السودان تحت وطأة الكارثة: لماذا يجب إعلان البلاد منطقة كوارث؟

عاين- 13 سبتمبر 2024

في ضوء الكارثة الإنسانية الكبيرة التي نتجت عن النزاع المستمر منذ منتصف أبريل 2023 في السودان، إضافة إلى الأضرار الواسعة التي تسببت بها السيول والأمطار، يبدو أن إعلان السودان كمنطقة كوارث أصبح ضرورة ملحة.

وأسفر النزاع عن مقتل أكثر من 9,000 شخص ونزوح أكثر من 7.1 مليون، بينما تسببت الفيضانات في تدمير حوالي 12,000 منزل، وأثرت في أكثر من 1.5 مليون شخص. مع تدفق كبير للاجئين إلى الدول المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان.

الجهات الإنسانية مثل برنامج الأغذية العالمي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحذر من تفاقم الوضع بسبب نقص المساعدات، مما يعزز الحاجة إلى إعلان الكوارث لتنسيق الاستجابة الدولية وضمان تلبية احتياجات المتضررين.

ويُقدّر أن حوالي 15 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية العاجلة وفقًا لمكتب الشؤون الإنسانية بالسودان “أوتشا”.

وتسببت الفيضانات في تدمير حوالي 12,000 منزل، وأثرت في أكثر من 1.5 مليون شخص، وفقاَ لذات المكتب. ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، يعاني نصف سكان السودان، أي ما يعادل 25.6 مليون شخص، من الجوع الحاد.

وأفاد مسؤول الاتصال ببرنامج الأغذية العالمي، محمد الأمين، في حديث لـ(عاين) بنقل أكثر من 1200 طن متري من الإمدادات الغذائية إلى دارفور، ولكنه أشار إلى أن النقص في تلبية الاحتياجات الهائلة لا يزال قائمًا. البرنامج يعمل على تحسين الوصول إلى المتضررين بانتظام.

تقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوداني في دول الجوار مثل تشاد وجنوب السودان.

وطنياً، تقول وزارة الصحة السودانية إن هناك تفشي الأمراض المرتبطة بسوء التغذية وتلوث المياه. الفرق الطبية المتنقلة تعمل على تقديم الرعاية الصحية والإسعافات الأولية للمتضررين.

وأكدت وزارة الداخلية السودانية أن تدمير البنية التحتية مثل الجسور والطرق يعيق وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة.

حتى الآن، تواجه جهود الإغاثة العديد من التحديات، بما في ذلك القيود المفروضة على الوصول إلى المناطق المتضررة. وتعمل الأمطار الموسمية والفيضانات على تعقيد مسألة استجابة المساعدات، مما يتطلب المزيد من الموارد والاهتمام من جانب المجتمع الدولي.

تكثيف الجهود الدولية

يقول منسق الاتصال للهلال الأحمر بالسودان، هيثم إبراهيم يونس، لـ(عاين) إن إعلان دولة ما كمنطقة كوارث يدفع المنظمات الدولية لتكثيف جهودها لتخفيف آثار الكارثة على السكان.

أوبئة الخريف تفتك بالسودانيين
تفشى العديد من الأمراض المرتبطة بالخريف في السودان

وفقًا للمادة 26 من اتفاقيات جنيف، يلعب الهلال الأحمر السوداني دورًا مساعدًا للدولة في حالات السلم والحرب.

في الوضع الحالي، دفع الهلال الأحمر بأكثر من ثمانية آلاف متطوع، وأطلق نداء إنسانيًا بقيمة 60 مليون فرنك سويسري لإغاثة المتأثرين بالنزاع. وفقا لمسؤول الاتصال بالهلال الأحمر السوداني، هيثم إبراهيم.

حتى الآن، تمت الاستجابة لأكثر من 10% من قيمة النداء، مما مكن من تقديم خدمات صحية لأربعة ملايين شخص وتوزيع 65 ألف طن من الغذاء، وفقًا لمسؤول الإعلام بالهلال الأحمر السوداني.

