السودان: ماهي التحديات التي تواجه (حمدوك) في تشكيل حكومة الكفاءات؟

 2 ديسمبر 2021

يقاوم السودانيون الاتفاق المبرم بين قائد الجيش ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي والقاضي بتشكيل حكومة كفاءات لادارة ما تبقى من الفترة الانتقالية وسط نفوذ وسيطرة للعسكريين، بينما يواجه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي عاد لمنصبه بموجب الاتفاق ضغوطا كثيفة قد تدفعه لتقديم استقالته وبالتالي انهيار الاتفاق الاطاري المبرم مع قائد الجيش.

من خلال تصريحات رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في مقابلة صحفية مع قناة الجزيرة بعد يوم من إبرام الاتفاق في 22 نوفمبر 2021 فإن الأوراق التي أمامه تنص على تكوين حكومة كفاءات ذات مهام محددة أبرزها معالجة الوضع الاقتصادي وإجراء الإنتخابات في صيف عام 2023.

السودان: ماهي التحديات التي تواجه (حمدوك) في تشكيل حكومة الكفاءات؟

البحث عن كفاءات

ويحاول حمدوك تكوين حكومة مستقلة من الكفاءات السودانية ولكن هناك تحد يواجه الرجل الذي بدا معزولا من حاضنته السياسية قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي ” في ذات الوقت زاد نفوذ العسكريين في الفترة الانتقالية عما كان عليه قبل إنقلاب 25 أكتوبر 2021.

عضو في تحالف الحرية والتغيير- المجلس المركزي: هناك اتفاقات سرية بين العسكريين وبعض السياسيين مثل التخلي عن مطالب تسليم المطلوبين إلى المحكمة الجنائية الدولية والتغاضي عن تحقيقات مجزرة القيادة العامة مقابل استيعابهم في الحكومة الجديدة.

ويظهر النفوذ العسكري على اختصاصات الجهاز التنفيذي من خلال  تدخلات مجلس السيادة في ملفات مجلس الوزراء وبالنظر إلى الاجتماعات التي عقدها مجلس السيادة الإنتقالي “أعلى هيئة انتقالية” حيث استضاف هذا المجلس الرئاسي الذي يهيمن عليه العسكريون هذا الأسبوع إجتماعات متعلقة بالوضع الصحي والموسم الزراعي ونقلت عضو مجلس السيادة والمتحدث باسمه سلمى عبد الجبار يوم الاثنين 29 نوفمبر لمسؤولين في القطاع الزراعي إنها : “ستتابع إنجاح الموسم الزراعي”.

مفترق طرق

الملفات المطروحة على طاولة مجلس السيادة تعد من اختصاصات الجهاز التنفيذي بحسب الوثيقة الدستورية الموقعة بين العسكريين والمدنيين في أغسطس 2019 وجدد موقعو الاتفاق الإعتراف بها في الاتفاق الإطاري الموقع بين البرهان وحمدوك في 21 نوفمبر الشهر الماضي.

وتضاعف تدخلات مجلس السيادة الانتقالي في صلاحيات رئيس الوزراء لجهة العزلة التي يواجهها حمدوك بسبب مناهضة القوى الثورية للاتفاق والقطيعة البائنة بين غالبية من يمثلون الشارع الثوري وبين رئيس الوزراء وتآكل شعبيته أيضا من الأسباب التي تجعله يقف في مفترق طرق قبل تشكيله حكومته التي وعد بتكوينها خلال أسبوعين.

كما إن هناك ورقة أخرى يستخدمها المكون العسكري بحسب تصريحات أدلى بها نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو في مقابلة مع قناة العربية الأحد 28 نوفمبر 2021 ذكر فيها أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك يتعين عليه إجراء مشاورات مع قادة القبائل ليكونوا ضمن المشاورات الجارية لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة.

وتؤكد تصريحات الجنرال دقلو وضع طرف مستحدث في معادلة ترويكا الانتقال الذي تقلص الى طرفين رئيسين متحالفين وهما المكون العسكري والحركات المسلحة الموقعة على السلام في جوبا ورئيس الوزراء الذي بدا وكأنه عُزل من الحاضنة السياسية التي جلبته إلى السلطة الانتقالية.

