الطعام كسلاح حرب الجوع يهدد معسكرات النازحين في دارفور 

الطعام كسلاح حرب الجوع يهدد معسكرات النازحين في دارفور

تقرير: عاين 6 اكتوبر 2019م

يشكوا الآلاف من قاطني معسكرات النازحين في دارفور من قلة الغذاء والخدمات نتيجة سيطرة منسوبي الحزب الحاكم وأعوانهم داخل المعسكرات على تدفق وتوزيع الاغاثة في ظل سياسة الطرد والتهديد للمنظمات الانسانية العاملة في الاقليم التي استخدمها النظام السابق بصورة ممنهجة للسيطرة على النازحين. ويحذر نازحين التقتهم (عاين) في عدد من المعسكرات بدارفور من انهيار الوضع الغذائي داخل المعسكرات وفي الإقليم ككل، حال عدم تغيير السياسات والأساليب الامنية السابقة في الإشراف على العمل الاغاثي لا سيما عقب الثورة التي أطاحت بنظام الدكتاتور السابق عمر البشير.

ويشير النازحون كذلك إلى الفشل الامني واستمرار هجمات المليشيات على النازحين، الأمر الذي يصعب من إمكانية الاستقرار ويؤدي إلى افشال الموسم الزراعي أو احتمال عودة النازحين الى مناطقهم الاصلية في ظل عدم ايجاد حل سياسي لازمة الاقليم او وضع حد للتدهور الأمني فيه. 

الطعام كسلاح حرب الجوع يهدد معسكرات النازحين في دارفور
من يتلقون الاغاثة حاليا رغم أنها المصدر الوحيد للغذاء بالنسبة للنازحين لا يتجاوزون 10% من تعداد النازحين في المعسكرات

تجويع 

أمين عام الدعم الاجتماعي بمعسكر زمزم، ادم يعقوب، يتهم النظام السابق باستخدام الطعام والسيطرة على توزيع الاغاثة كسلاح لما وصفه بتجويع النازحين والسيطرة عليهم، داعيا إلى ضرورة تغيير هذه الأساليب في ظل حكومة ما بعد الثورة.ويكشف يعقوب في مقابلة مع(عاين) ان من يتلقون الاغاثة حاليا رغم أنها المصدر الوحيد للغذاء بالنسبة للنازحين لا يتجاوزون 10% من تعداد النازحين في المعسكرات. ويقول يعقوب ان 35 ألف فرد فقط يتلقون الغذاء من اصل 320 ألف نسمة من سكان معسكر زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور. مشيرا الى ان الحكومة السابقة صنفت النازحين، بحيث يحصل الموالون لها علي حصص غذائية بطريقة مستمرة، في حين من يختلفون معها يحصلون علي ذلك كل ستة أشهر وبعضهم لا يستحقون الحصص الغذائية.

الطعام كسلاح حرب الجوع يهدد معسكرات النازحين في دارفور
يذهب الأمين الاجتماعي بمعسكر زمزم للنازحين، الطاهر عبدالله محمد بكر في حديث لـ (عاين)متهما النظام السابق بتعمد استغلال الطعام كسلاح ضد النازحين، مطالبا بضرورة وقف هذا السلوك بعد تشكيل حكومة الثورة.

ويذهب الأمين الاجتماعي معسكر زمزم للنازحين، الطاهر عبدالله محمد بكر في حديث لـ (عاين) الي نفس الاتجاه متهما النظام السابق بتعمد استغلال الطعام كسلاح ضد النازحين، مطالبا بضرورة وقف هذا السلوك بعد تشكيل حكومة الثورة. ويعتقد بكر ان المنظمات التي تعمل  في معسكرات النازحين، يسيطر عليها المؤتمر الوطني، ويجند أعضائه فيها، اذا وجد شخص يعمل لصالح النازحين، يطرد الشخص من المنظمة. وأوضح بكر ان النازحين في معسكر زمزم لم يتلقوا غير دفعة واحدة من المساعدات منذ بداية العام الحالي 2019، مبينا ان النازحين ابرموا اتفاقا مع برنامج الغذاء العالمي لتلقي المساعدات بصورة شهرية وبدأ تنفيذ ذلك بالفعل في شهري مايو ويونيو لكنها توقفت مرة أخرى. 