إعلان السودان كمنطقة كوارث يخضع لسلطات الدولة

باحث في هيومان رايتس 

ويرى الباحث المختص بالسودان للمنظمة الدولية “هيومان رايتس ووتش”، محمد عثمان، أن إعلان السودان كمنطقة كوارث يخضع لسلطات الدولة.

ولفت في حديثه لـ(عاين) إلى أن المسألة الأساسية تكمن في التزام الحكومة أو أي مجموعة مسيطرة على الأمر الواقع بالتزاماتها وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان.

 وبحسب عثمان، تشمل هذه الالتزامات حماية السكان من المخاطر، وتوفير المساعدات والإغاثة، وضمان الحق في الوصول إلى الرعاية الصحية. والأهم من ذلك، هو أن طرفي النزاع يجب أن يسهلوا بشكل كامل دخول المساعدات الإنسانية للمتضررين، دون أي إعاقة.

مسؤول سوداني في منظمة دولية، يشير إلى أن “إعلان السودان كمنطقة كوارث يعتمد على عدة محددات، تتعلق بوجود نظام استجابة فعّال ونظام لتفادي الكوارث، بالإضافة إلى القدرة على التصدي والتكيف مع آثار الكارثة.

وأكد أن أهم هذه المحددات هو حجم الكارثة ونوعها، بالإضافة إلى التأثيرات والعوامل المحلية مثل توفر البنية التحتية والاحتياجات الأساسية.

ووفقا لهذا المسؤول، الذي تحدث لـ(عاين) وفضل حجب اسمه، تلعب السياسة دورًا كبيرًا في هذا الأمر، حيث تحدد السلطة القائمة ما إذا كان يجب طلب المساعدة الدولية أم لا.

أكد المسؤول أن الوضع الحالي في السودان كارثي بكل المقاييس، سواء بسبب الحرب أو الظواهر الطبيعية مثل السيول.

وأوضح: على الرغم من أن المنظمات الإنسانية الدولية تعتبر السودان منطقة كوارث، إلا أن الظروف الأمنية الحالية تعيق قدرتها على تقديم الدعم المطلوب. التمويل والإعانات موجودة بالفعل، لكن بسبب تدهور الوضع الأمني، لم تصل المساعدات إلى أماكن الحاجة الفعلية.

وأفاد بأن الجهود لإعلان السودان منطقة كوارث مستمرة، وآخر هذه الجهود كان في مؤتمر جنيف الذي عقد في نهاية الشهر الماضي.

أكد المسؤول أن الوضع الحالي في السودان كارثي بكل المقاييس، سواء بسبب الحرب أو الظواهر الطبيعية مثل السيول

 مسؤول بمنظمة دولية

ولفت هذا المسؤول إلى أن المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر موجودة على الأرض، وهي المسؤولة عن تقييم الاحتياجات والإشراف على توزيع المساعدات.

 تحسين الأوضاع الإنسانية

وبين المسؤول إنه إذا تم إعلان السودان منطقة كوارث، سيؤدي ذلك إلى تحسين الأوضاع الإنسانية بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بالنازحين واللاجئين، ويجذب المزيد من الدعم من المانحين.

وأضاف: لكن التحديات القانونية والسياسية تبقى قائمة. أبرز هذه التحديات هو استمرار الحرب، حيث يرفض الطرفان المتنازعان تأمين الممرات الإنسانية، مما أدى إلى تعرض القوافل الإنسانية للنهب وقتل بعض العاملين.

وأكد أن الظروف الأمنية غير المستقرة تجعل من الصعب توصيل المساعدات إلى المناطق المحتاجة. وأضاف: إذا لم تتوقف الحرب، فإن التكلفة الإنسانية ستظل باهظة، وستظل المساعدات محصورة في دول الجوار.

من جانبها، تقول المدير العام لقطاع الصحة السابق بولاية البحر الأحمر، زعفران الزاكي، إن إعلان الطوارئ أو إعلان منطقة كوارث يعتمد على تأثيرات الظاهرة الطبيعية مثل الأمطار، الفيضانات، الزلازل، أو الأوبئة على الإنسان ومحيطه.

