السودان: سلطات القضارف تشرع في ترحيل النازحين

عاين- 27 يونيو 2024

شرعت حكومة ولاية القضارف في ترحيل النازحين المقيمين بالمدارس ومؤسسات الدولة في المدن إلى مخيمات في مناطق نائية، وسط رفض واسع من ضحايا الحرب للقرار، بعد ما تردد بشأن ظروف غير ملائمة للحياة في المعسكرات الجديدة.

وحددت سلطات القضارف يوم السبت المقبل موعداً لبدء الدراسة في كل أنحاء الولاية، الأمر الذي يهدد بإخلاء نحو 950 ألف نازح يقيم بعضهم في المؤسسات التعليمية، إلى مخيمات بديلة مقترحة في محلية القلابات الغربية، ومنطقتي المفازة وود الحواري، وهي أماكن نائية تنعدم فيها أبسط مقومات الحياة وفق ما نقله متطوعون بغرف الطوارئ لـ(عاين).

وشيدت ولاية القضارف منازل في منطقة القلابات الغربية والمفازة من المواد البلدية “الحصير، الحطب” لكن العديد منها انهارت قبل أن ينتقل النازحون إليها بفضل الرياح والأمطار العالية التي تشهدها المنطقة، وقام لاحقاً بإجراء بعض التحسينات عليها مع ذلك لم تكن ملائمة للعيش وتوفير إيواء لازم؛ نظرا لطبيعة المنطقة القاسية.

وما تفعله القضارف امتداداً إلى قرارات مماثلة صدرت من حكومة ولاية كسلا التي بدأت إخلاء النازحين من المؤسسات التعليمية إلى خارج المدن، وتخطط إلى إيواء بعضهم في مصنع لتجفيف البصل، كما فعلت ولاية نهر النيل الشيء نفسه، ورحلت الفارين من الحرب قسريا إلى قرى توطين مهجري سد مروي، وكل ذلك تحت مبرر استئناف الدراسة.

استعداد للمغادرة

وقال المتطوع بأحد مراكز الإيواء في قطاع غرب القضارف آدم بحة لـ(عاين) إن سلطات مدينة القضارف بدأت اليوم الخميس ترحيل النازحين المقيمين في السوق الشعبي وبعض مساجد المدينة إلى المخيمات الجديدة، وأبلغ النازحين المقيمين في المدارس، بأنه تقرر استئناف الدراسة اعتبارا من السبت المقبل وعليهم الاستعداد للمغادرة.

ويضيف “حتى اليوم لم نُخْبَر عن كيفية المغادرة، وإلى أين سيذهب هؤلاء النازحون، وما إن كان قد وُفِّرَت الخدمات الأساسية لهم في الموقع البديل، ونحن نعيش في حالة ترقب لما سيحدث. لقد زارتنا بعض المنظمات، واستفسرت عن ما يتردد بشأن الترحيل وما إذا كان النازحون يرغبون في المغادر، فأجاب الجميع بالرفض القاطع”.

ويشير إلى مخاوف كبيرة من قرار الترحيل الذي سوف يضعهم أمام مصير صعب خاصة مع فصل الخريف، فالتوقيت غير مناسب، وقد أبلغنا السلطات بذلك، كما أن المخيمات التي شُيِّدَت وشاهدناها على منصات التواصل الاجتماعي غير ملائمة، ولن تستطيع الصمود أمام معدل الأمطار العالي الذي تشهده ولاية القضارف.

ونفذت مدينة الفاو قرار الترحيل اليوم الخميس، ونقلت النازحين المقيمين في المدارس والمؤسسات الحكومية إلى منطقة المفازة، بعد أن شيدت فيها مساكن متواضعة من المواد البلدية، وذلك بحسب ما نقله شهود لـ(عاين).

مركز إيواء نازحين- مدينة القضارف

وفي محاولة لفرض الأمر الواقع على النازحين، أقامت سلطات القضارف “أسبوع المعلم” الذي ما زال مستمرا داخل المدارس، رغم وجود الفارين من نيران الحرب، فقد فتح المعلمون ومدراء المدارس المكاتب الإدارية، وأحيوا هذه الفعالية التي درجت العادة على تنفيذها قبل أسبوع من وصول الطلاب إلى الفصول الدراسية.

حزن شديد

ويعرب ياسر إبراهيم وهو نازح مقيم في مدرسة القضارف غرب، عن حزنه الشديد على إصرار السلطات في الولاية على ترحيلهم ووضعهم أمام مصير مجهول، فهم داخل المدن يعانون نقص الغذاء والصحة ومياه الشرب، فربما ينساهم الجميع إذا انتقلوا إلى مناطق نائية بعيد عن الأعين، – حسب تعبره.

ويقول ياسر في حديثه لـ(عيان) “بسبب شح المساعدات لجأ معظم النازحين إلى أعمال هامشية في الأسواق من أجل كسب بعض من الرزق وبذلك يدبرون أمرهم، وبعد الترحيل سنفتقد هذه الفرصة، وربما نموت جوعا، كما أن المنطقة المراد نقلنا إليها وعرة ومليئة بالمخاطر الصحية، مثل وبائيات الخريف مثل الكوليرا والصفير، إلى جانب العقارب والثعابين وبرد الخريف”.

ويضيف “نحن لدينا أطفال أيضا نريد أن يتعلموا ويأخذوا حقهم في الدارسة، فكون يتم ترحيلنا وحرمانهم لصالح آخرين، فيه ظلم كبير، نأمل أن تتراجع سلطات حكومة القضارف عن هذا القرار، وتركنا في مواقعنا الحالية إلى ما بعد الخريف الحالي، وبالتالي ربما تتوقف هذه الحرب اللعينة، ونعود إلى منازلنا في الخرطوم”.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن القضارف تأوي 950 ألف نازح، وكانوا يعيشون أوضاعاً إنسانية مماثلة، وماسي يتصدرها النقص الحاد في مياه الشرب، في ظل غياب للتدخلات الحكومية، بينما قلصت المنظمات الدولية من بينها برنامج الأغذية العالمي مساعدات عينية كانت تقدمها للنازحين، وصارت شحيحة للغاية مقارنة بالحاجة الفعلية.