السودانيون يتظاهرون في ذكرى “المجزرة” وأكثر من رسالة في بريد الحكومة

3 يونيو 2021

تظاهر المئات من السودانيين اليوم الخميس للمطالبة بتحقيق العدالة وتصحيح مسار الثورة السودانية في الذكرى الثانية لمجزرة فض اعتصام آلاف السودانيين امام القيادة العامة للجيش السوداني في الثالث من يونيو 2019.

وانتشر مئات المتظاهرين في انحاء متفرقة من العاصمة السودانية الخرطوم قبل أن يتجمعوا في ساحة رئيسية وسط الخرطوم “صينية القندول” ومنها انطلقت مواكبهم إلى مقر رئاسة مجلس الوزراء وسط الخرطوم.

وفي وقت مبكر من صباح اليوم الخميس أقامت القوات المسلحة حواجز أمام مقراتها في وسط المدينة بينما لم يشاهد أي انتشار عسكري على غير المعتاد وحرست مقرات الجيش قوات من الاحتياطي المركزي التابعة للشرطة السودانية.

وأحاط المتظاهرون مجلس الوزراء مرددين هتافات تنادي بتحقيق المطالب التي ثار لأجلها السودانيون وتشميل في البدء تحقيق العدالة لشهداء مجزرة فض اعتصام القيادة العامة وكل شهداء الثورة السودانية، بجانب فض “شراكة الدم” في إشارة إلى تقاسم المدنيين السلطة مع قادة المجلس العسكري الذي حدثت المجزرة أبان حكمهم للبلاد بعد تنحية الجيش للرئيس المخلوع عمر البشير تحت ضغط الثوار.

محتجون يرفعون لافتة تطالب بفض الشراكة مع المكون العسكري امام مجلس الوزراء 3 يونيو 2021

ونفذت قوات أمنية بوحشية في الثالث من يونيو 2019 عملية فض الإعتصام ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن مائة وجرح المئات واختفاء آخرين.    

وقالت منظمة العفو الدولية في بيان بالمناسبة اليوم الخميس، إنه يجب على السلطات السودانية أن تُسرّع التحقيقات المتعلقة بالقتل. وقال المدير الإقليمي لبرنامج شرق وجنوب إفريقيا في منظمة العفو الدولية ديبروز موتشينا، إن “ما لا يقل عن 100 محتج سلمي قُتلوا على أيدي قوات الأمن، وأصيب 700 على الأقل بجروح، وجرى اعتقال واحتجاز المئات”.

وأضاف “لكن مع استمرار الضحايا وأسرهم في المطالبة بالعدالة بشجاعة لم تصدر بعد لجنة تحقيق – عُينت للتحقيق في القمع الوحشي – ولو تقريراً أولياً بعد مضي سنة وسبعة أشهر على إنشائها”. وتابع موتشينا: “إن مضي عامين على الهجوم العبثي وغير المبرر على المحتجين العزّل الذي أودى بحياة العشرات بدون إصدار تقرير يتعلق بالتحقيق وعدم مساءلة أي من المسؤولين عن إراقة الدماء يُعدّ استخفافاً واستهزاءً بالعدالة. وبدلاً من ذلك واجه المطالبون بالعدالة مزيداً من الهجمات”.  

        إطلاق بنبان

ومع تقدم نهار اليوم الخميس، ولحظة انسحاب المتظاهرين من أمام محيط مجلس الوزراء ووسط الخرطوم بدأت قوات شرطة متمركز في عدة نقاط بإطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين بدأوا الانسحاب متجهين إلى مقر مشرحة التمييز جنوبي العاصمة السودانية.

وهناك وبحسب متظاهرون تحدثت إليهم (عاين) احتشد المئات في مقر المشرحة التي تحوي جثامين مجهولة الهوية ويعتصم منذ نحو 40 يوما أمامها العديد من الثوار، وتعتقد لجان مقاومة واجسام ثورية عديدة ان بعضها لمفقودي مجزرة فض الاعتصام.

وقبل أيام اشتبهت لجان مقاومة وعائلة أحد المفقودين على جثة في المشرحة قبل أن يتم التأكد من بعد بأنها للثائر الشهيد محمد اسماعيل “ود عكر” عضو لجنة مقاومة الجريف شرق والذي اختفي في أبريل الماضي بعد إحياء فعالية ثورية وتنفيذ وقفة احتجاجية صامتة امام جداريات الشهداء جوار مقرات الجيش بالخرطوم.

        تصحيح مسار

وينظر عضو الهيئة القيادية لتجمع الاجسام المطلبية، خالد طه، إلى ان احتشاد آلاف السودانيين اليوم الخميس تأكيد على أن جذوة الثورة حية، وأن الثوار لديهم مطلوبات اساسية متمسكين بها وهذه اشارة تحدد وحدة الشارع وتماسكه.

ويشير طه في مقابلة مع (عاين)، إلى أن الحراك الجماهيري الذي انتظم شوارع العاصمة هذا الصباح يصب في مصلحة التحول الديمقراطي بالسودان. 

تجمع المتظاهرين امام مجلس الوزراء 3 يونيو 2012

ويشدد خالد، “كان على الحكومة الإنتقالية  في السودان ان تسرع في انجاز متطلبات الثورة التى يتسم معظمها بطبيعة حقوقية والتنازل عنها أمر صعب لارتباطها بالجانب العدلي واعتقد ان هذا الحراك حقق تقدم في اتجاه تعزيز المكون المدني في الحكومة ويقلص مساحات العسكر”.

ويقول طه، هذه المواكب نجحت منذ مساء امس وظهر ذلك في خطاب السيد رئيس مجلس  الوزراء اذ كان خطاب منحاز جداً لكل المطلوبات  الثورية وفي تقديري الموكب نجح بمجرد الاعلان عنه.

وتوقع عضو الهيئة القيادية لتجمع الاجسام المطلبية وهو احد ابرز الاجسام الداعية لهذا الحراك،  ان السودان سيشهد فترة جديدة في النصف الثاني من الفترة الانتقالية يتضح ذلك في مساعي الحكومة لإرضاء الشارع واستكمال حزمة مطالب الثورة.

 وقال، “الإصلاح لن ينحصر على الأداء بل يطال الحاضنة السياسية التى ينظر اليها الكثير من قوى الثورة انها أقل من الاداء الثوري المطلوب وهذا يجعل الأبواب مشرعة أمام حدوث تغيير كبير جداً لإصلاح البنية المؤسسية للحرية والتغيير وهيكلتها وخططها المستقبلية التشكيلة القيادية”.

فيما يرى المحلل السياسي، عمرو شعبان، الحشد الجماهيري هو الأكبر بعد موكب 30 يونيو 2019، وقال، “حشد اليوم لموكب تحقيق العدالة والقصاص تم بتنسيق كبير جداً بين اجسام الثورة سوى الأحزاب والمكونات الأخرى ويعكس موكب اليوم تراكم الفعل الثوري ووصلت رسائله الى مكونات الحكومة والركن المفصلي  فيها تحقيق العدالة والقضاء على سيناريو الإفلات من العقاب واستكمال السلام بدلاً من السلام الجزئي وغيره من مطالب الشارع السوداني”.