نزوح بسبب الحرب| “سرف عُمرة”.. استمرار تعقيدات الأزمة الانسانية بدارفور
17 أغسطس 2022
في الوقت الذي تجري فيه جهود المصالحات القبلية بولاية غرب دارفور، لا يزال هناك المئات من النازحين يعانون جراء الهجوم على محلية كلبس الواقعة بولاية غرب دارفور في يونيو الماضي والذي يدل على التعقيد المتزايد للأزمة الإنسانية المستمرة بالولاية.
وأفادت الأمم المتحدة أن الصراع الأهلي في الفترة من 6-11 يونيو الماضي في كلبس أسفر عن مقتل أكثر من 125 شخصًا وتشريد ما يقدر بنحو 50.000 إلى المناطق المجاورة داخل ولاية شمال دارفور. ومثل العديد من هذه الصراعات، فإن العنف مصدرة خلافًا بين شخصين من مجتمعات عرقية مختلفة بين القمر والرزيقات في قرية أم حريز، محلية كلبس.
ويقول يحيى عبد الله ،أحد سكان كلبس لـ(عاين) وهو الآن نازح بسرف عمرة- مخيم للنازحين داخليًا في ولاية شمال دارفور المجاورة. قال عبد الله: “بينما كنا نحرث الأراضي للزراعة، جاء شخص من الخارج وبدأ في تهديدنا، وكان يحمل مسدسًا”. قُتل كلا الرجلين خلال تبادلاً لإطلاق النار، كما قتل المزيد عندما امتدت الاشتباكات إلى نقطة مياه للماشية في قرية أم طيور. وأحرقت العديد من منازل ومخزونات غذائية في أسواق رئيسية مثل كديدة وأم حريص، وفقًا لتقييم إنساني أجراه المجلس النرويجي للاجئين.
وتصاعد حدة القتال بين أفراد من جماعة شبه عسكرية مدججة بالسلاح؛ كما حشدت قوات الدعم السريع لدعم مجتمع الرزيقات. وأضاف عبد الله: “كانوا مدعومين بأكثر من 60 مركبة دفع رباعي تتبع للدعم السريع ومسلحة بأسلحة ثقيلة”.
وفي إشارة لتحمل المسؤولية للدولة قال عبدالله:” لو جلبت لنا الحكومة قوات نظامية من الجيش والشرطة، لما كانت الخسائر ضخمة. لسوء الحظ، جلبت لنا قوات الدعم السريع لحمايتنا – وهذا هو السبب في أن عمليات القتل والتهجير وصلت إلى هذه الأعداد الكبيرة لأنهم يدعمون عادة قبائلهم في كل صراع “.
زيارة حميدتي
وفي الثامن عشر من يونيو الماضي زار قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو دارفور في زيارة طويلة الأمد ومستمرة جزئيًا لتحسين صورة قوات الدعم السريع. وبحسب مسؤول في حكومة ولاية غرب دارفور بالعاصمة الجنينة، فقد قدم حميدتي تبرعات سخية على شكل سيارات ومنح دراسية وبنية تحتية لجامعة الجنينة إلى جانب مشاريع تنموية أخرى مثل آبار المياه التي أقامتها قوات الدعم السريع شرق العاصمة الجنينة.
وقال حاتم عبد الله الناشط الحقوقي المقيم في الجنينة لـ(عاين)إنه تم أيضا توزيع الدعم المالي المباشر لائمة المساجد وغيرهم من موظفي الخدمة المدنية. وتزامنت هذه التبرعات الشخصية للفوز بالتمدد بالمنطقة عبر سلسلة من اتفاقيات المصالحة القبلية التي وضعها زعيم قوات الدعم السريع.
ومن بين هذه الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها في أوائل يوليو الماضي، الصراع الأهلي بكلبس في ولاية غرب دارفور، بين مكون القمر والرزيقات. وحضر حميدتي حفل التوقيع، وهو الخامس من نوعه في غرب دارفور، حيث ادعى أنه “غطى جميع المشاكل القبلية داخل الولاية”، وفقًا لما ورد في بعض المواقع الإخبارية الحكومية.
لكن الاتفاق بين القمر والرزيقات والمجتمعات الرعوية المرتبطة به يبدو قصير الأمد. ويزعم زعيم قبيلة قمر البارز، أبكر التوم، المدعوم ببيان صادر عن النزاع نزوح مجتمع القمر، أن الجماعات الرعوية انتهكت الاتفاق مرارًا وتكرارًا من خلال سرقة الماشية ونهب المدنيين.
وجاء في بيان صادر عن هيئة محامي في دارفور أن “ما يحدث حاليًا في غرب دارفور تحت غطاء ما يسمى بالمصالحات بين القبائل ما هو إلا مظهر من مظاهر استخدام الجماعات القبلية لأغراض سياسية”. وتزعم هيئة محامي دارفور أن قوات الدعم السريع ذهبت إلى حد احتجاز 197 من زعماء القبائل وغيرهم من المدنيين في غرب دارفور الذين رفضوا المشاركة في ترتيبات المصالحة.
سرف عمرة – نازحون بشكل متنوع
بينما تتواصل جهود المصالحة مع المجتمعات المتنازعة، لا يزال النازحون من المجتمعات الإفريقية والعربية الفارين من كلبس إلى سرف عمرة ومخيمات النزوح الأخرى.
” ليس لدينا ما نأكله، نحن نستخدم نصف كوب من السكر”، هكذا تتحدث عايدة علي من قرية الحديدة بولاية غرب دارفور، وهي تنتمي إلى المجتمع الرعوي الذي تقطنه أغلبية عربية. اما حواء التوم ، مزارعة من قبيلة القمر ، نزحت مرتين بسبب النزاع، وهي أيضا في نفس المخيم. تقول أن “قريتي فارغة ، لا أحد هناك باستثناء ثلاث سيارات لقوات الدعم السريع”.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة منتصف العام إلى أن ولاية غرب دارفور بها ضعف عدد حالات العنف الاهلي مقارنة بأي ولاية أخرى في البلاد، وهو ما يمثل 54٪ من جميع حالات النزوح في السودان.