على إثر اقتحام قوة عسكرية .. أم درمان تحت وطأة الموت

16يوليو 2021

الأول من يوليو لم يكن يوماً عادياً من أيام أم درمان الهادئة، حيث طغى عليه صخب وضجيج أفراد قوة عسكرية تقتحم سوق مدينة الفتح   بمحلية كرري شمالي مدينة امدرمان، مع ارتفاع دوي صوت الرصاص على غير العادة. حدث ذلك  إثر اقتحام قوة نظامية للسوق لتخلف عددا من الضحايا بينهم حالة قتل لطفل لم يتجاوز السادسة عشر من عمره.

 وتعود تفاصيل الحادث إلى نشوب احتكاكات بين مواطنين من دولة  جنوب السودان وأفراد من قوات الدعم السريع داخل معسكر للاجئين، ما أدى لتحرك قوة من الدعم السريع على متن عربة دفار في اليوم التالي  وقامت باقتحام المعسكر ومن ثم الاعتداء على المواطنين والتحرك صوب السوق المركزي، لمواصلة حملتها مستخدمة السلاح الناري و العصي في مواجهة كل من كان متواجداً في السوق. تقصت شبكة  “عاين” أثر الأحداث لتروي للقراء كافة التفاصيل بالجلوس مع الضحايا، وشهود العيان..

هجوم مفاجئ

روى (م. أ)  احد ضحايا الهجوم لـ”عاين” تفاصيل ما حدث بقوله :” في يوم الخميس الأول من يوليو الجاري شنت قوة تتبع لقوات الدعم السريع قطاع الخرطوم هجوماً على منطقة السوق المركزي شمال أمدرمان  بشكل مفاجئ وقاموا بالاعتداء على المواطنين والتجار بالضرب والنهب وتعرضت لإصابة في الرأس وتم نقلي على إثرها لإحدى المستشفيات.

وأشار المواطن إلى أنه أقدم على تدوين بلاغ جنائي للشرطة بقسم الحتانة تحت المواد ( 139/174 ) الاذى الجسيم ـ  والمادة  (65) من القانون الجنائي الخاصة بالنهب والإرهاب. إحدى السيدات تعمل في بيع الشاي والقهوة بالسوق المركزي بمحلية كرري تقول لـ”عاين”،  فوجئت مثل غيري بإقتحام قوة عسكرية ترتدي زياً تدريبياً لقوات الدعم السريع في تمام الساعة الثامنة مساءا يحملون على أياديهم أسلحة نارية وعصي يقومون بضرب المواطنين بصورة عشوائية.

وتشير بائعة الشاي إلى أنها سمعت دوي صوت رصاص  من عدة إتجاهات وتضيف بالقول :” تم ضرب المواطنين بصورة عشوائية وما أن اقتربوا مني حتى تركت جميع اغراضي وهرولت للنجاة بنفسي لداخل الأحياء السكنية”. وتؤكد السيدة مشاهدتها لأحد الضحايا أصيب على رأسه بطلق ناري  قرب إحدى المحال التجارية وتضيف بالقول :” الإصابة أدت لحدوث نزيف حاد ما أدى لوفاته في الحال “.

وتضيف بائعة الشاي إنها عادت إلى السوق بعد هدوء الأوضاع  لتفقد معداتها قائلة :” فوجئت بإلتهام النار لكافة الأغراض بشكل كامل ، الأمر الذي قادني مباشرة لتدوين بلاغات جنائية بقسم شرطة الحتانة في محلية كرري.

على إثر اقتحام قوة عسكرية .. أم درمان تحت وطأة الموت!

والد أحد الضحايا يروي ما حدث..!

وذكر أحد المنتسبين للقوات المسلحة فضل حجب اسمه ويحمل رتبة المساعد  لـ”عاين” سمعت صوت اطلاق للرصاص طلبت من ابنائي تقليل الحركة داخل المنزل حتى لا يتعرضوا للإصابة، وبعد لحظات من  توقف إطلاق النار سمعت أصوات صراخ تؤكد إصابة أحد الأطفال ، في تلك اللحظة بحثت عن إبني داخل المنزل حتى أخبروني  بعدم عودته من البقالة،  وكنت قد أرسلته لشراء بعض الأغراض المنزلية، وعند خروجي علمت بإصابته، هرولت صوب موقعه فوجدته مسجياً على الأرض ينزف دم من رأسه بجانب تعرضه للضرب على البطن.

