بعد أشهر من العنف .. حراك للمصالحة الاجتماعية في الدلنج
عاين – 2 مايو 2024
أطلق شباب من محلية الدلنج بولاية جنوب كردفان، حملة واسعة تهدف إلى تحقيق السلام الاجتماعي والمصالحة بين المكونات الأهلية المختلفة، وذلك بعد أن عاشت المدينة نحو 4 أشهر من العنف الذي اتخذ طابعاً اثنياً، وصاحب ذلك موجة نزوح واسعة وتراجع في الوضع الإنساني والمعيشي.
وتتركز الحملة الشبابية على مكافحة خطاب الكراهية بين المجتمعات والمجموعات الأهلية في المدينة، ونشر خطاب التسامح من خلال منصات التواصل الاجتماعي في المرحلة الأولى على أن تتنزل على الأرض في خطوة لاحقة، وفقا لعضو في الحملة لـ(عاين).
وكانت مدينة الدلنج دخلت في موجة من العنف يناير الماضي، في أعقاب محاولة قوات الدعم السريع للسيطرة عليها، وتصدى لها الجيش بمساعدة قوات من الحركة الشعبية – شمال قيادة عبد العزيز الحلو بعد أن اتخذ الصراع طابعاً اثنياً بين أهليتي النوبة ومجموعات عربية.
ومنذ ذلك الحين تستمر التوترات في المدينة على أساس قبلي بين المجموعات العربية مثل المسيرية والحوازمة، مع مجموعات النوبة، مما أدى إلى موجات نزوح كبيرة وتدهور في الحالة الإنسانية في المنطقة.
خطاب بديل
وقال الناشط الطوعي وعضو المبادرة، عاصم أحمد موسى في مقابلة مع (عاين): إن “الحملة تضم 40 شاباً من المجموعات الأهلية المختلفة متواجدين في مناطق متفرقة في ولايتي جنوب وشمال كردفان، وتهدف إلى إيجاد خطاب بديل لخطاب الكراهية وتعزيز ثقافة السلام وسط المجتمعات.
ويشير موسى، إلى أن الوضع الأمني المضطرب في ولاية جنوب كردفان لا يسمح لهم بالعمل على الأرض وعقد منتديات وورش، مما يجعلهم يكتفون بحملة اسفيرية من خلال تصميم منشورات وعمل وسم يتغير من وقت لآخر، من أجل حث المجموعات السكانية على نبذ الكراهية، وإعلاء ثقافة التسامح والتصالح.
من جهته، يقول أحد الفاعلين في المبادرة الماحي الفكي شابو، إن الحملة تستهدف مدينة الدلنج تحديدا نسبة للوضع المعقد الذي تعيشه حيث تشهد صراع متعدد بين الجيش وقوات الدعم السريع، والحركة الشعبية – شمال، والذي انتقل إلى المجتمع، كما يستمر الاستقطاب الشديد على أساس اثني، ونتج عن ذلك مآسي واسعة، وسوف يحدث الأسوأ إذا استمر الوضع الحالي.
وقف التنميط
ويضيف في حديثه لـ(عاين):”تهدف الحملة إلى أن يُعرّف الناس في الدلنج أنفسهم بأنهم مواطنون دون الاصطفاف إلى مجموعة أهلية أو حزب سياسي، وأن تنأى أطراف الصراع المسلح بأنفسها عن إقحام المواطنين في القتال، أو تنميطهم”.
وتابع: “نتوقع نجاح الحملة نسبة للوعي الكبير الذي يتمتع به مجتمع الدلنج، نحن فقط نريد أن نزيل منهم المخاوف، وأن يكون لهم الشجاعة لتعريف أنفسهم كمواطنين متعايشين منذ عقود، ووقف خطاب الكراهية والتنميط الذي اشتدت خلال الحرب الحالية”.
بدوره، يقول الناشط سماعيل هجانة: إن “السلام المجتمعي ليس مجرد هدف نسعى إليه، بل هو الأساس الذي يمكن من خلاله بناء مجتمع يعمه العدل والمساواة والأمن. من خلال دعم هذه الحملة نساهم في بناء جسور التفاهم والاحترام المتبادل بين الثقافات والجماعات المختلفة، ونواجه بشكل فعال التحديات الناجمة عن التفرقة والانقسام”.
ويضيف لـ(عاين): “الدلنج تسعنا كلنا، هي بارقة أمل في ظلام دامس من الاحتراب والشتات، ونافذة نحو مستقبل يحكمه التسامح والسلام، أدعو الجميع لدعم هذه المبادرة ليس فقط بالكلمات بل بالأفعال، حتى يصبح شعار الدلنج تسعنا كلنا واقع نعيشه في كل يوم”.