السودان: هل ينجح المدنيون في بناء جبهة إيقاف الحرب؟
عاين- 19 سبتمبر 2023
لا يتوقف القادة السياسيون ونشطاء المجتمع المدني من العمل على تكوين جبهة مدنية معينة بإيقاف الحرب في هذا البلد المهدد بالتمزق ومع ذلك فإن بناء التحالفات السياسية أثناء النزاع المسلح يتعثر بسبب تباعد المواقف والآراء حول دعم طرفي القتال.
الأسبوع الماضي أطلقت بعثة اليونتاميس مناشدة إلى القادة السياسيين بترك خلافاتهم جانبا وإخراج السودان من الأزمة العميقة على حد تعبير ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المتنحي فولكر بيرتس.
وينتظر نحو 20 مليون متضرر من القتال إنهاء الحرب بين الجيش والدعم السريع بقيادة الجنرالين العسكريين الطامحين للسلطة حسب وصف مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة في أسرع وقت لتطاول الأزمة الإنسانية وتعمقها ووصول المجاعة إلى ستة ملايين شخص حسب تقديرات “أوتشا” الأسبوع الماضي.
ويبدو أن تكوين جبهة مدنية معنية بمناهضة الحرب في السودان قد وصل مرحلة أفضل من ما كان عليه قبل شهرين، فمع امتداد القتال حتى وصوله إلى ستة أشهر لم يتبق من المدن السودانية التي تشهد المعارك العسكرية سوى شوارعها الخالية من السكان عقب هجرة قسرية واحتلال المنازل بواسطة قوات الدعم السريع وقصف للطيران من الجيش وارتفاع القتلى بين المدنيين إلى 102 شخصا خلال أسبوع واحد مطلع الشهر الجاري.
وفي خطوة تهدف إلى تشكيل جبهة مدنية اختتمت اليوم الثلاثاء اجتماعات في العاصمة الإثيوبية بواسطة هيئة التنسيق والاتصال التي كونتها أطراف مدنية ولجان المقاومة في 27 أبريل الماضي لغرض بناء جبهة واسعة.
فاعلية
يستند النشطاء والقادة السياسيون في بناء الجبهة المدنية على ضرورة الحفاظ على الثورة الشعبية وإيقاف الحرب وإنهاء عودة الإسلاميين إلى السلطة بإشعال الحرب كما يقول المحلل السياسي مصعب عبد الله، لكن في نظره تعد هذه الخطوات تفتقر إلى الفاعلية المطلوبة لأن البنية السياسية للأحزاب غير قادرة على التعامل مع الأزمات إلا في حدود “عقلية الجودية”.
ويقول عبد الله لـ(عاين)، على الرغم من وجود نوايا سلمية إزاء تكوين الجبهة المدنية لكن من الصعب الحصول على توافق جماعي لجميع المكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لأن البنية الصلبة لتحقيق هذه الأمور غير متوفرة.
ويرى مصعب عبد الله، أنه من الأفضل عدم التحالف بين منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية لأن لكل طرف عمله ومساحة تحركاته. وقال إن “هذه التجربة التي استمرت سنوات لم تكن مثمرة”.
ويتفق مع هذا الرأي الباحث في مجال الحوكمة أمجد حسن، فهو يرى أن عمل المجتمع المدني في الوقت الراهن يكون بين المجتمعات خاصة في بلد مثل السودان هناك توترات عرقية بين بعض المجموعات لذلك من الأفضل للنشطاء العاملين في المجتمع المدني أن يبقوا بين المجتمعات.
ويرى حسن في حديث لـ(عاين)، أن الحرب أثرت على الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وتمكنت الآلة الإعلامية الحربية التي تبث من غرف أمنية من وضع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ما بين مساند للجيش وأخرى مساندة للدعم السريع وعمل على تشويه صورتها لدى السودانيين.
ويعتقد حسن، أن الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المناهضة للحرب يجب أن تعمل في مسارين الأول الضغط على المجتمع الدولي لممارسة الضغوط على الطرفين لإيقاف الحرب والثاني إحياء الأدوات المدنية داخل السودان ومقاومة الترسانة الأمنية والعسكرية في الولايات البعيدة عن الحرب.
بناء واسع
بينما يأمل المتحدث الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” شهاب الطيب إبراهيم، أن تتمكن الجبهة المدنية لمناهضة الحرب وإستعادة الديمقراطية من بنائها بشكل واسع إنطلاقا من الاجتماعات التي عقدت في أديس أبابا يومي الاثنين والثلاثاء.
ويقول الطيب لـ(عاين) إن بناء الجبهة المدنية جاء بمبادرة من لجان مقاومة الحاج يوسف وتم التأسيس فعليا لابتدار هذا المشروع في 27 أبريل الماضي وأخذ في التوسع والآمال كبيرة على نجاح تكوين الجبهة المدنية.
ويطرح الاتحاد الأفريقي مقترحات لإطلاق عملية سياسية موازية لعملية وقف إطلاق النار إذا ما اتفق الطرفان المتحاربان في منبر جدة على ذلك وربما تلعب هذه الجبهة المدنية دورا في تقديم نفسها نواة للعملية السياسية حسب المحلل السياسي مصعب عبد الله حتى لا تترك فراغا سياسيا إذا ما توقف القتال بفعل الحل السلمي.
ويوضح مصعب عبد الله، أن الوضع في السودان خطير للغاية ويتجه نحو حرب اهلية شاملة وهي تقديرات دولية دقيقة جدا لذلك أمام السودانيين الانخراط في العمل المدني المناهض للحرب ليس شرطا بناء التحالفات لأن العمل على الأرض بين المجتمعات ومع الدبلوماسيين لا يتطلب تحالفا بل عملا دقيقا ومنظما.