هل تغطي “دولارات الحكومة” تكاليف معيشة السودانيين؟

12 يونيو 2021

تعتزم الحكومة السودانية توزيع إعانات مالية تطلق عليها “برنامج ثمرات” على نحو  32 مليون شخص في البلاد يشكلون نسبة 80% من سكان البلاد مقابل الإصلاحات الاقتصادية الخاصة برفع الدعم عن الوقود والقمح والكهرباء بتخصيص خمسة دولارات للفرد ما يعادل 2.8 ألف جنيه، وسط شكاوى من تعثر البرنامج وعدم تمكنه من الوصول للسكان.

وبدأت الحكومة الانتقالية برنامج دعم الأسر الفقيرة الممول دوليًا والذي يعرف اختصارا بـ”ثمرات” العام الماضي لكن المشروع لم يحرز تقدمًا لانعدام قاعدة البيانات الخاصة بالفئات المستهدفة.

ولا تزال قاعدة البيانات الخاصة بالسكان تشكل تحديًا للبرنامج الحكومي الذي يستهدف الوصول إلى (32) مليون شخص على مستوى العاصمة والولايات ويشكو مراقبون من أن البرنامج بطريقته الراهنة مدخل لارتكاب مخالفات مالية وفساد حكومي.

وخصص مؤتمر برلين في يونيو العام الماضي نحو 1.8 مليار دولار لبرنامج ثمرات لكن الحكومة الانتقالية مقابل مضي السودان قدما في تحرير السلع الاساسية ومنح إعانات مالية لـ 80% من السكان.

وعطل المانحون تدفق الأموال الخاصة بثمرات نهاية العام الماضي واشترطوا تحرير سعر العملة بالكامل واضطرت الحكومة الانتقالية في فبراير الى توحيد سعر الصرف بين البنوك والسوق الموازي ليصبح سعر الدولار في السوق الموازي اليوم السبت (450) جنيها مقابل واحد دولار أمريكي و(428) في البنوك.

التزام المانحين 

ويؤكد مفوض مفوضية مكافحة الفقر بوزارة التنمية الاجتماعية الصافي عز الدين في تصريحات لـ(عاين) أن برنامج ثمرات يستهدف 8.5 مليون عائلة في البلاد.

وأضاف عز الدين: “البرنامج لا يستهدف الفقراء فقط والآن بدأ في 12 ولاية سودانية ويخصص خمسة دولارات للشخص اي ما يعادل 2.8 ألف جنيه بالسعر التأشيري للبنوك”.

وأوضح عز الدين، أن المانحين التزموا حتى الآن بإرسال 820 مليون دولار من جملة 1.8 مليار دولار هي جملة التعهدات لشركاء السودان والبنك الدولي والمؤسسات الدولية”.

وتابع الصافي عز الدين: “تسلمنا جزء من الأموال من جملة 820 مليون دولار هي للمرحلة الحالية وأودعت في بنك السودان وبنك الخرطوم والجزء الثاني قيد الإجراءات المصرفية في الطريق إلى البلاد”.

وأكد مفوض مفوضية مكافحة الفقر بوزارة التنمية الاجتماعية بالسودان الصافي عز الدين أن المانحين يفرجون عن التعهدات المالية كلما حققت الحكومة السودانية تقدما في توزيع أموال ثمرات إلى المستهدفين ولذلك سارعت الحكومة في توسيع نطاق البرنامج ليشمل 12 ولاية سودانية وبقية الولايات ستنضم قريبا.

  • الأسعار تلتهم كل شئ

من جهتها أشارت اخلاص وهي ربة منزل وموظفة في قطاع التعليم في حديث لـ(عاين) إلى أنها حصلت على 8.5 ألف جنيه اي ما يعادل 20 دولارًا حيث حصلت عائلتها المكونة من أربعة أشخاص على 20 دولار هذا الشهر.

وقالت السيدة التي تقطن حي القمائر بمدينة أم درمان غربي العاصمة السودانية إن هذه المساعدات تمكنها من الإنفاق على جزء من احتياجات المعيشة مثل شراء الخبز  لكن في نفس الوقت أعربت عن قلقها من الصعود المستمر للأسعار وعدم تغطية جميع المداخيل المالية للعائلة.

المجاعة تضرب جنوب النيل الازرق وتتسبب في تشريد الاسر

وتابعت: “الإجراءات تمت عن طريق لجنة الحي التي جمعت البيانات من السكان ونحن نجني نحو 50 الف شهريًا من الأجور وبعض المساعدات المالية للعائلة من الأقرباء بالخارج ورغم ذلك من الصعب تدبير نفقات المعيشة دون التنازل عن بعض السلع والتخلي عنها نهائيا مثل الألبان والفواكه واللحوم اضطررنا لمقاطعتها لأنها مكلفة جدا”.

وكان وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم قال في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي على هامش إعلان الإجراءات الاقتصادية الخاصة بزيادة الوقود قال إن برنامج ثمرات يخفف حدة الفقر لكن ليس كافيا لتقديم حلول كاملة للفقراء.

  • مفارقة

ويعتقد المحلل الاقتصادي وائل فهمي في مقابلة مع (عاين) أن البنك الدولي يحدد خط الفقر للشخص الذي لا يحصل على دولارين في اليوم اي أنه يجب أن يكسب 60 دولارا في الشهر بينما برنامج ثمرات يخصص خمسة دولارات وهذا الفرق شاسع جدا.

وتابع فهمي: “المهدد الثاني لبرنامج ثمرات الأسعار تلتهم باستمرار اي دخل او اية اعانات مالية حكومية اذا حصلت عائلة على 15 الف جنيه شهريا من الإعانات الحكومية فإنها تنفقها على احتياجات طفيفة للمعيشة قد لا تتعدى سلعة او سلعتين”.

وأضاف: “بعض العائلات التي تلقت اموال ثمرات جمعت المال وأسست استثمارات صغيرة لكنها ليست آمنة بسبب تقلبات سعر الصرف لذلك المحك الحقيقي في الجدوى الاقتصادية لدعم الأسر هو تثبيت قيمة الجنيه السوداني لتحقيق ثبات في الأسعار”.

ويرى فهمي، أن الحكومة مطالبة بإلغاء الضرائب والرسوم على الجمارك والسلع والخدمات حتى يحصل عليها المواطنون بشكل زهيد مشيرا إلى أن الضرائب الحكومية تفاقم الغلاء المعيشي بشكل كبير.