جرائم غامضة تهدد أمن مدينتين رئيسيتين في السودان
عاين- 22 أبريل 2025
يتجنب المواطنون في مدينة كسلا الواقعة على بعد 700 كيلومتر عن العاصمة السودانية شرق البلاد التجول ليلا داخل الأحياء أو الأسواق مع تصاعد وتيرة الجرائم خلال الأشهر الأخيرة وتزايدت المخاوف عقب مقتل الشاب فواز الهادي منتصف أبريل 2025 في حي بانت بواسطة شخصين يقودان دراجة نارية حاولا خطف هاتفه.
قاوم الشاب فواز الهادي اللصوص ولم يتردد أحدهم في تسديد طعنة حينما قاوم الشاب واقعة النهب ونُقل إلى المستشفى إلا أنه فارق الحياة متأثرا بالإصابة وفق إفادة مؤمن الحسن وهو من الفاعلين في لجان مقاومة بمدينة كسلا شرق البلاد.
الشعور بالذعر
أثارت حادثة مقتل الشاب فواز الهادي استياء المواطنين من تصاعد الجرائم في كسلا في المدينة التي اعتاد سكانها على المكوث في المقاهي الشعبية والأسواق حتى وقت متأخر من الليل.
يوضح مؤمن الحسن الناشط في لجان المقاومة في حديث لـ(عاين) الأوضاع الأمنية عن قرب في مدينة كسلا التي يقطنها نحو مليوني شخص بينهم عشرات الآلاف من النازحين أغلبهم من العاصمة السودانية. مضيفا: أن “الجماعات المسلحة تنتشر في كسلا بتشكيلات مختلفة دون أي ضوابط ولديها عشرات المكاتب العسكرية في المدينة تحت بصر الجيش والشرطة وجهاز المخابرات”.
وأشار الحسن، إلى أن شرطة كسلا لم توجه أي تطمينات للمواطنين بخصوص تصاعد حوادث نهب الهواتف والأموال من المارة والتي تعرف شعبيا تـ”تسعة طويلة”.
ولفت الحسن، إلى أن رجلين ينتحلان صفة رجال المباحث اختطفا صبيا مراهقا لم يتجاوز عمره 16 عاما قبل ثلاثة أيام في منطقة العامرية وأُفرج عنه بعد 12 ساعة ولم يعرف عما إذا كان والده دفع فدية للخاطفين.
ويقول مؤمن: إن “ثلاثة إلى أربعة حوادث محاولة خطف الهواتف والمال من المواطنين تحدث في مدينة كسلا يوميا خلال أوقات الليل في الأحياء السكنية مع التركيز على المناطق الواقعة وسط المدينة وهي أحياء الشعبية وبانت وكارا والميرغنية كما هاجم أفراد على متن دراجة نارية محطة وقود في كسلا في وضح النهار منتصف هذا الشهر ونهبوا المال من الخزانة تحت تهديد السلاح”.
انتشار أمني محدود
وترتفع العمليات الأمنية والعسكرية ونقاط المراقبة على الطرق البرية المؤدية إلى المدينة بالمقابل فإن المواطنين يقولون إن حوادث النهب بالدراجات النارية في تزايد يومي.
ويقول مختار محمدين، وهو ناشط في القوى المدنية شرق السودان لـ(عاين): إن “وتيرة الجرائم ارتفعت عقب اندلاع الحرب قبل عامين وهناك تقارير تحدثت عن وصول عتاة المجرمين إلى مدن الشرق عقب اقتحام الأطراف العسكرية للسجون في العاصمة السودانية والإفراج عن ما لا يقل عن عشرة آلاف سجين”.
وأضاف: “أين ذهب السجناء بالتأكيد إلى المدن البعيدة نسبيا عن الحرب وأغلبها تقع شمال وشرق البلاد، لم تراقبهم الشرطة رغم علمها بهذه المعلومات لأن السلطة الحاكمة تلعب بورقة الأمن وهي ضمن معادلة النظام العسكري والأمني”.
ويوضح محمدين، أن القوى المدنية والاجتماعية ترتب لمواكب احتجاجية للمطالبة بتحسين الوضع الأمني وهي قادرة على فرض مطالبها رغم أنف السلطة الحاكمة التي تتلاعب بأمن المواطنين.
مدينة عطبرة أيضا
أما في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمال البلاد تكررت حوادث النهب قرب أحياء المطار والسوق الرئيسي ويحمل المواطنون الشرطة في عدم التحرك لكبح الجرائم المتصاعدة.
ويقول أحد سكان المدينة، عماد سالم لـ(عاين): “الشهر الماضي نشرت شرطة نهر النيل نصائح للمواطنين بإغلاق أبواب المنازل جيدا وإنشاء أسلاك شائكة فوق الجدران لمنع تسلق اللصوص وتجنب السير بإنفراد في الشوارع الخالية من الحركة”.

وأردف: “نُشرت الإرشادات على حساب شرطة نهر النيل في فيسبوك أثار مخاوف المواطنين واضطرت الشرطة إلى حذفها”.
وتابع: “ولاية نهر النيل تقع على بعد أقل من 350 كيلو متر عن العاصمة السودانية وهناك معلومات لدى الشرطة والأجهزة الأمنية بوصول مئات السجناء عقب إطلاقهم من كوبر وأم درمان قبل عامين وتُركوا دون أي مراقبة”.
توافد شبكات إجرامية
في ذات الصدد، طلبت شبكة (عاين) من المتحدث باسم الشرطة السودانية التعليق على حوادث النهب التي تنتشر في مدن كسلا وعطبرة وحتى بورتسودان العاصمة المؤقتة للحكومة التي شكلها الجيش خلال الحرب لكنه لم يرد على الاستفسارات.
من جهته، يعزو ضابط الشرطة المتقاعد، جابر سعيد ارتفاع الجرائم وحوادث النهب في المدن البعيدة نسبيا عن الحرب أو الواقعة خارج دائرة القتال إلى عدم مراقبة الشرطة لآلاف السجناء الذين فروا من السجون المركزية بالعاصمة السودانية عندما اندلعت الحرب قبل عامين.
ويقول سعيد لـ(عاين) إن الحرب تنعكس على المدن الآمنة في أي بلد من خلال ارتفاع وتيرة جرائم القتل والنهب كما إن البطالة تؤدي إلى تفشي الجرائم أضف إلى ذلك عدم وجود حماية أمنية للمواطنين بالقدر المطلوب مع تركيز الحكومة على الحرب. وأردف: “الشرطة قادرة على منع وقوع حوادث النهب والاختطاف في هذه الولايات لكنها لم تتحرك حتى الآن”.