مسارين في الوقت الحالي” ، “لتقديم مساعدات الطوارئ وتحديد البرامج للمساعدة في استعادة الاقتصاد على المدى الطويل”. لكن  صدقي كبلو يعتقد أن هذه الجهود قليلة ومتأخرة للغاية. فيقول : “لقد أهدرت المعارضة والمجلس العسكري؛ وقتا ثمينا منذ أبريل”. “كانت الأشهر الثلاثة من أبريل إلى يوليو مهمة للغاية للتحضير للموسم الزراعي الجديد الذي يبدأ في منتصف يونيو. على الرغم من أن المجلس العسكري يقول إنه اتخذ الإجراءات المناسبة للإعداد لـ موسم الزراعة وأن مدخلات الوقود متاحة ، إلا أن العديد من المخططات والمناطق الزراعية تشكو من عدم وصول البنزين أو المدخلات إليها أو أن الكميات ليست كافية على نطاق الاقتصاد الكلي ، يحتاج السودان إلى تخفيف عبء الديون البالغة 50 مليار دولار ، وهو ما يعني أولاً إزالة البلد من قائمة الدول الأمريكية الراعية للإرهاب.