أكثر من (60).. وفيات وسط أطفال نازحي قتال بابنوسة

عاين– 13 مارس 2024

كشف مسؤول الاتصال الخارجي في غرفة طوارئ مدينة بابنوسة في ولاية غرب كرفان، معمر القذافي في مقابلة مع (عاين) عن وفاة أكثر 60 طفلاً من حديثي الولادة، ومن هم دون سن الخمسة أشهر في مراكز إيواء نازحي بابنوسة خلال الفترة التي أعقبت نشوب القتال بالمدينة في الرابع والعشرين من يناير الماضي بين الجيش والدعم السريع.

وبحسب نشطاء وسكان في المنطقة- تمضي الأوضاع في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان نحو كارثة إنسانية نتيجة لاستمرار الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لأكثر من شهر، بينما يعيش حوالي 64 ألف شخص فروا من أعمال القتال، في العراء وتحت ظروف قاسية يحاصرهم فيها شبح الجوع وتفشي الأوبئة في ظل نقص الأدوية.

وتحولت بابنوسة إلى مدينة أشباح بعد أن غادرها السكان بشكل جماعي، ولم يتبق في شوارعها وأحيائها أي مواطن مدني، مع تواصل المعارك على الأرض وتبادل بالقصف المدفعي، كما ينفذ الطيران الحربي التابع للجيش ضربات جوية باستمرار على المدنية؛ مما أحال أجزاء واسعة منها إلى رماد، بحسب ما نقلته مصادر من المنطقة لـ(عاين).

وقول معمر القذافي حول أسباب وفيات الأطفال لـ(عاين):”لم يتم التعرف على الأسباب الرئيسية وراء والفيات؛ لأن الحرب دمرت غالبية المستشفيات والمراكز الكبرى، وخرجت بعضها عن الخدمة، بينما لا تملك المكاتب الطبية الخاصة بغرفة الطوارئ الإمكانيات التشخيصية الكافية”.

ويتابع: “لكن الأسباب الراجحة هي نزلات البرد والحميات والملاريا، إلى جانب نقص الغذاء للمرضعات وتدهور حالتهن النفسية”.

وأكد مصدر طبي من المنطقة لـ(عاين)، ارتفاع معدل الوفيات وسط أطفال النازحين من قتال بابنوسة، وأن الحصيلة الكلية تجاوزت الـ60 طفلاً، وما تزال الكارثة مستمرة في ظل انعدام كامل للأدوية وغياب الرعاية الصحية.

معارك مستمرة

وتتواصل المعارك العسكرية في بابنوسة منذ 24 يناير الماضي، حيث تسعى قوات الدعم السريع للسيطرة على البلدة الاستراتيجية، والتي تضم أكبر حامية للجيش السوداني في ولاية غرب كردفان، كما تمثل بابنوسة حقلة وصل مهمة مع إقليم دارفور ودولة جنوب السودان جنوبا، وهي بمثابة خط دفاع رئيسي عن حاميات القوات المسلحة في مدينتي النهود والأبيض.

وبحسب مدير الاتصال الخارجي في غرفة طواري بابنوسة معمر القذافي، فإن جميع سكان المدينة والبالغ عددهم وفق آخر تعداد سكاني نحو 140 ألف نسمة، اضطروا للنزوح نتيجة تصاعد وتيرة المعارك، ولم تبق بهذه المدينة أي مواطن مدني، إذ رصدت الفرق الميدانية التابعة للغرفة سقوط نحو 840 برميلاً متفجر داخل المدينة، هذا بخلاف القصف المدفعي المتبادل بين الطرفين بشكل يومي.

ويقول معمر لـ(عاين) “لكن عدد نازحي بابنوسة الذين تم إيواؤهم في 12 مخيماً بولاية غرب كردفان، بلغ 64 ألف حسب آخر إحصائية، وهم يعيشون تحت ظروف إنسانية سيئة، ويفتقدون لأبسط مقومات الحياة بما في ذلك نقص الغذاء ومياه الشرب والأدوية، إذ وصلت شحنة دواء واحدة فقط منذ اندلاع الحرب في أبريل الماضي، ونُهِبَت قبل أن تصل للمرضى المحتاجين”.

الصورة: غرفة طوارئ بابنوسة

ويضيف “في منطقة الكلاعيت وهي قرية صغير وبها محطة دونكي، وليس بها مدرسة، يوجد 12 ألف نازح يقيمون في العراء فقط تأويهم ظلال الأشجار، بينما يقوم متطوعو غرفة طواري بابنوسة مع شباب مدينتي الفولة والمجلد بتوفير بعض الاحتياجات للفارين من القتال في مراكز الإيواء المختلفة، كما أجلينا بعض الأسر من منطقة النزاع وآخرين إلى داخل المدن الآمنة”.

ويشير إلى وُجود لمفوضية العون الإنساني، ولكنها لم تتمكن من القيام بأي تدخلات؛ بسبب عدم وجود مسارات إنسانية وهي مشكلة تواجه كل المنظمات الطوعية، فليس لمدينة بابنوسة أي منفذ سوى عبر ولاية شرق دارفور، فلا يوجد أي مجال لوصول المساعدات من الشرق؛ لأن سيطرة الجيش وقوات الدعم السريع ممتدة حتى بورتسودان، ولم يسمح الطرفان بأي مسارات آمنة طوال فترة الحرب. فالوضع كارثي وينذر بخطر المجاعة”.

أوضاع قاسية

ويقول متطوع في مراكز إيواء نازحي لـ(عاين) وطلب عدم ذكر اسمه، إن قوات الدعم السريع ظلت تلاحق الفارين من القتال، وتنهب المقتنيات التي بحوزتهم، فقد وصل النازحون إلى مراكز الإيواء وهم مجردون من كل شيء بما في ذلك الهواتف النقالة والمبالغ النقدية وغيرها، فهم يعيشون أوضاع قاسية وسط جهود محدود يقوم بها متطوعون من أبناء المنطقة”.

ويضيف: أن “المجتمعات في المناطق الآمنة تقوم ببعض الجهود، ولكن هي بدوره تعاني الأزمة المعيشية، بجانب العدد الكبير للفارين من الحرب، ففي منطقة أم جاك يفوق عدد النازحين، السكان المحللين، لذلك ليس بمقدورهم فعل شيء، فالوضع بحاجة إلى تدخل عاجل من المنظمات الطوعية لإنقاذ حياة ما لا يقل عن 100 ألف نازح ونازحة من قتال بابنوسة”.

ويتقاسم الجيش وقوات الدعم السريع السيطرة على إقليم كردفان، حيث يحتفظ الجيش بمدن الفولة، النهود، بابنوسة، في غرب كردفان، والأبيض في ولاية شمال كردفان، إلى جانب كادوقلي والدلنج في ولاية جنوب كردفان. فيما يسيطر الدعم السريع على الجزء الجنوبي والغربي من ولاية غرب كردفان مثل المجلد وغبيش وابوزبد، إلى جانب هبيلا والدبيبات في ولاية جنوب كردفان، وجزء من ولاية شمال كردفان.