وكانت الأمم المتحدة حذرت من فجوة غذائية يمكن أن تؤدى إلى مجاعة في أجزاء من ولاية شمال دارفور في العام 2018. وكانت تقارير كشفت عن عدم حصول 60 الف من نازحي معسكر زمزم بشمال دارفور علي مساعدات غذائية لفترة امتدت إلى ثمانية أشهر خلال العام الماضي. أما نازحو معسكر كلمة بجنوب دارفور ففد شكوا العام الماضي من عدم تلقي المساعدات الغذائية لحوالي 11 شهر، اضافة لإسقاط أكثر من 100 ألف فرد من المستحقين للمساعدات.  واضطر برنامج الغذاء العالمي لإيقاف عمل الطيران التابع له في السودان والذي يساعد في تقديم الغذاء ونقل الموظفين، نسبة لعدم ايفاء المانحين بدفع كافة الدعم المالي المطلوب لتوفير الغذاء. 

الطعام كسلاح حرب الجوع يهدد معسكرات النازحين في دارفور
” برنامج الغذاء العالمي كان يقدم لهم مساعدات غذائية شهرية للنازحين، لكن تكرر أن تدخل النظام السابق قلل تلك الحصص الغذائية، الجميع يعاني الآن، ولا توجد مصادر للدخل اليومي، والزراعة لا تنجح بسبب شح الأمطار والآفات، وتضيف انهم يعانون من النقص في العلاج والغذاء والمياه”.

سوء التغذية 

بينما تقول فايزة موسى جار النبي التي تسكن معسكر شنقل طوباي للنازحين، ومتطوعة سابقة في احدى المنظمات الانسانية، تروي قصتها لـ عاين، انها اتت المعسكر عام 2004، كانت تسكن في ضواحي شنقل طوباي في منطقة يطلق عليها (كبكا)، في منطقتها السابقة كانوا يملكون كل انواع الحيوانات، لكن مليشيات الحكومة نزعت أراضيهم، وحرقت قراهم، والمليشيات نهبت مواشيهم، تؤكد فايزة أن الحياة في معسكر النزوح والحياة السابقة مختلفة تماما اذ كانوا مكتفين ذاتيا من خلال العمل في اراضيهم الزراعية التي توفر لهم كافة أنواع الغذاء. 

وتمضي فايزة للقول “في المعسكر تواجه الماسي، في بداية الأمر كانت بعض المنظمات تقدم مساعدات غذائية إلا أن الحكومة طردتها من دارفور، النازحون يعانون بشدة، وكروت حصصهم الغذائية ضاعت”، وتضيف فايزة” برنامج الغذاء العالمي كان يقدم لهم مساعدات غذائية شهرية للنازحين، لكن تكرر أن تدخل النظام السابق قلل تلك الحصص الغذائية، الجميع يعاني الآن، ولا توجد مصادر للدخل اليومي، والزراعة لا تنجح بسبب شح الأمطار والآفات، وتضيف انهم يعانون من النقص في العلاج والغذاء والمياه”. أما حواء محمد  التي نزحت من منطقة شعيرية، حيث كانت كل سبل الحياة متوفرة، حسب قولها، لكن الاحوال تبدلت تماما بعد اندلاع الحرب و اضطرارها الانتقال للحياة في معسكر النازحين. وتقول حواء التي تعيش في المعسكر مع ستة من أفراد أسرتها، لـ(عاين) ان الجنجويد طردوهم من منطقتها، سرقوا كل مواشيهم، والان طفلها يعاني من سوء التغذية كغيره من الالاف من اطفال دارفور.  

وتعزي منيرة حسن اسحق، النازحة بمعسكر زمزم أسباب انعدام الأمن الغذائي في معسكرات النازحين في حديثها ل (عاين) الي قلة الحصص الغذائية المقدمة من قبل المنظمات اضافة الى شح الأمطار وضعف او فشل المواسم الزراعية. وتضيف ان انعدام الامن واستمرار الهجمات من قبل المليشيات يعد أحد أكبر أسباب فشل الموسم الزراعي واعتماد النازحين على مواد الإغاثة المقدمة من قبل المنظمات الانسانية. 

وقال برنامج الغذاء العالمي ان حوالي 1.2 مليون طفل سوداني أكثر من نصفهم في دارفور يعانون من نقص الغذاء، محذرا في تقرير العام الماضي من استمرار تدهور الوضع الغذائي لأطفال المدارس. ووصف البرنامج الأوضاع الغذائية في السودان بـ المقلقة،مشيرا الي ان معدلات سوء التغذية في السودان تعد من أعلي المعدلات في العالم.