ويشير إلى أنه قام بنقل ابنه إلى مستشفى النو إلا أنه فارق الحياة قبل وصوله ليتم تحويله للمشرحة. ويتهم المساعد بالقوات المسلحة قوات الدعم السريع بقتل إبنه ويمضي بالقول :”دونت الشرطة بلاغاً تحت نص المادة (130) من القانون الجنائي ضد مجهول إلا أنني أعلم بأن إبني قتل بواسطة قوات الدعم السريع”.

ويؤكد والد القتيل إنه شاهد لدى وصوله للمستشفى عدد من المصابين بينهم شخص حطمت قدماه بالكامل لدرجة سيلان مادة لزجة من داخل العظام وكانت حالته خطرة ليتجمهر الأطباء حوله لمحاولة إنقاذه.

ويشير إلى أنه شرع مباشرة  في مراسم دفن القتيل بعد تسلمه  تقرير المشرحة  ليتم استدعاؤه في اليوم التالي بواسطة الشرطة للتحري معه حول ملف الأحداث، موضحاً أن فريقا بقيادة ملازم شرطة تحرك إلى  مقر قوات الدعم السريع بمعسكر خالد بن الوليد شمال أمدرمان للتحري معهم حول ملابسات الحادث. وأجزم والد القتيل بمتابعة كافة الطرق القانونية بغية الوصول للجناة .

 وكشفت بعض المصادر تحدثت لـ”عاين” عن نفاد ارانيك الشرطة التي تم طلبها بواسطة ضحايا الهجوم في مستشفى النو، وأضافوا بالقول :” في ذلك اليوم ونتيجة لكثرة الإصابات وتزايد أعداد البلاغات لدى قسم الحتانة في محلية كرري أدت لنفاد أورنيك8″. وهي من الإجراءات التى وضعها القانون الجنائي ،والذي بموجبها تعتبر تكملة للقانون ووسيلة من أجل تسهيل كشف الحقيقة، فهذه الإجراءات وضعت من أجل المحافظة على حقوق المواطن عبر أسس وقواعد يقوم بحمايتها القانون. مؤكدين على أن عدد البلاغات المدونة وصلت لـ”36 ” بلاغ بينها بلاغات نهب  واذى جسيم بجانب بلاغ تحت المادة (130) من القانون الجنائي .

على إثر اقتحام قوة عسكرية .. أم درمان تحت وطأة الموت!على إثر اقتحام قوة عسكرية .. أم درمان تحت وطأة الموت!

خوف من الإنتقام

 استولت قوات الدعم السريع على معسكر خالد بن الوليد الذي يتبع إلى جهاز الأمن والمخابرات سابقاً  بشمال امدرمان و استغلته  في تدريب منسوبيها منذ أكثر من عام تقريباً إلا أن الأفراد ظلوا يتسللون نحو الأحياء السكنية المجاورة ويرتكبون الانتهاكات ضد المدنيين بصورة متكررة  بحسب اشخاص من تلك المنطقة تحدثوا لـ”عاين”.

ورصدت “عاين” استغلال أفراد بالدعم السريع  لبعض المحلات تجارية داخل السوق المركزي كسكن ، في وقت أكد فيه عدد من المواطنين حقيقة الأمر. وقال مصدر فضل حجب اسمه من اللجنة الامنية لمحلية كرري :”كل المعلومات المتصلة بهذه الأحداث لدى الشرطة”. كما أكد حقيقة تسلل  أفراد من قوات الدعم السريع من المعسكر إلى السوق والإقامة داخل المحلات التجارية المهجورة  ، ومضى بالقول :” لدينا معلومات بذلك”. وأبدى مواطنون  رفضهم القاطع لإقامة افراد الدعم السريع داخل الأحياء السكنية  والمرافق العامة المخصصة للمدنيين .

وأوضحت مصادر محلية أن مواطنين من جنوب السودان يقيمون في حي الثورة 69 استُهدفوا في الهجوم ، لكن سكان جنوب السودان رفضوا التعليق خوفًا من الانتقام. كما تُركت المحاولات المتكررة للحصول على تعليق من قوة الدعم السريع والمتحدثين باسم الشرطة دون إجابة.