السودان: ماهي التحديات التي تواجه (حمدوك) في تشكيل حكومة الكفاءات؟

تحالف عابر

بينما يعتقد المحلل السياسي مصعب حسن في تصريحات لـ(عاين)، أن الوضع الحالي في السلطة الانتقالية هو “تحالف عابر” بين العسكريين وبعض الحركات المسلحة وبعض الأحزاب ورجال القبائل علاوة على الشخصيات المعروفة التي قادت الوساطة بين الجيش وحمدوك. ويضيف حسن : “جميع هذه الأطراف طرحت نفسها حاضنة سياسية للحكومة المرتقبة التي يعتزم حمدوك تشكيلها”.

ويوضح المحلل السياسي مصعب حسن أن : ” الشخصيات التي ظهرت في منصة توقيع الاتفاق بين البرهان وحمدوك في القصر الجمهوري في 21 نوفمبر هي التي ستكون  الحاضنة السياسية الجديدة لقد رأينا قادة القبائل ورجال الأعمال والعسكريين وقادة المليشيات جميعهم تحالف معهم البرهان ودقلو للعمل مع حمدوك في الإئتلاف السياسي الحاكم وهي ضمن الامتيازات التي مُنحت لهم لتمرير السلطة إلى قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في نهاية الفترة الانتقالية”.

وفي مسعى لكسر العزلة السياسية التي فُرضت على رئيس الوزراء منذ إبرامه الاتفاق مع قادة الجيش في 21 نوفمبر بدأ مكتبه ترتيبات للقاء يجمع بين أعضاء في لجان المقاومة بالعاصمة السودانية وبالفعل تمكن من عقد إجتماع مشترك في مجلس الوزراء في 28 نوفمبر الأحد الماضي. وبحسب البيان الصادر عن مكتبه  شرح رئيس الوزراء لبعض الأعضاء من لجان المقاومة الأسباب التي اضطرته لتوقيع الاتفاق السياسي مع قادة الجيش موضحا أن المعادلة الصفرية تؤدي الى الانهيار.

قوبل لقاء حمدوك ببعض أعضاء لجان المقاومة بسخط على منصات التواصل الإجتماعي التي تعد مؤشرا لقياس قبول الرأي الوقائع السياسية والعسكرية في البلاد منذ الإطاحة بنظام البشير. ويسعى مكتب رئيس الوزراء من خلال هذا اللقاء إحداث اختراق في لجان مقاومة كما وصفت النشطاء على المنصات الإجتماعية لتكوين حاضنة سياسية جديدة.

حكومة إمتيازات

ويؤكد عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير شهاب الطيب لـ(عاين)، أن  حمدوك يحاول تشكيل حاضنة تشبه الحاضنة السياسية لحكومته السابقة من لجان مقاومة وبعض أحزاب الحرية والتغيير”. عضو في تحالف الحرية والتغيير- المجلس المركزي: هناك اتفاقات سرية بين العسكريين وبعض السياسيين مثل التخلي عن مطالب تسليم المطلوبين إلى المحكمة الجنائية الدولية والتغاضي عن تحقيقات مجزرة القيادة العامة مقابل استيعابهم في الحكومة الجديدة.

خلافات بين حمدوك وقادة الجبهة الثورية بسبب شروط يطرحها حمدوك على العناصر المرشحة لتولي الحقائب الوزارية وحكام الولايات وهي الاستقلالية والخبرة.

وأضاف الطيب: “بالطبع لن يفشل حمدوك في العثور على السياسيين الناقمين من قوى الحرية والتغيير وتصفية الحسابات القديمة مع قادة المجلس المركزي  وتؤيد الانقلاب لتحقيق ذلك”.

ويمضي الطيب إلى أبعد من ذلك، ويعتقد أن هناك اتفاقات سرية بين العسكريين وبعض السياسيين مثل التخلي عن مطالب تسليم المطلوبين إلى المحكمة الجنائية الدولية والتغاضي عن الضغوط السياسية لإحراز تقدم في تحقيقات مجزرة القيادة العامة وكل هذه الملفات ستكون مقابل استيعابهم في الحكومة الجديدة أو هيئاتها”. خلافات بين حمدوك وقادة الجبهة الثورية بسبب شروط يطرحها حمدوك على العناصر المرشحة لتولي الحقائب الوزارية وحكام الولايات وهي الاستقلالية والخبرة.

