إدانة واسعة لمقتل 11 طفلاً في قصف طيران الجيش لمدرسة بجنوب كردفان
عاين –17 مارس 2024
لقي 11 طفلاً واثنين من المعلمين مصرعهم، وأصيب 45 آخرين خلال قصف عشوائي بطيران الجيش السوداني استهدف مدرسة ابتدائية في منطقة هدرا بولاية جنوب كردفان، في حادثة وصفت بـ”المجزرة البشعة” وحصدت إدانات واسعة.
وبحسب نشطاء في منظمات مدنية وحقوقية بالمنطقة تحدثت إليهم (عاين) فإن طائرة من طراز أنتنوف تتبع للجيش ألقت براميل متفجرة على مدرسة الهدرا الابتدائية صباح الخميس الماضي، وهي منطقة تقع جنوب شرق الكرقل، وتخضع لسيطرة الحركة الشعبية – شمال قيادة عبد العزيز الحلو، وأحالت الأطفال ومعلميهم إلى أشلاء.
وأدانت كيانات مدنية ومجتمعية في منطقة جبال النوبة ما وصفته بالمجزرة التي ارتكبها الطيران الحربي بحق التلاميذ الأبرياء، وحملوا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقادة سلاح الجو السوداني مسؤوليتها، وأنها ستضاف إلى جرائم الجيش ومليشياته في منطقة جبال النوبة.
وتتراوح أعمال الطلاب والطالبات الذي توفوا نتيجة القصف بالطيران على مدرسة الهدرا الابتدائية بين 10 – 14 سنة، – بحسب ما نقله ناشطون لـ(عاين).
وقالت الحركة الشعبية – شمال في بيان صحفي الأحد، إن “الجميع تفاجأ صباح الخميس الماضي في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحاً بقصف مباغت لسلاح الجو السوداني (طائرة أنتينوف) على قرية الهدرا بمقاطعة دلامي – بجبال النوبة، حيث سقطت عدد من البراميل المتفجرة أدت إلى استشهاد 11 تلميذاً واثنين من المعلمين وإصابة 45 آخرين”.
وأضاف البيان: “نحن في الحركة ندين هذا الهجوم والتصرف البربري الجبان، ونؤكد أن القوات المسلحة السودانية إذا أرادت حربا مع الجيش الشعبي، فهي تعرف مكان معسكراته ومواقعه جيداً، ولا يوجد سبب لقصف مدرسة للأطفال الأبرياء، فبأي منطق ومبرر تم قصف هذه المدرسة وقتل الأطفال”.
وظلت آلة الحرب المستمرة في السودان منذ أبريل الماضي تحصد أرواح الأطفال، فمات بعضهم نتيجة القصف والرصاص، وآخرين بالأمراض الوبائية وسوء التغذية، وسط تحذيرات أممية من “خسارة جماعية” لحياة ومستقبل الأطفال في البلاد.
ولا توجد حصيلة دقيقة لعدد الأطفال الذين توفي نتيجة الحرب الحالية، ولكن في كل يوم يُعلن عن أطفال سقطوا بسبب عمليات القصف العشوائي، والجوع ونقص الرعاية الصحية.
وكانت رئيسة منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” في السودان مانديب أوبريان، قالت في تصريحات منفصلة خلال شهري يناير الماضي ومارس الحالي، إن النزاع في السودان يعرض صحة 24 مليون طفل، وأن مستقبل البلاد في خطر، فقرابة 20 مليون طفل لن يذهبوا إلى المدرسة هذا العام، بجانب 14 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، كما تم حرمان 7.4 مليون طفل من الحصول على مياه الشرب النظيفة، وأيضاً هناك 3.5 ملايين طفل معرضين للإصابة بأمراض مرتبطة بظروف النظافة الصحية مثل الكوليرا”.
وتشير المسؤولة الأممية، إلى أن 4 ملايين طفل سوداني باتوا مشردين، كما يعاني الملايين من الجوع وسوء التغذية، وقالت إنه لم يتبق إلا بصيص أمل للحيلولة دون خسارة جماعية لحياة ومستقبل الأطفال في السودان، مما يستوجب وقفاً فورياً لإطلاق النار وتوفير مزيد من الموارد وإتاحة الوصول دون عوائق لإنقاذ ملايين الأطفال الذين يكابدون من أجل البقاء على قيد الحياة.
ويقول مدير البرنامج القانوني في المركز الأفريقي لدراسات السلام والعدالة أمير سليمان، إن الأطفال والنساء وكبار السن، هم من أكثر الفئات تضرراً من الحرب الحالية؛ لأنهم فئات ضعيفة، وليس لديهم القدرة للدفاع عن أنفسهم، وهم في أتون القتال ووسط عمليات القصف بالطيران وهي لا يتميز بين الأشخاص، بالإضافة إلى ما تقوم به قوات الدعم السريع من قتل واغتصاب ونهب وسرقات.
ويشير سليمان في مقابلة مع (عاين) إلى أن اتفاقيات وبروتوكولات جنيف، واتفاقية حقوق الطفل الدولية، واتفاقية رفاهية وحقوق الطفل الأفريقي، تلزم طرفي الصراع في السودان بمراعاة حقوق الأطفال وعدم التعدي على الأماكن التي يوجَد فيها أطفال ولا يستهدفوهم.
انتهاكات كبيرة
ويضيف: “تعرض الأطفال في السودان إلى التنجيد من طرفي الحرب، وآخرين رأوا مشاهد صادمة، كذلك تعرضت طفلات قاصرات إلى الاغتصاب، وهذه الانتهاكات منتشرة تحديداً بين قوات الدعم السريع وهناك دلائل وتقارير كثيرة منشورة عن هذه الوقائع، ويترتب على ذلك أيضا ربما تصاب المغتصبات بأمراض جنسية أو حمل وهن غير مستعدات له خارج إطار الزوجية وأنهن قصر، كما يتم حبس بعضهن في منازل يسيطر عليها الدعم السريع، ويجبروهن على أعمال أشبه بالعبودية من غسل الملابس وتنظيف المكان والطبخ، وبعدها الاستغلال الجنسي”.
وتابع: “كل ما يحدث من طرفي النزاع ينتهك التزامات السودان بالقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان بما فيه اتفاقيات حقوق الطفل، ونتمنى أن يوقف الطرفان إطلاق النار والعودة إلى طاولة التفاوض منعاً لتردي الوضع أكثر فأكثر وعدم تضرر الأطفال، وكل الفئات الضعيفة في البلاد.
وحث طرفي النزاع على تشكيل آلية لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات بحق الأطفال حتى لا تتكرر؛ لأن من أمن العقاب أساء العمل، وهي من المسائل التي يجب أن ينتبه لها الطرفان نظراً ما يترتب عليها من مسؤولية في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وستكون وبال عليهم في المستقبل حال لم يوقفوا هذه الانتهاكات.
الواقع المظلم أيضاً ينتظر 1.3 ملايين طفل سوداني يتوقع ولادتهم خلال العام 2024م، ولا بد من توفير دعم مهني للأمهات، في حين أن غالبية المستشفيات خارج الخدمة، بحسب يونيسيف.
وكانت “هيئة إنقاذ الطفولة” ذكرت أن ما يقرب من 230 ألف طفل وامرأة حامل وأم جديدة قد يموتون في الأشهر المقبلة بسبب الجوع، ما لم يتم الإفراج عن تمويل عاجل منقذ للحياة استجابة للأزمة المتفاقمة في السودان.