“مؤتمر تقدم”.. إنهاء الحرب وبقاء الدولة السودانية أولوية
عاين –27 مايو 2024
انطلقت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا اليوم الاثنين، فعاليات المؤتمر التأسيسي لتحالف القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” والذي يسعى لتكوين جبهة مدنية لمناهضة الحرب وتحقيق السلام في السودان. في وقت منعت السلطات السودانية عدد من المشاركين من الحضور وصادرت جوازات سفرهم.
ويشارك في المؤتمر الذي من المقرر أن يستمر حتى الـ30 من مايو الجاري 635 شخصاً، من ولايات السودان الثمانية عشر، ونحو 36 دولة، ويمثلون الفئات الاجتماعية والمهنية والسياسية المختلفة، بما في ذلك المزارعون والرعاة، والأشخاص ذوي الإعاقة ولجان المقاومة، وفق ما أفاد به عضو اللجنة التحضيرية صديق الصادق المهدي.
واضاف المهدي: منعت السلطات الأمنية في السودان عددا من المشاركين من السفر والحضور لأديس ابابا وصادرت جوازاتهم في مدينتي القضارف وبورتسودان”.
وقال رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم، الدكتور عبد الله حمدوك في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التأسيسي، إن الحرب في السودان دخلت مرحلة غير مسبوقة من الانتهاكات، بينما يهدد شبح المجاعة ملايين السودانيين، مما يستوجب توقفها فوراً.
وشدد على أنهم في سبيل المساعي الرامية إلى وقف الحرب تقدموا بدعوات للقاء طرفيها، وقد استجاب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي، ووقع معهم اتفاقاً خلال الأشهر الماضية، وأنهم ما زالوا في انتظار موافقة قائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان على اللقاء.
وطالب حمدوك المجتمع الدولي بالضغط على أطراف الصراع لاستئناف التفاوض وفق رؤية متكاملة للحل والعودة إلى مسار الانتقال بما يحقق السلام والعدالة والتحول الديمقراطي، كما حث على ضغوط مماثلة للسماح بوصول الإغاثة إلى المتأثرين في مناطق القتال، وعدم استخدام الغذاء كسلاح.
مشروع وطني
ونبه رئيس تنسيقية تقدم إلى أنهم لن ينحازوا إلى أي من طرفي الحرب، بل هم منحازون إلى الجوعى والنازحين واللاجئين والبرنامج الديمقراطي، من أجل وطن يسع الجميع، مشدداً على ضرورة وقف الحرب وخلق مشروع وطني يؤسس لدولة غير منحازة، وتقف على مسافة واحدة من كل الأديان والثقافات والهويات.
ويشهد المؤتمر مشاركة وفد من الحركة الشعبية – شمال على رأسه الأمين العام للحركة عمار أموم، بجانب حزبي المؤتمر الشعبي والاتحادي الأصل، بصفة مراقبين.
ونقلت موقع قناة الشرق عن أموم بان الكلمات التي قُدمت في مؤتمر “تقدم” تعكس رغبة حقيقية في وقف الحرب ومخاطبة جذور الأزمة وهذا يطابق رؤيتنا. وأشار إلى أن الحوار مستمر مع “تقدم” وانضمامنا للتنسيقية “ليس هذا وقته”
وقال رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية الدكتور عبد الله حمدوك، إنهم لم يدع يوماً بأنهم يمثلون كل السودان، لكن ما تم يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، وسوف يستمرون في قبول طلبات الانضمام إلى التحالف، وصولاً إلى محطة المائدة المستديرة التي ستكون قريباً.
وأضاف: “هذه بداية لخلق جبهة واسعة، وتظل قضية وقف الحرب وبقاء الدولة السودانية مقدمة على كل الخلافات السياسية والأيدولوجية”، لافتاً إلى أن استمرار القتال يؤدي إلى مخاطر وجودية في ظل تنامي خطاب الكراهية والجهوية والعنصرية.
وشدد على أنهم كسودانيين يشعرون بتراجع اهتمام العالم بقضيتهم ربما نتيجة للانشغال بأزمات أخرى، لكن الجهود التي قادتها فرنسا وألمانيا في عقد مؤتمر باريس الأخير أعادت حرب البلاد إلى أجندة المجتمع الدولي.
من جهته، قال عضو مجلس السادة السابق ورئيس الجبهة الثورية، الهادي إدريس إنهم سعوا منذ وقت مبكر لمنع اندلاع القتال برفض الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، “كما وقفنا ضد الحرب العبثية التي أشعلها وأذكى نارها المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية ضمن مساعي للعودة إلى السلطة”.
وكشف أدريس خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التأسيسي لتقدم، عن طرحهم في القوة المشتركة ثلاثة خيارات لمنع التصعيد العسكري في عاصمة ولاية شمال دارفور الفاشر، لكن الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش رفضتها.
وحث المجتمع الدولي على المساعدة على وقف الحرب في السودان وعدم الاعتراف بالحكومة القائمة في بورتسودان، والسعي لتشكيل حكومة تقوم بمهمة وقف القتال وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاع.
تحدي حقيقي
وتعهدت ممثل القوى السياسية أسماء محمود محمد طه خلال كلمتها في الجلسة الافتتاحية، بتأسيس مركز معني بالعدالة الانتقالية والسلام والديمقراطية، والحرية، والسعي لوقف الحرب وتوصيل المساعدات الإنسانية.
وقالت: إن “المؤتمر التأسيسي يضع القوى السياسية في تحدي الحفاظ على أكبر مجموعة مدنية لوقف الحرب واستيعاب المناهضين للقتال، للجلوس في مائدة مستديرة، لكن القوى السياسية وفق تقديرها، قادرة على إنجاز هذا العمل، رغم اختلاف الرؤى ووجهات النظر، فنحن على أعتاب تغيير جديد”.
ودعا ممثل لجان المقاومة في السودان، في كلمته أمام المؤتمر، إلى تعزيز روح التعاون والتضامن بين مختلف المجتمعات الدينية والثقافية في البلاد، والعمل المشترك على تحقيق العدالة والسلام والازدهار لكل فرد في الوطن الذي يعاني جروحا في الوقت الراهن.
واعتبر ما يدور في بلاده ليس مجرد حرب صراع على السلطة فحسب، بل هي كارثة إنسانية تسببت في تدمير البنى التحتية وتشريد الأسر وقتل الأبرياء، إذ عانى السودانيون بما فيه الكفاية، وأن الأون لوضع حد لهذه المأساة، مشدداً أن السلام لن يأتي بفوهة البندقية، وإنما بالتفاوض والحوار.