وأوضحت في حديث لـ(عاين) أن هناك خمسة معايير أساسية لذلك: الخسائر في الأرواح: عدد القتلى والإصابات. التأثيرات الصحية: الأمراض الناتجة عن تلوث المياه والهواء والطعام. الأضرار بالممتلكات: انهيار المنازل والجسور والطرق. توقف الخدمات: الخدمات التي تقدمها الدولة والمؤسسات الخاصة مثل التعليم، الصحة، المياه، الكهرباء، والاتصالات. الأضرار البيئية: تلوث مصادر المياه وتكدس النفايات.

إعلان الكارثة أساسي لإنقاذ الإنسان واستعادة الخدمات الأساسية

مسؤولة حكومية

وأكدت الزاكي أن هذه المعايير تنطبق على كافة مناطق السودان المتأثرة بالفيضانات والأمطار. ولفتت إلى أن عدم إعلان السودان كمنطقة كوارث قد يحول دون تدخل المنظمات الدولية التي تمتلك قدرات فنية ومالية هائلة لتقديم المساعدة على مختلف المجالات مثل اللاجئين والنازحين، تنقية المياه، التلوث البيئي، والتغذية. كما تشمل جهودها دعم المؤسسات الصحية وتدريب الكوادر في المنطقة.

إنقاذ الإنسان

وأفادت الزاكي، بأن إعلان الكارثة أساسي لإنقاذ الإنسان واستعادة الخدمات الأساسية. المستفيد الأول من هذا الإعلان هو النازحون، حيث تعمل المنظمات الأممية والدولية وفقًا لمتطلبات الدولة. يتم توفير أماكن آمنة للنازحين، وخيام أو معسكرات، غذاء، خدمات صحية، مياه نظيفة، دورات مياه، والتخلص من النفايات على نحو آمن.

صورة متداولة لغرق أحد أسوق تعدين الذهب بمدينة أبوحمد شمالي السودان والذي يحوى مواد سامة

كما أكدت أن تجميع النازحين في أماكن آمنة ومعروفة يسهل من تقديم خدمات الإغاثة، ويعزز فعالية المنظمات في تقديم الدعم.

يقول مسؤول الاتصالات ببرنامج الأغذية العالمي بالسودان، محمد الأمين، فيما يخص انعدام الأمن الغذائي، فإن الوضع الإنساني في السودان كارثي. وأشار إلى أن هناك 14 نقطة في جميع أنحاء السودان تم تصنيفها بـ (IPC5)، وهو أسوأ تصنيف لانعدام الأمن الغذائي، وفقًا لتصنيف (IPC).

وأضاف: منذ أكثر من 500 يوم، يشهد السودان حربًا أدت إلى تعرض نصف سكانها – 25.6 مليون شخص – للجوع الحاد. ونتج عن الحرب، وفقا لمحمد الأمين، أول تأكيد للمجاعة في صيف 2023 في دارفور.

إعلان السودان كمنطقة كوارث سيساهم في تحسين الوصول إلى المناطق المتضررة

مسؤول ببرنامج الأغذية العالمي

وأشار إلى ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته، ويعمل على تعزيز الاستجابة العاجلة من خلال دعم المنظمات الإنسانية، بما في ذلك المنظمة الدولية للأغذية.

مزيد من التمويل

وأكد مسؤول الاتصالات ببرنامج الأغذية العالمي بالسودان، أن إعلان السودان كمنطقة كوارث سيساهم في تحسين الوصول إلى المناطق المتضررة، وتوفير مساعدات غذائية وصحية عاجلة، ويضمن تحرك المنظمات الإنسانية بشكل أكثر فعالية لتلبية احتياجات المتضررين. إضافة إلى ذلك، سيساعد على جذب المزيد من التمويل والدعم الدولي، الذي يظل ضروريًا لتخفيف الأزمة الإنسانية.

يشار إلى أن إعلان السودان كمنطقة كوارث سيتيح للمنظمات الإنسانية الدولية زيادة فعاليتها في استجابة الأزمة، ويجذب التمويل والدعم الدولي بشكل أكثر فاعلية. لكن تحقيق ذلك يتطلب استمرار التنسيق بين جميع الأطراف المعنية، وتخفيف حدة النزاع لتسهيل وصول المساعدات.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *