موكب ٢٥ ديسمبر: الثورة تقترب من القصر الرئاسي
تقرير عاين 26 ديسمبر 2018
في يومها السابع وصلت الاحتجاجات السودانية المطالبة بإسقاط النظام إلى أعلى مراحلها صعودا من تظاهرات العاصمة وانتفاضة المدن وانضمام المهنيين والإضرابات العامة من قبل الأطباء والمعلمين. ذلك فيما تنوعت تكتيكات الثوار في احياء العاصمة ووسطها وكذلك في الولايات بصورة أربكت الاجهزة الامنية وخلقت فارقا كبيرا نقل المبادرة لخانة الثورة بصورة ملحوظة ودفعت النظام لزاوية الاجهزة الامنية. وفي المقابل بدأت بوادر عديدة لتصدع النظام وأجهزته وتكتيكاته الدفاعية إذ ظهرت بوادر انحياز بعض ضباط القوات المسلحة للمتظاهرين واحجام عدد كبير من قوات الشرطة عن ضربهم مما قاد إلى اضطرار عناصر الأمن الشعبي والأمن الطلابي وغيرهم للنزول إلى الشوارع واستخدام الرصاص الحي في محاولة لاستعادة السيطرة مهما كلف الثمن. من جانبه وجه قائد الدعم السريع حميدتي اتهامات جديدة لقادة النظام، وأشار مجددا لبراءة قواته من قتل المتظاهرين أو اشتراكهم في قمعها.وفي ظل التخبط السياسي للنظام ، وجه قادته بما فيهم الرئيس البشير اتهاما لاسرائيل وجهات أجنبية أخري وحركات مسلحة وأحزاب معارضة بالتواطؤ، الأمر الذي سخرت منه تل أبيب نفسها، كما سخرت منه القوي السياسية مشيرة إلى اتجاه الخرطوم نفسها إلى التطبيع مع اسرائيل مؤخرا في محاولة يائسة لفك عزلتها الدولية وانهيارها الاقتصادي.
قتل عمد
وفيما قالت منظمة العفو الدولية إن عدد قتلى التظاهرات وصل إلى 37 شخصا حتى قبل تظاهرات يوم الثلاثاء، أكدت نقابة أطباء السودان الشرعية امتلاكها أدلة علي استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين وفي مناطق قاتلة من الجسد، مشيرة الى اصابة ثلاثة من الأطباء بالرصاص الحي. أقرت الحكومة بمقتل ثمانية أشخاص في ولايتي نهر النيل والقضارف في أول يومين من الاحتجاجات التي دخلت يومها السابع. بينما قال رئيس الوزراء السوداني الأسبق الصادق المهدي قبل يومين إن عدد قتلى التظاهرات وصل إلى 22 قتيلا. ويقول شهود عيان تحدثوا لـ (عاين) ان قوات الامن التي ترتدي ملابس الشرطة استخدمت الرصاص الحي في مدن عطبرة وبربر والقضارف وام روابة والرهد والجزيرة أبا والخرطوم وكريمة وغيرها من المدن، مشيرين إلى احتمال ارتفاع العدد عن 37 قتيلا، بالذات في ظل ارتفاع أعداد الإصابات إلى أكثر من مائة جريح. ويؤكد طبيب سوداني تحدث ل (عاين) ان النظام السوداني وصل إلى مرحلة القتل العمد بقصد تخويف المتظاهرين. يقول الطبيب ان الاستخدام المفرط للعنف يأخذ طابعا تصاعديا شديدا في ظل ظهور دلائل استخدام الرصاص ضد المتظاهرين في الرأس والصدر والبطن، الأمر الذي يشير إلى إطلاق النار بهدف القتل.
موكب الثلاثاء
على اثر دعوة أطلقها تجمع المهنيين السودانيين الذي يضم الاطباء، الصيادله، المهندسين المحامين الأطباء الصحفيين دعوة لتسليم مذكرة لرئاسة الجمهورية تدعوها بالتنازل عن الحكم تجمع المئات من السودانيين في السوق العربي. وقال مراسل ” عاين” الحشود بدأت تتجمع منذ الساعة العاشرة صباحاً رقم كثافة قوات الشرطة السودانية تدافعت الجماهير من كل الاتجاهات الأغلبية كانت من ميدان جاكسون حضرو متسللين تحت المباني متخذين من مول الواحة وعمارة الذهب مقرات رئيسة. وكشف مراسل عاين عن توافد أعداد ليست بالقليلة من الاجهزة الامنية في “بكاسي” من دون لوحات جزء بالزي المدني وآخر بالزي الرسمي غير المتكامل مما يشير الى انهم افراد امن يتدثرون بزي الشرطة.
دعا الفريق محمد حمدان دقلو حميدتي قائد قوات الدعم السريع الحكومة إلى توفير الخدمات للمواطن والإيفاء بواجباتها وتوفير سبل كسب العيش الكريم لهم.ويمضي مراسل ” عاين” قائلاً بدات التظاهرات جنوب عمارة الدهب وشرق مول الواحة حوالي الساعة الواحدة والنصف بالهتافات الشعب يريد اسقاط النظام والطلقة ما بتكتل بكتل سكات الزول. إلى أن إلتحم المتظاهرين مع قوات الشرطة التي فرقتهم بالغاز المسيل للدموع ” البمبان” وتفرق الناس الا انهم عادو ترتيبهم بسرعة فائقة في شارع المك نمر الذي شهد أكبر تجمع، وتعاطف كبير من أفراد الشرطة الذين رفضوا ضرب المواطنين. ويضيف مراسل عاين الذين تولوا الضرب كانوا هم افراد الامن وآخرون بزي عسكري لم يستطع تحديد هويتهم. ولكن احد المشاركين في التظاهرات افاد لـ (عاين) بان الذين كانوا يرتدو زي عسكري هم من الأمن الطلابي وبعض منسوبي حزب المؤتمر الوطني الحاكم الجهاديين.
عنف مفرط
واكد متظاهرون لـ(عاين) ان السلطات الامنية تعاملت مع المتظاهرين بعنف مفرط ادت الى اصابة 10 متظاهر إصابات متفاوتة نقلو على اثرها للمستشفيات كما اطلقت السلطات الامنية الرصاص بالقرب من صحيفة السوداني اصيب على اثرها مدير تحرير صحيفة التيار خالد فتحي، بينما أصيب ضرب مراسل الجزيرة وطالبت السلطات من مراسل العربية مغادرة السودان على الفور. وقامت الأجهزة الأمنية باعتقالات العشرات من المتظاهرين أبرزهم الشاعر محمد طه القدال وعدد من طلاب الجامعات والناشطين في العمل العام
ورغم الاستخدام المفرط للعنف،وصلت التظاهرات إلى مناطق قريبة من شارع القصر الجمهوري في وسط العاصمة السودانية الخرطوم، هذا وقد استمرت التظاهرات المنادية بإسقاط النظام الى ساعات متاخرة من عشية 25 ديسمبر الجاري. ويقول شهود عيان ان تظاهرات الثلاثاء شهدت عمليات عنف وإطلاق رصاص حي اودى بحياة احد المتظاهرين بينما نقل العشرات الى مستشفي حوادث الخرطوم. واطلق قناصة الحكومة السودانيين الذين كانوا يتخذون من البنايات العالية مخبأ لهم النيران حتى بمقربة من دور صحيفة السوداني
طرد
وفي تطور آخر لافت، قالت مصادر اعلامية ان الجماهير بمنطقة ودالحداد بولاية الجزيرة رددت هتافات مناوئة للبشير الأمر الذي اضطر التلفزيون القومي الذي كان يبث خطاب البشير لقطعه. ذلك فيما اضطر البشير لقطع زيارته الي ولاية الجزيرة التي كان يفترض أن يستكملها بزيارة المناقل و الكاملين و مارنجان عقب أن طردته الجماهير الغاضبة بمنطقة رفاعة فيما مكث لفترة وجيزة بمدنية مدني في ظل حراسة مشددة من قبل الاجهزة الامنية التي سبقته إلى المدنية
ويقول شهود عيان أن إحدى السيارات التابعة للحشود العسكرية التي وصلت مدني لتأمين زيارة البشير دهست أحد تلاميذ المدارس الامر الذي دفع مواطنون غاضبون إلى إحراق معرض التراث الذي يزور البشير الولاية لافتتاحه. فيما هتفت مواطنات بمدينة مدني أمام موكب الرئيس بهتافات ” طير طير يا البشير
حميدتي يربك الحسابات
وظهر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دلقو “ حميدتي” لاول مرة منذ بداية الاحتجاجات مخاطبا جنود الدعم السريع الذين تم سحبهم من شمال دارفور للخرطوم ، مطالبا الدولة توفير الخدمات للمواطن و الإيفاء بواجباتها مشيراً إلى أن من واجب الحكومة أن توفر الخدمات ولابد من رقابة على السوق والجشع” ويقول حميدتي “لي يوم الليله مسالة البنوك دي مش فاهمنا الزول يخت قروشو ما يلقاه ليه؟. الحكاية دي فيها إنه ولازم الزول العمل الكلام ده يتحاسب والفاسدين من المسؤولين”
وتساءل “ نحن ليه نمنع الناس قروشهم الكلام دا فيهو تلاعب وفيه مشكلة ودا ما المتفق علي مافي زول د ود مصارين بيض وده ود مصارين زرق، دا كلام فيهو خلل وما مقبول “. وظهرت اشارات متضاربة بشأن موقف قوات الدعم السريع من التظاهرات الحالية لا سيما عقب أنباء ترددت عن حماية الجيش للمتظاهرين في عطبرة والقضارف وبورتسودان. وكان حميدتي أكد في أكتوبر الماضي ان قواته لم تشارك في قتل المتظاهرين في سبتمبر 2013، مطالبا بضرورة تبرئة قواته وتقديم المتهمين الحقيقيين إلى العدالة
