بعد الحرب.. حمى الضنك تفتك بالسودانيين
عاين- 25 سبتمبر 2023
تشهد ولاية القضارف شرقي السودان، انتشاراً واسعاً لحمى الضنك، وسط مخاوف من كارثة في ظل نظام صحي متدهور بسبب الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي.
وبحسب مصادر محلية فإن حمى الضنك تنتشر في ولايتي كسلا وشمال دارفور وجزء من ولاية الجزيرة وسط البلاد، ولكن السلطات الصحية هناك تمارس تكتم شديد ولا ترقب في إعلان الحجم الفعلي للإصابات.
وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في بيان صحفي الإثنين، إن “الأوضاع الصحية في القضارف تدهورت بشكل مريع وفجعت الولاية بانتشار كارثي لحمى الضنك مما نتج عنه حدوث مئات الوفيات وآلاف الإصابات”.
وحمى الضنك مرض فيروسي يصيب كل الجسد بالحمى والصداع الشديد، ولها أعراض مشابهة للأنفلونزا وليس لديها علاج محدد، بل تعتمد على المناعة الذاتية للشخص مع إعطاء بعض المسكنات والمحاليل الوريدية، وأنها سريعة الانتشار والعدوى عبر الناقل الحشري “باعوض”، وفق أطباء.
“تابعنا طيلة الأيام الفائتة معدل الإصابات التراكمي والوفيات في مستشفى القضارف والمرافق الصحية الأخرى، وتشير كل الدلائل أننا أمام كارثة صحية، فأغلب المشافي مكتظة بالمرضى وبعضهم قد لا يجد مكاناً لتلقي العلاج إذ تستقبل المستشفيات ومراكز العلاج العامة والخاصة أعداد مضطردة من المرضى الجدد على مدار الساعة”. يقول بيان لجنة الأطباء.
وتشير اللجنة، إلى أن “الحمى الفتاكة” استفحلت في معظم المنازل لدرجة جعلت التقصي من عدد المصابين أمراً صعباً، والمنومين في المنازل عددهم أضعاف ما يصل المشافي والمراكز الصحية.
وطالبت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في بيانها الذي اطلعت عليه (عاين) وزارة الصحة بأقسامها المختلفة بالقيام بواجبها في توفير الموارد اللوجستية والفنية والطبية لمواجهة وباء حمى الضنك.
تزايد الإصابة
ويقر المتحدث الرسمي لوزارة الصحة السودانية د. منتصر محمد عثمان خلال حديثه لـ(عاين): بتزايد في معدل الإصابة بحمى الضنك في ولاية القضارف، وقد وصلت الحالات المشتبهة بنهاية الأسبوع الماضي إلى 500 حالة”.
ويضيف: “هذه هي السنة الثانية التي تجتاح فيها حمى الضنك ولاية القضارف، ومع عدم تفعيل الأنشطة الوقائية هذا العام ولا توجد مناعة جماعية فمن المتوقع أن تشهد تزايد في معدل الاصابة بهذا الوباء”.
ويشير عثمان، إلى أن الوضع في ولايتي كسلا شرقي البلاد وشمال دارفور أحسن حالا من القضارف حيث لم تتعد الحالات المسجلة عتبة الإنذار حتى الآن”.
وتقول وزارة الصحة بولاية القضارف في بيان صحفي، إنها سجلت 250 حالة إصابة بحمى الضنك ولم تشهد أي وفاة نتيجة هذا الوباء.
لكن مصادر طبية ومواطنين في القضارف والمناطق الأخرى الموبوءة يقولون إن حمى الضنك تنتشر بصورة مخيفة، وأن الحجم الفعلي للإصابة يفوق بكثير الأرقام التي أعلنتها السلطات الصحية.
ومع تفاقم الوضع الصحي في القضارف، بدأ الأطباء إضراباً جزئياً عن العمل في المستشفيات الحكومية بسبب عدم صرف مستحقاتهم المالية واعتراضاً على تردي الخدمات الصحية في المنطقة.
مأساة حقيقية
وتقول الناشطة في المجتمع المدني بالقضارف “أم كلثوم التاج” لـ(عاين) إن “ولاية القضارف تعيش مأساة حقيقة مع حمى الضنك التي تنتشر بشكل واسع في كل أحياء مدينة القضارف”.
وتضيف: “في الحي الذي أسكنه لا يوجد منزل يخلو من حالة اصابة بحمى الضنك، وهناك بعض العائلات لديها 7 مصابين، فالوضع ينذر بكارثة كبيرة ويتطلب تدخلات عاجلة لأنه بدأ واضحاً ضعف الإمكانيات لدى السلطات الصحية المحلية”.
وتشير التاج، إلى أن منظمتي اليونيسيف والصحة العالمية شرعتا في التدخل بولاية القضارف، بينما تقوم السلطات الصحية والبلدية بحملات لمكافحة نواقل الوباء عن طريق “رش” بالمبيدات، الى جانب حملات تفتيش منزلي وتوعية للسكان، ولكن هذه التحركات جاءت متأخرة فحمى الضنك تنتشر بسرعة الآن.
وتنبه أم كلثوم إلى وفاة إحدى طبيبات الإمتياز بمدينة القضارف بعد إصابتها بحمى الضنك مؤخراً وهو ما يؤكد وجود وفيات جراء الوباء، بينما تفوق الإصابات الأرقام المعلنة من وزارة الصحة.
وذكر مصدر في وزارة الصحة بوزارة القضارف لـ(عاين)، أن وزارته قدمت خطة وقائية من وباء حمى الضنك منذ وقت مبكر، ولكن وزارة المالية لم توف بالأموال اللازمة مما أدى لفشل الخطة، لافتاً إلى أنهم يعملون بإمكانيات مالية ضعيفة في الوقت الراهن.
ويقول محمد علي وهو مواطن من كسلا لـ(عاين): “اصبت مؤخراً بحمى الضنك وبعد معاناة كبيرة اتماثل للشفاء الآن. هناك تردي في الخدمة الطبية وغلاء في أسعار الأدوية”.
ويضيف: “العديد من جيرانه في السكن ومعارفه بمدينة كسلا يعانون حالياً مع الآم حمى الضنك، فالوضع صعب للغاية وأن الجميع متخوفون من الإصابة بهذا الوباء”.