“نزيف النيل الأزرق”.. ارتفاع قتلى أحداث العنف إلى (65) ونداءات استغاثة

17 يوليو 2022 

ارتفع عدد قتلى أحداث الاقتتال القبلي بولاية النيل الأزرق إلى 65 قتيلا، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 54 جريحا، بحسب ما افاد (عاين) رئيس اللجنة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة الدمازين. ونزوح نحو 14 ألف، فيما استمرت حالة من التوتر في المنطقة.

وبدأت الأزمة في الولاية قبل نحو شهرين، عندما طالبت قبيلة “الهوسا” بتكوين إدارة أهلية مستقلة أسوة ببقية مكونات ولاية النيل الأزرق. وشهدت عدة محليات منذ أيام هجمات عنيفة بعد تفاقم الأوضاع الناجمة عن تنازع بين مكونات الهوسا و الانقسنا الرافضين لمنح “الهوسا” نظارة ادارة أهلية لأنهم ليسوا  أصحاب الأرض ـــ حسب قولهم-  

وأدت الهجمات العنيفة والقتل بسبب الانتماء العرقي لموجات نزوح عالية حيث بات السكان يفرون من منازلهم طلبا للحماية.

بيئة قاسية

وقالت عضو لجان مقاومة مدينة الدمازين، هبة الطريفي:”أن الأوضاع بالإقليم لا تزال غير مستقرة”. وأوضحت في حديث مع (عاين) أن مدارس قوات الشعب المسلحة بنين وبنات احتمى بها آلاف النازحين من قبيلة الهوسا القادمين من شرق قنيص والروصيرص وشمال الدمازين، لافتة إلى أن النازحين يتواجدون في بيئة بالغة السوء”.

ويعمل مكتب منظمة كافا للتنمية بولاية النيل الأزرق، بحسب إفادات قدمها مواطنون لـ(عاين) على دعم الضحايا المتضررين من أحداث الاقتتال القبلي عبر توفير الغذاء للنازحين الذين توافدوا لمدينة الدمازين.

وأوضحت الطريفي، أن المنظمة تعمل على إعداد وجبات لمئات النازحين لتوزيعها على مدار اليوم.

وقالت أن الصليب الأحمر السوداني ظل يعمل على توفير العلاج للجرحى إلا أن الأدوية نفدت، لافتة إلى أنهم في إنتظار قدوم معدات طبية إضافية خلال اليوم.

ولفتت الطريفي، إلى أن مستشفى الدمازين يعج بالجرحى مع إنعدام تام للمعدات الطبية مثل الشاش والقطن و”السبيرتو” مع عدم توفر مياه الشرب. وأشارت إلى أن أحداث الاقتتال لا تزال مستمرة بشكل عشوائي في عدة مناطق تضم منتسبين لقبيلة “الهوسا”.

وأشارت الطريفي، لوجود أعداد كبيرة من الجثث المكدسة  بمستشفى الدمازين مع استمرار المناشدات لحفر القبور من أجل  دفن ومواراة الجثث. ودعت الناشطين ومنظمات العمل الطوعي بالخرطوم العاصمة والأقاليم للمساهمة في توفير القطن والشاش والمعقمات الطبية والفوط الصحية.وأشارت لوجود بعض المصابين الذين تستدعي حالتهم نقلهم للخرطوم العاصمة، لافتة إلى أن الشوارع غير مؤمنة مما قد يعرض عربات الإسعاف التي ستنقلهم للتعدي من المتفلتين.

ونشطت لجان لجان المقاومة بمدينة الدمازين إلى توفير الوجبات للنازحين مع استمرار الجهود لإيقاف أعمال العنف التي شهدها الإقليم.

نزوح كبير

وقال رئيس اللجنة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة الدمازين، الطيب أحمد زايد: “يقدر عدد  النازحين بسبب الاقتتال القبلي بولاية النيل الأزرق بــ 14 ألف  وهو عدد قابل للزيادة، مشيراً إلى أن معظمهم من النساء والأطفال.

ولفت في حديث لـ(عاين)  إلى أن هؤلاء النازحين يتواجدون في ثلاثة مدارس تابعة للقوات المسلحة قرب سوق الكودة ومربع 56 بحي القسم جنوب مدينة الدمازين.

وأشار زايد، إلى أن الحاجة ماسة لتوفير مياه الشرب، موضحاً أن كلاً من الجيش وهيئة المياه المحلية يعملون على توفير تناكر وخزانات لتوفيرها. ولفت إلى وجود حاجة ملحة لتوفير الغذاء، مشيراً إلى أن عدد من المنظمات أغلقت مكاتبها، بما فيها منظمة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP) ما عدا الهلال الأحمر والصليب الأحمر السودانيين. مما زاد من صعوبة الحصول على الدعم اللازم.