رصاص حي
يروي محمد علي ود بكومة بمنطقة الشقلة محلية شرق النيل، الذي شارك في مظاهرات الشقلة بالحاج يوسف يوم 22 ديسمبر، ويقول يبدو أن حاجز الخوف من الرصاص او الاعتقال لم يكن هاجسا لدي الكثيرين، مضيفا “الامور باتت لا تحتمل، الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي في الهواء لتفريق المتظاهرين وارعابهم” يؤكد عدم حدوث إصابات في مظاهرات الشقلة التي تفرقت بسرعة، اعتقل خلالها ثلاثة مواطنين
اما صلاح مصطفي أحد المشاركين في مظاهرات الحاج يوسف بمحلية شرق النيل،يقول تجاوب السكان في الحاج يوسف مع المظاهرات الاخيرة، خلافا لمثيلاتها السابقة، منددة بالغلاء في كل جوانب الحياة المختلفة، وكانت التظاهرات من شارع واحد إلى محطة (2) بسوق ستة، بعد انتهاء من صلاة الجمعة استمرت حتى التاسعة مساء، وكرر بعض المشاركين في التظاهر انهم سيكررون ذلك قريبا
مظاهرات ولائية
وفي الأيام الماضية شهدت كل من مدن أم روابة والرهد بولاية شمال كردفان ومنطقة الترتر بولاية جنوب كردفان مظاهرات عنيفة قابلتها السلطات في ام روابة بإطلاق الرصاص الحي أسفر عن شهيد وعدد من الجرحى. وفي الرهد اكتفي المتظاهرين بحرق دار المؤتمر الوطني. وفي ذات الأثناء اندلعت التظاهرات بمدن كأس بولاية جنوب دارفور الضعين بولاية شرق دارفور في غرب السودان، ومدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.وفي أقصى شمال السودان اندلعت التظاهرات بمدينة دنقلا عاصمة الولاية الشمالية.. ومدينتي كريمة والقولد
يقول احد شهود العيان من ولاية سنار، منطقة مايرنو، أصدرت الولاية قرارا بايقاف العام الدراسي في مختلف المراحل، وفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال من الساعة 6 مساء الى ال 6 صباحا، ويقول سعد محمد عبدالله لـ(عاين) ان المواطنين في مايرنو رفضوا حظر التجوال، وخرجت مظاهرات هتفت ضد النظام، انهم يريدون اسقاط النظام، وأطلقت السلطات الغاز المسيل للدموع في شارع البطون ومسجد مايرنو العتيق لمنعهم من صلاة العشاء، واعتقلت أجهزة الأمن التي أتت ب5 تاتشرات كل من ادم عبدالله وعمار عثمان. يضيف سعد “في سنار كانت المظاهرات في السوق الكبير، والقلعة والسوق الشعبي، ثم سنجة، وود النيل، وشاركت فيها أعداد كبيرة، واعتقلت عدد من المعارضين من بينهم اعضاء الحزب الشيوعي، خالد اليسع وبشير جمعة، وآخرون من أعضاء حزب الامة القومي”. يقول أحد طلاب رابطة الاتحاديين الديمقراطيين أن الاحتجاجات في منطقة الحوش بولاية الجزيرة 24 ديسمبر مثلها كبقية الاحتجاجات التي بدأت مؤخرا، وقد تجاوب المواطنين معها بصورة ايجابية، وداعين الى التغيير الحقيقي، وأكد وجود اصابة واحدة من دون ان يتوفر معرفة اسم المصاب في منطقة الحوش
حاجز الخوف
يشرح المحامي عبدالباسط الحاج أن هذه التظاهرات نتيجة طبيعية لفشل النظام، في جميع الاصعدة، قائلاً ل(عاين) انه يعود إلى الفشل المستشري داخل اجهزة الدولة، والإنفاق الحكومي المتزايد في المؤسسات الامنية والعسكرية لممارسة القمع ضد المواطن، أن الاحتجاجات تسير بشكل مستمر ومتماسك في ذات الوقت، وتزداد يوما بعد يوم، ويؤكد ان الشعب السوداني وصل الى الحد الذي يجعله لا يحتمل أكثر من ذلك، وقد كسر المواطن حاجز الخوف، من اجهزة القمع والبطش، وقد اكتملت الخطوة الأولى للثورة وسوف تغطي غالبية المدن والمحليات. ويظهر من متابعات شبكة عاين ان يوم الثلاثاء 25ديسمبر المنصرم كان يوم مفصلي في تاريخ الثورة السودانية حيث كسر المتظاهرين حاجز الرهبة في مواجهة النظام