السودانيون.. ترقب وآمال عريضة لهدنة وقف النار
22 مايو 2023
“هدنة فعالة وقصيرة” تعني الكثير لملايين المدنيين العالقين في أحياء العاصمة السودانية التي تشهد معارك بين الجيش والدعم السريع منذ 37 يوما.
وكان الجيش والدعم السريع وقعا في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية السبت على اتفاق لوقف إطلاق النار قصير لمدة سبعة أيام برعاية ميسرين سعوديين وأمريكيين ضمن مبادرة تهدف للوصول الى مرحلة وقف دائم لإطلاق النار في السودان وإنهاء القتال واستعادة العملية السياسية.
ومع تطبيق هذه الهدنة فعليا على الأرض يشعر “محمد عبد الله” الذي يقيم حي الامتداد جنوب العاصمة السودانية أنه يتعين عليه مغادرة منزله رفقة عائلته خاصة وأن المنزل يقع في منطقة تشهد اشتباكات مسلحة مستمرة وكثيرا ما يُحلق الطيران الحربي لضرب أهداف عسكرية لقوات الدعم السريع التي أقامت منشآت عسكرية منذ سنوات شرق وجنوب العاصمة السودانية كما يقول عبد الله.
ويضيف عبد الله 50 عاما في حديث مع (عاين ):” الهدنة فرصة لمغادرة الخرطوم مع عائلتي سأتوجه شمالا الى مصر.. لم تعد لدي رغبة في البقاء هنا نحن نتعرض لخطر الموت يوميا تسقط القذائف والشظايا بجوارنا وعندما يتوقف القتال قليلا قد لا تنجو من عصابات النهب … هذا هو الجحيم بعينه”.
وأردف :”الجنرالان – إشارة إلى البرهان ودقلو – يريدان تدمير السودان بلا مسؤولية”.
ويأمل دبلوماسيون بوزارة الخارجية الأمريكية في تنفيذ خارطة طريق في السودان عقب اندلاع الاشتباكات المسلحة منتصف أبريل الشهر الماضي وتعتقد الولايات المتحدة أن الوضع في السودان يجب أن “لا ينزلق الى حرب شاملة”.
وخلّف القتال الذي اندلع في السودان منذ منتصف أبريل الشهر الماضي أكثر من 700 قتيلا من المدنيين واصابة نحو 5 آلاف شخص ونزوح مليون شخص داخليا وخارجيا بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.
وقال المحلل السياسي مصعب عبد الله في حديث مع (عاين ) إن اتفاق جدة الموقع في 20 مايو بين الجيش والدعم السريع “خطوة كبيرة” وهو تطوير للاتفاق السابق حسب المبادرة السعودية التي تعتزم وضع حد للقتال في السودان قريبا.
ويشمل الاتفاق سحب القوات العسكرية من المناطق المأهولة بالمدنيين ويشمل ذلك سحب نقاط الجيش والدعم السريع من شوارع الأحياء خاصة العاصمة السودانية.
وينص الاتفاق الموقع بين الجيش والدعم السريع على نقل الاغاثة الى المدنيين في العاصمة السودانية ومدن أخرى تستعر فيها الحرب غرب البلاد مثل الأبيض ونيالا وزالنجي.
ويرى الباحث في مجال الديمقراطية والسلام أحمد عبد الرحمن، ان الجيش والدعم السريع لا يرغبان في مواصلة القتال لأنهما وجدا أنفسهما في خضم صراع لن ينتهي قريبا وهما منهكان “.
وتابع :”حال استمرار القتال وتحوله الى حرب شاملة ستدخل أطراف جديدة في الساحة وسيعقد الطرفان زمام المبادرة وهذا مرفوض أمريكيا وسعوديا “.
وفيما يرى المحلل السياسي، مصعب عبد الله، أن الحرب في طريقها الى التهدئة والتوقف بضغوط أمريكية وسعودية وإذا لم يلتزم أي طرف سيواجه بإجراءات صارمة.
مخاوف
فيما يخشى قيادي سياسي من انهيار الهدنة الجديدة بسبب اصرار من أسماهم بـ”الصقور ” في استمرار العمليات الحربية خاصة “التيار المقرب من الإسلاميين داخل الجيش “.
ويرى هذا القيادي الذي فضل عدم الاشارة الى اسمه في حديث لـ(عاين) أن التيار المؤيد للحرب داخل الجيش رغم تراجع صوته عقب إعلان جدة، لكن لابد من العمل على محاصرة هذا الاتفاق من الخروقات المتوقعة.
ويعقد القيادي السياسي الآمال على الاتفاق الأخير لأنه تم تشكيل آلية مراقبة تضم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والجيش والدعم السريع.
ويضيف:”آليات رصد الخروقات متعددة حسب بيان الميسرين الأمريكيين والسعوديين وسيتم الكشف عن الطرف الذي يرتكب الخروقات علنا “.
ويسمح الاتفاق الموقع بين الجيش والدعم السريع السبت الماضي ويدخل حيز التنفيذ مساء اليوم (9:45) بتوقيت السودان بإصلاح المرافق المتضررة من القتال مثل الكهرباء ومحطات المياه والاتصالات والمرافق الصحية واستعادتها.
كما ينص الاتفاق على إخلاء المستشفيات والمراكز الصحية من الاستخدام العسكري واستعادة الخدمات الصحية الحيوية والطارئة سيما في العاصمة السودانية.
ويقول مازن أحمد، وهو متطوع في مركز صحي جنوب العاصمة السودانية إن غالبية المواطنين العالقين في الأحياء ينتظرون سريان الاتفاق مساء اليوم.
ويقول أحمد 27 عاما لـ(عاين )، إن غالبية المراكز الصحية والمستشفيات مغلقة وخارج الخدمة نتمنى أن تستأنف خدماتها خلال هذه الهدنة القصيرة حتى لا تستغل عسكريا مرة أخرى.