وأشار زايد، إلى أن ديوان الزكاة بولاية النيل الأزرق عمل على توفير دعم بسيط، كما أن المنظمات المحلية تحاول القيام بتوفير وجبات للنازحين إلا أنها لا تكفي.

ولفت زايد، إلى أن هناك مشكلة في عدم توفر دورات المياه، مشيراً إلى أنه كانت هناك مساعي لتأجير دورات مياه عامة، ليستخدمها النازحين إلا أنها لم تنجح، مشيراً إلى إستمرار المناقشات حول إمكانية نقل النازحين إلى خارج الدمازين سعياً لتوفير بيئة أفضل.

وأشار إلى وجود مشكلة في المأوى لأن الفصل الواحد يضم أكثر من 100 شخص مع وجود نازحين خارجه، ولفت إلى أنهم قاموا بالاتصال بالصليب الأحمر من أجل توفير المشمعات والبطاطين والفرشات ليتم توزيعها عليهم.

وحول اسعاف الجرحى، يشير زايد إلى أن حتى مساء يوم أمس بلغ عدد الجرحى 54 جريح، لافتاً إلى أن عدد الجرحى ارتفع اليوم. وأوضح أن معظم الجرحى تم إستقبالهم في مستشفى الدمازين التعليمي، فيما تم تحويل آخرين إلى مستشفى الشرطة بهدف إجراء عمليات جراحية، كما تم تحويل البعض إلى مستشفى التأمين الصحي، لافتاً إلى أنهم في أوضاع سيئة.

وأشار إلى وجود فريق يعمل على جمع الجثث الموجودة في العراء بالحي الجنوبي بمدينة الروصيرص. زايد ولفت إلى أنه من الصعوبة تحديد عدد القتلى بدقة، مشيراً إلى أنهم أحصوا حتى الآن  أكثر من 65 قتيلا.

تقاعس

وإتهمت لجان مقاومة مدينة الدمازين الأجهزة الأمنية بولاية النيل الأزرق بالتقاعس لعدم قيامها بدورها في حفظ أمن وسلامة المواطنين، عن طريق إيقاف فتيل الفتنة والفرقة، الأمر الذي يجعلها شريك أساسي في إزهاق أرواح المواطنين العزل.

وعبر رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة في السودان فولكر بيرتس عن قلقه حيال أحداث النيل الأزرق. ودعا بيرتس في تغريدة بتويتر السبت، الأطراف والمجتمعات المحلية إلى ضبط النفس والامتناع عن الانتقام الذي يحدث الآن.وقال إن العنف بين المجتمعات والخسائر في الأرواح في منطقة النيل الأزرق “أمر محزن ومقلق للغاية”.

وحث بيرتس المجتمعات ومن يقودها لضبط النفس والامتناع عن الانتقام والعمل مع الإدارة الأهلية وسلطات الاقليم لاتخاذ خطوات ملموسة نحو التعايش السلمي.

وطالبت لجنة أطباء السودان المركزية ـــ منظمة غير حكومية ـــ وزارة الصحة الاتحادية بعمل جسور جوية وأرضية لدعم ولاية النيل الأزرق بالكوادر الطبية والدواء.

وقال موظف بإحدى المنظمات يقطن مدينة الدمازين، أن الحاجة ماسة لتدخل منظمات العمل المدني لتوفير الغذاء والمأوى للنازحين، فيما لفت في حديث لـ(عاين) لغياب دور الأجهزة الأمنية من أجل إحتواء الاقتتال القبلي.

وقوبلت أحداث الاقتتال في النيل الأزرق بالرفض التام من الأحزاب والمنظمات والأجسام السودانية.

وطالب حزب الأمة القومي في بيان اليوم أن الدولة مطالبة بحماية المواطنين من أي عدوان ومعاقبة المعتدي وفق القانون. 

وجدد عضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان إدانته للعنف في ولاية النيل الأزرق مهما كانت المبررات. وأشار في منشور على الفيس بوك أن المشكلة دائماًً في الخرطوم وليست في أقاليم السودان.

وأكد على أن إنهاء انقلاب 25 أكتوبر، والحل السياسي الشامل، هو الحل الأكثر نجاعةً للحفاظ على السلم الأهلي، ومن ثم يَتبعه تكوين حكوماتٍ محلية منتخبة بسلطات أكبر للأقاليم، وتقاسمٍ واضح للموارد مبني على المواطنة.

وفي تصريح صحفي الأحد، قالت لجان مقاومة الدمازين أن سلطات الأجهزة الأمنية قامت بتعطيل حركة سيارات الإسعاف الناقلة للمصابين إلى المستشفيات من أجل تلقي الرعاية الصحية بحجة حظر التجوال.

والجمعة الماضي أصدر والي ولاية النيل الأزرق، أحمد العمدة، قراراً بفرض حظر التجوال والتجمعات ومنع المواكب غير الضرورية لمدة شهر، بسبب أحداث الاقتتال التي يشهدها الإقليم.