“انتشار وانحسار”.. الكوليرا تفتك بأجساد السودانيين

عاين- 29 يناير 2023

يستلقي (محمد محجوب) في أحد العنابر بمركز عزل مرضى الكوليرا مدينة بورتسودان، وهو النازح إلى المدينة مثل آلاف السودانيين على خلفية الصراع المستعر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

في إفادته لـ (عاين) عن مراحل إصابته بوباء الكوليرا يقول:” بعد خمسة أيام من وصولي ظهرت عليّ أعراض الإعياء، حيث شعرت بآلام حادَّة في البطن، وبالتالي بدأت في التقيؤ والإسهال المتواصل، ليتم نقلي بعد ذلك لمستشفى الطوارئ، وأوضحت نتيجة التشخيص أنني بأنني مصاب بالكوليرا “.

إحصائيات وأرقام

يشير مدير مراكز العزل بولاية البحر الأحمر د. إبراهيم محمد أحمد، إلى أن الموقف الوبائي أصبح مؤخراً آخذ في التراجع، مدللاً على ذلك بأن أعداد المرضى الذين كانوا يتوافدون على مركز عزل مدرسة التمريض الرئيسي الواقع بمحلية بورتسودان كان يبلغ حوالي مائة مريض يومياً، أما الآن فإن عدد الدخول اليومي لا يتجاوز ٢٥ مريضاً، أما في باقي محليات البحر الأحمر، فإن أعداد المرضى الذين يصلون يومياً إلى مراكز العلاج يتراوح ما بين ١٠ إلى ١٥ مريضاً.

وكانت وزارة الصحة الاتحادية قد أعلنت عن تفشي وباء الكوليرا في أواخر سبتمبر ٢٠٢٣، بينما أُبْلِغ عن الحالات الأولية المشتبه فيها من ولاية جنوب كردفان في ١٩ يوليو ٢٠٢٣.

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق شؤون اللاجئين (أوتشا) أشار في آخر تحديث له، إلى انه تم الإبلاغ عن أكثر من 9,700 حالة يشتبه بإصابتها بالكوليرا، بما في ذلك 269 حالة وفاة مرتبطة بها، حتى 16 يناير 2024.

ويقول الموجز الصادر عن (أوتشا):” سيكون مجموعة ٣.١ مليون أي ٧.٣ في المائة من إجمالي السكان، في ١٢ محلية في ست ولايات أكثر عرضة لخطر الإصابة بالكوليرا هذا العام، واستنادا إلى متوسط معدل الهجوم البالغ ٠.٠٢٥ في المائة على مدى السنوات الخمس الماضية، يمكن توقع ٧٧.٥٠٠ حالة إصابة بالكوليرا هذا العام في المناطق عالية الخطورة، منها ١٥.٥٠٠ حالة فقط (٢٠ في المائة) قد تتطور إلى جفاف شديد يتطلب دخولها إلى مراكز علاج الكوليرا “.

وتشهد مدينة بورتسودان شرقي السودان في هذه الأيام نزوح آلاف السودانيين من مناطق النزاعات بالخرطوم وكردفان ودارفور، وتتزايد أعداد الوافدين يوماً بعد يوم، خاصةً بعد تمدد الصراع إلى المدن الآمنة في وسط السودان.

ويواجه القطاع الصحي في السودان تحدياتٍ كبرى بعد توقف عمل معظم المرافق الصحية في المناطق التي تشهد نزاعات، أما الولايات التي يتوفر فيها أمان نسبي، فإن أعداد النازحين المتزايدة تشكِّل ضغطاً كبيراً على المرافق الصحية.

مجهودات المكافحة

بعد وصول أعداد كبيرة من المصابين لمستشفيات ولاية البحر الأحمر، قامت السلطات الصحية بالمدينة بتخصيص مراكز عزل لمرضى الكوليرا يتم فيه حجر المرضى وتقديم الرعاية الصحية لهم.

وتضم محلية بورتسودان أكبر مراكز العزل الذي يحتوي على عنصرين رئيسيين للرجال والنساء، كما أن هنالك عنبراً إضافياً مخصصاً للأطفال، وتعمل بالمركز فرق بها مختصين من صحة البيئة وتعزيز الصحة، بجانب فرق التقصي والمتابعة التي تُشرف على عمليات التقصي المنزلي وتعقيم الأماكن التي تظهر بها حالات كوليرا.

الموجز الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أوضح بأن الوكالات الإنسانية توسع نطاق الاستجابة لتفشي المرض، ودعم اكتشاف الحالات وعلاجها، كما أنها تتناول قضايا المياه والصرف الصحي والنظافة، ومراقبة جودة المياه ومعالجتها بالكلور، والإبلاغ عن المخاطر، وإشراك المجتمع المحلي.

مستشفى العباسية تقلي بجنوب كردفان..

وقال الموجز الصادر عن أوتشا:” تستهدف حملة التطعيم الفموي ضد الكوليرا ٥.٥ مليون شخص يعيشون في ١٤ محلية أبلغت عن حالات الكوليرا في ولايات الجزيرة والبحر الأحمر وكسلا والنيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق “.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن الكوليرا تصنف على أنها عدوى إسهالية حادة تتسم بالإسهال المائي الشديد والجفاف الفتاك المحتمل، وهي تحدث بسبب تناول الطعام أو المياه الملوثة ببكتيريا الضَّمَّة الكُوليريَّة، أما فترة حضانتها قصيرة تتراوح بين ساعتين وخمسة أيام، ولن تظهر أعراض على معظم الناس، أو تظهر عليهم أعراض خفيفة فقط؛ وأقل من ٢٠٪ من المرضى يصابون بالإسهال المائي الحاد مع الجفاف المتوسط أو الوخيم، ويتعرضون لخطر الفقدان السريع لسوائل الجسم والجفاف والوفاة.

وتعزي منظمة الصحة العالمية سبب تفشي الكوليرا إلى الأزمات الإنسانية المتزايدة الناجمة عن النزاع وعدم الاستقرار السياسي وانعدام التنمية.