وعلمت (عاين) إن هناك خلافات بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وقادة الجبهة الثورية بسبب شروط يطرحها حمدوك على العناصر المرشحة لتولي الحقائب الوزارية وحكام الولايات وهي الاستقلالية والخبرة في مجالات رئيسية مثل معرفة الوضع السياسي والوعي به والتخصص في مجالات التنمية والاقتصاد والحوكمة والادارة والصحة العامة والزراعة والطاقة.

المسؤول السابق في مكتب رئيس الوزراء عبد الله ديدان: “حمدوك” يواجه تحديًا كبيرًا في تشكيل حكومة كفاءات مستقلة لأنه بلا حاضنة سياسية إلى جانب المعارضة الشعبية للاتفاق السياسي.

فيما يرى المسؤول السابق في مكتب رئيس الوزراء عبد الله ديدان في تصريحات لـ(عاين)، أن رئيس الوزراء يواجه تحديًا كبيرًا في تشكيل حكومة كفاءات مستقلة لأنه بلا حاضنة سياسية إلى جانب معارضة شعبية واسعة مناهضة للاتفاق السياسي بين رئيس الوزراء وقادة الجيش.

وتابع ديدان: “هناك قطاعات شعبية وقوى مؤثرة في الشارع ترفض الاتفاق السياسي ولا تزال تتعامل مع الوضع بأنه انقلاب عسكري ولا يمكن لرئيس الوزراء أن يعثر على بيئة سياسية ملائمة حتى تعمل حكومته بشكل مستقر”.

ويتوقع عضو المجلس المركزي شهاب الطيب، أن يلجأ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى الوساطة المحلية والشخصيات القومية إلى جانب طاقم مكتبه لبدء مشاورات لتشكيل حكومة كفاءات.

وأردف الطيب : “وبسبب عزل الانقلابيين للحاضنة السياسية “المجلس المركزي” سيجد قادة الحركات المسلحة الوضع مهيئا للمطالبة بتوسيع حصتهم في السلطة هذه الرغبة ستشكل تحديا أمام رئيس الوزراء الذي أشبه كمن يقف في جزيرة معزولة بلا طوق نجاة”.

ويتوقع الطيب، تكوين حكومة من بعض الشخصيات الأكاديمية الموالين للمكون العسكري وقيادات الصف الثالث من المؤتمر الوطني المحلول وبعض عناصر الحركات المسلحة.

السودان: ماهي التحديات التي تواجه (حمدوك) في تشكيل حكومة الكفاءات؟

انهيار الاتفاق السياسي

ويتوقع مسؤول في مكتب رئيس الوزراء تحدث مع (عاين) مشترطا حجب اسمه انهيار الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك بالتالي انتفاء إجراء تكوين حكومة كفاءات مستقلة موضحا أن انهيار الاتفاق متوقع خلال الفترة القادمة حتى لو تمكن رئيس الوزراء من تشكيل حكومة كفاءات ولن تكون مستقلة لأن الأطراف التي ستشارك في العملية السياسية مع رئيس الوزراء من القيادات القبلية والجبهة الثورية لا يتمسكون بشرط الكفاءات المستقلة ولديهم طرق للتحايل على هذا البند.

مسؤول بمكتب رئيس الوزراء يكشف عن اتفاق سري لتولي قوات الدعم السريع حقيبة وزارية تديرها من الداخل

ويرجح هذا المسؤول وجود نصيب لقوات الدعم السريع في الحكومة المرتقبة لتولي حقيبة وزارية من الباطن وفق اتفاق سري موضحًا أن أطماع هذه القوات لا تتوقف في حدود مجلس السيادة الانتقالي.

وأضاف: “المشهد حاليا مواجهة بين الشارع والجيش أي أن الوضع أشبه ما قبل ديسمبر 2018 ومن المتوقع أن يخوض المحتجون معركة جديدة للإطاحة بالانقلابيين وفرض معادلة جديدة قد تبعد حمدوك نفسه من الفترة الانتقالية”.