الطيران الحربي يتدخل للمرة الأولى في الضعين وقتلى مدنيين
عاين- 21 نوفمبر 2023
قُتل (28) مدنياً على الأقل، وأصيب نحو (41) آخرين في معارك الجيش والدعم السريع التي دارت بالحامية العسكرية في مدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور يومي الاثنين، وفجر اليوم الثلاثاء- وفقًا للجنة الطوارئ الصحية في المدينة.
وفي وقت سابق اليوم، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على الفرقة (20) مشاة بمدينة الضعين، وهي الفرقة العسكرية الرابعة ضمن خمس فرق كبيرة في إقليم دارفور التي استولت عليها قوات الدعم السريع.
وجاءت سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة بعد معارك دارت منذ أمس أجبرت قوات الجيش للانسحاب من الفرقة العسكرية بجانب انسحابه من موقعين للجيش في منطقتي عديلة وأبو كارنكا- وفقا لمصادر عسكرية.
وكانت قوات الدعم السريع هاجمت الاثنين، حقول النفط في شرق الولاية بمحليي “أبوكارنكا” و “عديلة” متسببة في حرق موقع تجمع رئيسي في “شق عمر” بجانب حقل (زرقة)، واتهم الجيش الدعم السريع بتدمير حقول النفط بالولاية.
ونقل شهود عيان لـ(عاين) تحليق الطيران الحربي للجيش السوداني في سماء مدينة الضعين ومحلية أبوكارنكا صباح الثلاثاء، وشن غارات لأول مرة في والولاية وضرب أهداف في محيط الفرقة (20) التي تبعد نحو 10 كيلومترات جنوب المدينة، في محاولة لتدمير الآليات العسكرية.
مخاوف ونزوح
وتسبب المعارك العسكرية وسقوط قيادة الجيش في نزوح مئات الأسر، وحالة من الهلع وسط المدنيين في مدينة الضعين والمحليات.
وقال قيادي أهلي بشرق دارفور -فضل عدم ذكر اسمه- إن “قبل سقوط قيادة الجيش في الضعين مارست قوات الدعم السريع ضغوطات كبيرة على الإدارات الأهلية والمجتمع المحلي بالولاية، وطالبتهم بالتفاوض مع قيادات الجيش على الانسحاب فيما رفضت قيادة الفرقة الانسحاب، وهددت باستخدام القوة”.
في وقت تخوفت الإدارات الأهلية من استخدام الجيش الطيران الحربي وإلحاق أضرار كبيرة وسط المدنيين وتدمير البنى التحتية بالولاية.
وعلى الرغم من تأكيدات الدعم السريع للأهالي بولاية شرق دارفور ومدينة الضعين على وجه التحديد بأن المدينة ستظل آمنة تحت حماية قواتها بعد طرد قوات الجيش، إلا أن المخاوف تسود وسط المواطنين من حالات الانفلات الأمني التي قد تسببه القوات على غرار من حدث في مدينة الخرطوم وولايات غرب ووسط دارفور خاصة في ظل التقاطعات الإثنية للقبائل والمكونات الاجتماعية بالإقليم.
ويقول “خليفة حسين” المقيم بمحلية شعيرية في ولاية شرق دارفور لـ(عاين): “إنهم يتخوفون من تصرفات أفراد قوات الدعم السريع وقيامهم بتصفية حسابات مع المواطنين، خاصة وأن الدعم السريع ليس له قوات ثابتة يمكن أن يتجه إليها المواطنين حال رفع الشكاوى”.
ويضيف خليفة أن بعض القبائل لديها نزاعات قبلية فيما بينها خاصة في الأراضي والحدود يمكن يستغل أفراد الدعم السريع وجودهم في القوات لصالح قبائل مكوناتهم الاجتماعية، مما ينذر باشتعال عنف أهلي يقود إلى كوارث إنسانية لاسيما في ظل الانتشار الواسع للسلاح الذي تحصلت عليه المجموعات الأهلية بعد سقوط فرق الجيش.
سقوط “نيالا” مهّد الطريق
وفي أكتوبر الماضي أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها التامة على قيادة المنطقة الغربية المعروفة بالفرقة (16) مشاة، في مدينة “نيالا” عاصمة ولاية جنوب دارفور وهي أهم المدن الاستراتيجية بغرب السودان.
ومهَّد سقوط مدينة “نيالا” المدينة الثانية في السودان من حيث الكثافة السكانية لقوات الدعم السريع الطريق نحو المزيد من فرض السيطرة، إذ تمكنت في وقت وجيز السيطرة على مدينة زالنجي، عاصمة ولاية وسط دارفور، ومدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، واليوم سيطرت أيضا على مدينة الضعين، عاصمة ولاية شرق دارفور، وتبقى لها فقط حامية الفاشر العسكرية عاصمة ولاية شمال دارفور.
من جهته، يرى اللواء شرطة متقاعد علي محمد إيدام، أن سقوط ولايتي شرق وجنوب دارفور يشكل دعماً وتقدماً كبيراً لقوات الدعم لكونهما تمثلان حاضنة اجتماعية للدعم السريع في دارفور، المكونة من القبائل العربية التي تقطن معظم محلياتها وقراها، الأمر الذي أسهم في زيادة عدد أفرادها، وسرعة الانضمام من جانب الولاء القبلي والإثني لمنتسبيها.
ويقول إيدام في مقابلة مع (عاين)، إن “قوات الدعم السريع تسعى جاهدة لتقديم صورة إيجابية في الولايات التي تمكنت من السيطرة عليها، وتحاول تنظيم حياة المدنيين بعد الفراغ الذي أحدثه غياب القوات النظامية”.
وتبعد مدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور، حوالي 831 كيلومترا (516.3 ميل) عن العاصمة الخرطوم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة، وتتميز بوقوعها في ملتقى طرق بين ولايات دارفور بغرب السودان والعاصمة الخرطوم، وبينها وبين ولايات كردفان في وسط السودان، بجانب حدود طويلة مع دولة جنوب السودان.
وتزايدت مخاوف المواطنين في ولاية شرق دارفور من عمليات النهب وحالة عدم الأمان التي قد تعقب استيلاء الدعم السريع على الفرقة (20) في الولاية التي لجهة أنها أهم الولايات المساندة لقوات الدعم السريع.
وقالت قوات الدعم السريع “الثلاثاء” إن بالاستيلاء على قيادة الجيش في الضعين فتحت الباب واسعاً للسلام الحقيقي الذي يتطلع إليه السودانيون وبناء وطن يليق بهم “وفقا للبيان الذي نشرتها على صفحتها الرسمية بمنصة “إكس” تويتر سابقا.”