“مجازر طرفي حرب السودان”.. أسواق وأحياء تحت القصف

 عاين- 13 سبتمبر 2023

قتل نحو 83 مدنياً على الأقل، وأصيب العشرات في غارات جوية للجيش السوداني على أسواق وأحياء في أنحاء متفرقة من العاصمة الخرطوم خلال الأيام الماضية، فيما قتل وأصيب آخرين في قصف مدفعي لقوات الدعم السريع.    

وحصدت حادثة قصف طيران الجيش سوق قورو في حي مايو جنوبي العاصمة الخرطوم إدانات واسعة من كيانات حقوقية وناشطين كونها تمثل انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

وبحسب مصدر في لجنة طوارئ منطقة جنوب الحزام تحدث لـ(عاين) فإن عدد القتلى جراء القصف العشوائي الذي نفذه طيران الجيش على سوق قورو صبيحة الأحد الماضي، إرتفع إلى 47 شخصاً، بينما وصل عدد المصابين إلى 60 شخصاً يتلقون العلاج في مستشفى بشائر التعليمي جنوبي العاصمة الخرطوم.

ويوم الإثنين جرى دفن جثامين 12 شخصاً مجهولي الهوية، فيما يتلقى المصابين الرعاية الطبية اللازمة في مستشفى بشائر وأن الوضع الصحي الخاص بهم مستقر الى حد كبير، وفق المصدر نفسه.

ونفى الجيش في بيان صحفي قصف سوق قورو، متهماً اعلام قوات الدعم السريع بالترويج لذلك، لكن روايات شهود وناجين وجهات حقوقية تؤكد قيام الجيش بغارات جوية استهدفت السوق بشكل مباشر.

"مجازر طرفي حرب السودان".. أسواق وأحياء تحت القصف

أسواق دقلو

وبعد أن دمرت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع التي اندلعت في منتصف ابريل الماضي الأسواق المركزية، انتعشت الأسواق في المناطق الطرفية في العاصمة وصارت ملاذاً للسكان العالقين للحصول على المواد الغذائية والمستلزمات الحياتية المختلفة، وجرى تسمية العديد منها بـ”أسواق دقلو” نظراً لعرض مقتنيات مسروقة فيها.

وتوجد في أطراف العاصمة نحو 9 أسواق مأهولة تحمل تسمية أسواق دقلو، تقع في منطقة مايو والحاج يوسف و الكلاكلة القبة وشمال أمدرمان وأمبدة وصالحة، ومعظم هذه المناطق تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وذلك وفق ما نقله شهود لـ(عاين).

وفي مطلع شهر أغسطس الماضي، قصف الطيران الحربي سوق “دقلو” في منطقة الكلاكلة القبة مما أدى الى مقتل 16 شخصا على الأقل من المدنيين، وسبق ذلك قصف سوقي قندهار والقش غربي أمدرمان وسقط ضحايا من المدنيين أيضاً.

من جهته قال بيان محامو الطوارئ، أن طرفي المعارك ظلا يستخدمان القصف المدفعي و الجوي بالطائرات و المسيرات على مناطق مأهولة بالسكان كالأسواق و منازل المواطنين داخل الأحياء دون اعتبار للقواعد القانونية المنظمة و المنصوص عليها بالقانون الدولي الإنساني وأخذ الاحتياطات المعروفة لحماية المدنيين والأعيان المدنية و المشافي و دور العبادة في مواصلة انتهاك خطير للقانون .

وقال البيان الذي اطلعت عليه (عاين) أسفر سقوط مقذوف اطلق بواسطة قوات المسلحة في منطقة (امبدة الحارة الرابعة) إلى وفاة (6) افراد واصابة عدد من المدنيين بإصابات خطيرة وتدمير جزئي للمنازل وفقا لمصادر غرفة طوارئ امبدة الأمير .

كما استهدفت غارة جوية سوق للمواشي بمنطقة حلة كوكو بشرق النيل و سقط فيها أكثر من  (30) قتيلا بينهم نساء وأطفال . كما قصفت مدافع قوات الدعم السريع الحارات (49-52-53-51-99-61-101-102) غرب منطقة كرري و قد خلفت عشرات القتلى والجرحى- وفقا للبيان.

من جهتها، أصدرت الجبهة الديمقراطية للمحامين، ومحامو الطوارئ بيانين منفصلين أدانا فيه “مجزرة سوق قورو كونها جريمة بشعة ضد الإنسانية وتخالف الأعراف والمواثيق الدولية التي تجرم على أطراف الحرب استهداف المدنيين العزل”.

ويقول عضو محامو الطوارئ، عدنان جمال الهادي في مقابلة مع (عاين): إن “الحديث عن أن سوق قورو به حرامية ولصوص يعتبر مبررات واهية للجريمة، لأن ما تم من قصف لمواطنين عزل مجرم في القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الثانية المتعلقة بحماية المدنيين وعدم افتعال المعارك الحربية في المناطق المأهولة بالسكان”.

ويوضح:”ما تم يعرف في القانون بالقصف العشوائي، ولكن في الواقع القصف يكون لهدف مركز متعمد لإحداث نتيجة وذلك من خلال ما يعرف بمبدأ التناسب، فالذي يطلق القذيفة يعلم مدى وصولها وحجم الضرر الذي سوف تحدثه فحتى لو كان جاهلاً بالمعلومات الخاصة بتمركز خصمه، يتحمل كامل المسؤولية القانونية”.

 ويضيف الهادي:”وفقا للمعلومات سوق قورو مأهول بالمواطنين المدنيين، ونحن في محامو الطوارئ ندين بشدة هذا النهج غير الإنساني والجرائم التي ترتكب بحق المدنيين من قبل طرفي النزاع وعدم احترامهم قواعد القانون الدولي الإنساني. هذه الأفعال تصنف على انها جرائم ضد الإنسانية وهي من أخطر الجرائم في القانون الدولي ولا تسقط بالتقادم”.

"مجازر طرفي حرب السودان".. أسواق وأحياء تحت القصف

قصف جهوي

 وأيد أنصار الجيش السوداني في البلاد الغارات الجوية على سوق قورو بحجة أنه يمثل نقطة إمداد لقوات الدعم السريع، وأن من يرتادونه لصوص نهبوا ممتلكات المواطنين في تنميط أثار غضب قطاع واسع من السودانيين.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، صلاح الدومة في مقابلة مع (عاين) إن الأسوأ في مجرز سوق قورو لم يكن مخالفة للقانون الدولي الإنساني فحسب، ولكن القصف نفسه تم لأسباب جهوية.

ويتوقع الأكاديمي السوداني أن يواصل منسوبي الاسلاميين داخل الجيش  استهداف السكان بالقصف العشوائي في المناطق والأسواق الطرفية مواصلة “لسلوكهم الانتقامي والاجرامي القائم على العنصرية والجهوية، لكنه سيرتد عليهم”.