رفض واسع لمشروع قانون العدالة الانتقالية في السودان

  عاين-10 أغسطس 2020م 

واجه مشروع قانون مفوضية العدالة الانتقالية الذي أجازه مجلس الوزراء الانتقالي في السودان، رفضا واسعا من المجتمع المدني، واتجه نشطاء لجمع توقيعات تهدف للضغط من أجل مراجعة القانون قبل إجازته النهائية.

وكان مجلس الوزراء أجاز مشروع القانون الذي قدمته وزارة العدل بعد صياغته عبر لجانها القانونية، ونشطت حملات للضغط لرفض مشروع القانون لجهة فرضه عبر السلطة دون إخضاعه لمشاورات واسعة من أصحاب المصلحة من القانون، حسب الرافضين.

ويقول بيان صادر عن حملة الضغط لتعديل القانون، إن القانون مفترض به أن يعالج قضية مفصلية ترتبط بالعدالة والمحاسبة على انتهاكات واسعة، واستنكر فرضه عبر السلطة دون مشاورة الضحايا والقطاعات المختلفة، وأضاف أنه بشكله الحالي  يفتقد لأبسط أسس إنشاء مفوضيات العدالة الانتقالية، الأمر الذي يستوجب وقف اجازته واعادته وفتح النقاش حوله حتى تسد الثقوب به. 

وأكد الرافضون، أن القانون ذو علاقة وثيقة بعملية السلام، مطالبين بإشراك الحركات المسلحة وضحايا الحروب في تحديد الإطار المفاهيمي والإستراتيجيات والبرامج، على عكس ما جاء في القانون بقيام المفوضية بتحديد الإطار المفاهيمي للعدالة الانتقالية وإستراتيجيتها وبرامجها.

وانتقد البيان ما أسماه مخالفة القانون لكل المبادئ المتّبعة في إنشاء مؤسسات العدالة الانتقالية، وارجع ذلك لترك بعض المهام للمفوضية قائلا إنه من المفترض أن يُنّص عليها في القانون، ومثل بتجاهل القانون منح سلطات واضحة للمفوضية لإجراء المعالجات اللازمة للانتهاكات الواسعة المرتكبة، كما أن القانون تجاهل سلطات المفوضية في التحقيق والآليات التي ستعتمد عليها في القيام بمهامها. 

واعتبر البيان الذي اطلعت عليه (اين)، أن بعض الإجراءات التي سنها القانون،  تعقيدات تعوق عمل المفوضية ومنها إلزامها بعقد مؤتمر قومي كشرط أولي لوضع استراتيجياتها وإنشاء آلياتها، كما أعاب على القانون فرضه على المفوضية إجازة مجلس الوزراء لما يتوصل إليه ذلك المؤتمر، ما عده تغولا على استقلال المفوضية. 

وشككت حملة رفض مشروع قانون مفوضية العدالة الانتقالية، في استقلالية المفوضية وقدرتها على إقامة عملية عدالة انتقالية تحقق المحاسبة والمساءلة،  وذلك بسبب إغفال القانون النص على طبيعة السلطات المتعلقة بقوة قرارات المفوضية من حيث التنفيذ وما إذا كانت لديها سلطات النائب العام في الحجز والتفتيش والقبض بما يمكنها من تنفيذ التدابير التي ستتخذها. 

كما لفت البيان، إلى أن القانون لم ينص على عدد من الأمور المهمة ومنها آليات إجراء التحقيقات وعقد جلسات الاستماع العامة، وسلطات المفوضية في المصالحات وسلطات المفوضية في التعامل مع القضايا النوعية العديدة مثل قضايا الأرض والتعويضات وقضايا المرأة في مناطق النزاعات وكيفية ملاحقة الجرائم المرتكبة ضد النساء، خاصة جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي القائم على أساس النوع، وأغفل الآليات المتخصصة لهذه الجرائم بما يمكن النساء من الوصول الى العدالة وملاحقة الجناة وإعادة تأهيل الضحايا.

وفي السياق، قال عضو التحالف المدني للعدالة الانتقالية الذي ينظم الحملة، خلف الله العفيف لـ(عاين)، إن ملف العدالة الانتقالية من أهم المهام المطروحة أمام حكومة الفترة الانتقالية ويتطلب دقة شديدة في التعامل معه، موضحا أن اوجه تنفيذ العدالة الانتقالية تشمل جميع الانتهاكات ضد حقوق الإنسان سواء في مناطق الحروب أو غيرها، وأكد أن تحقيقها يفرض وجود قانون متماسك ومؤسسات عدليةقادرة على إدارتها.

واشار العفيف، إلى أنهم قدموا مذكرة قبل ذلك لوزير العدل في شهر فبراير الماضي لإيقاف إجازة القانون، الأمر الذي تم تأجيله حتى يخضع لمشاورات واسعة مع أصحاب المصلحة من القانون وهم أسر الشهداء وضحايا الاغتصابات والتعذيب والنازحين، وقال خلف الله إنهم تفاجأوا بإجازة مشروع القانون مبدئيا من مجلس الوزراء، مضيفا أنهم تقدموا بالمذكرة الحالية لتكثيف الضغط باتجاه تعديل القانون ومراجعته بشكل كامل وإعادة صياغته بعد المشاورات المطلوبة.

وكشف خلف الله، عن تعاونهم مع عدد من المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان منها هيومان رايتس ووتش والمفوضية الإفريقية لحقوق الانسان، واعتبر ذلك خطوة مهمة في تصعيد  ودفع مطالب مراجعة القانون وتأجيل تشكيل المفوضية الى حين تكوينها بطريقة تساعد على تحقيق العدالة الانتقالية لخدمة الضحايا والمتضررين.

وأضاف العفيف، أن المنظومة العدلية في السودان تعاني من اخلال كبيرة جدا، مشددا على ضرورة اعادة هيكلة مؤسسات تنفيذ القانون من المحاكم والنيابات والشرطة وإدارات السجون، مؤكدا أن تلك المؤسسات في رأس الرمح في تنفيذ العدالة الانتقالية ولن يكون هنالك فعالية للقانون دون وجود مؤسسات فعالة.

ومن جانبها، امتنعت وزارة العدل عن الرد على استفسار (عاين) حول اذا ما كانت تنوي تجميد مشروع القانون واخضاعه للمشاورات التي تطالب بها المجموعات المدنية، واعتبرت الوزارة ان الرد الرسمي يكون فقط عن طريق تصريحات الوزير إذا لزم الأمر. وتتوقع الأوساط المدنية الفاعلة في القضية، استجابة مجلس الوزراء ووزارة العدل للضغوطات الكبيرة المطالبة بإشراك كل الجهات المعنية في صياغة مشروع القانون.