“سوء تخطيط وتغير مناخي”.. أكثر من سبب لفواجع الخريف في السودان
15 أغسطس 2022
أدت السيول والفيضانات التي ضربت 12 ولاية سودانية إلى تأثر 1560 مصدرا لمياه شرب السكان، وأشار تقرير أممي إلى أنه مقارنة مع العام الماضي تضاعفت أعداد المتضررين جراء السيول هذا العام ففي العام الماضي تأثر 314 ألف شخص بينما تأثر بين 2017 و2021 حوالي 388 ألف شخص.
وكان المجلس لأعلى للدفاع المدني كشف السبت الماضي عن مقتل 52 شخصا وتدمير 8900 منزل والحاق الضرر الجزئي بـ 20600 منزل.
وقال تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة “أوتشا” ان الولايات التي تضررت بالسيول شملت ولايات وسط وجنوب وغرب دارفور والنيل الأبيض وغرب كردفان وجنوب كردفان وشمال كردفان وشرق دارفور وسنار وكسلا وشمال دارفور.
وذكر التقرير الذي صدر اليوم الاثنين واطلعت عليه (عاين)، أن عدد المتضررين من السيول والأمطار 136 ألف شخص حسب المعلومات التي وردته من المجلس القومي للدفاع المدني “هيئة حكومية” وعبر المكتب الأممي عن مخاوفه من ارتفاع أعداد المتضررين مع ذروة موسم الأمطار في أغسطس الجاري.
تحذير
وأكد المكتب الاممي أن الفيضانات ادت إلى فقدان 331 رأسا من الماشية وتضرر 5200 فدان زراعي حوالي 18 كيلو متر مربع.
وحذر التقرير نقلا عن منظمة الايقاد من أن الفترة بين 9 إلى 16 أغسطس ستشهد هطول أمطار غزيرة أعلى بنسبة 1% على أجزاء معزولة من وسط السودان وغزيرة جدا وأعلى بنسبة 10% في أجزاء أخرى من وسط البلاد.
وقال التقرير إن منسوب مياه نهر النيل بدأ في الارتفاع في شهر يوليو الماضي لكنه ظل إلى حد كبير دون مرحلة الإنذار.
وضربت السيول ولاية نهر النيل وأدت إلى تدمير منازل السكان في ستة قرى بمحلية بربر وسط انتقادات عنيفة للحكومة المحلية وعدم تقديمها المساعدة للمنكوبين. وقال مواطنون إن السلطات المحلية عجزت عن توفير مياه الشرب للمنكوبين.
وحاصر المتضررون وفدا حكوميا برئاسة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان زار محلية بربر أمس الأحد ووجهوا انتقادات عنيفة للحكومة الاتحادية والولاية بسبب ما أسموه “التقصير الحكومي” تجاه كارثة السيول التي اجتاحت المنطقة منذ خمسة أيام.
فيضان نهر القاش
وكان مجلس البجا “تنظيم قبلي” أطلق نداء استغاثة لمساعدة منكوبي نهر القاش بمدينة كسلا والذي خرج عن السيطرة وناشد المجلس الأهلي الذي يواجه انتقادات عنيفة بسبب أزمة الشرق المنظمات الإنسانية والحكومة إلى مساعدة المتضررين.
ونهر القاش هو موسمي الجريان يشق مدينة كسلا إلى نصفين وجراء فيضان هذا النهر يستغل المزراعون الفقراء المياه للأغراض الزراعية لكن اندفاع المياه بشدة هذا العام أدى إلى تلف المساحات الزراعية.
خسارة مساحات زراعية
ويحذر كارم عبد الله وهو محلل سابق في وكالات الأمم المتحدة، من أن الفيضانات قد تؤدي إلى خسارة آلاف الهكتارات الزراعية في السودان مع مؤشرات سيئة لحالة الأمن الغذائي جراء التضخم والأزمة الاقتصادية.
وقال إن التقارير المعلنة تشكل جزءًا يسيرًا من “معلومات صادمة لم يتمكن الفاعلون الإنسانيون من رصدها” خاصة مع صعوبة الانتقال في بعض المناطق وفق تقارير “أوتشا”.
وأشار كارم في مقابلة مع (عاين)، إلى أن “التدخلات الحكومية” في كوارث السيول وإغاثة المنكوبين غير ناجعة وتكاد تنعدم تماما خاصة في ظل عدم اهتمام السلطات أو استعدادها للموسم الفيضانات.
وبينما ضربت السيول 12 ولاية سودانية لم يصنف مجلس الوزراء هذه المناطق كـ”منطقة كوارث” لمناشدة المنظمات الإنسانية بتقديم المساعدات العاجلة لـ 136 ألف شخصا في أنحاء البلاد تضرروا من السيول والأمطار.
وتعيش البلاد حالة فراغ حكومي منذ الانقلاب العسكري في أكتوبر الماضي والذي نفذه قائد الجيش والمكون العسكري وأطاحوا بالقادة المدنيين عن الحكومة الانتقالية.
تغييرات مناخية
وغالبية من تضرروا بالسيول هم سكان القرى الذين شيدوا منازلهم بأسعار زهيدة كما يقول حسان من ولاية سنار لـ(عاين)، ويضيف “فقدت جميع الماشية التي كنت اقوم بتربيتها إلى جانب انهيار منزلي بالكامل”.
وأشار حسان إلى أنه إذا أراد تشييد منزله مجددا بعد زوال موسم الفيضان وإعادة تربية الماشية فإنه يحتاج إلى 5مليون جنيه ما يعادل 3500 ألف دولار أمريكي وآخر شئ يتوقعه أن تساعده الحكومة على ذلك.
غياب التخطيط
وقال الخبير الإداري والمهندس المدني محمد عبد الرحمن لـ(عاين)، لاحظنا أن نهر القاش في ولاية كسلا يهدم سنويا مئات المنازل ويدمر الأراضي الزراعية ولا حل الا بترويض النهر او نقل هذه المناطق السكنية بعيدا عن فيضان النهر.
وأشار عبد الرحمن، إلى أن تكرار المعاناة سنويا في العديد من المناطق يعني غياب التخطيط الاستراتيجي للتعامل مع الكوارث والتدخل الحكومي بعقلية الطوارئ لن يساعد المتضررين في تفادي مخاطر السيول.
وأوضح أن وزارة المالية لم تخصص بندا للتنمية في موازنة 2022 و2021 لشح الموارد المالية كما زعمت هذه الأزمة ستفاقم من معاناة متضرري السيول وقد يتضاعف العدد هذا العام.
وتوقع عبد الرحمن، استمرار معاناة قرى محلية بربر سنويا مع موسم الفيضان في ظل التحولات البيئية التي شهدتها المنطقة بسبب التعدين الأهلي والآثار المترتبة على سد مروي.
وقال إن سكان نهر النيل موعودون بتغييرات كبيرة على الوضع البيئي وعليهم أن يحتاطوا للسنوات المقبلة ما لم تحدث تدخلات حكومية في إبعاد السكان من مجاري السيول إلى مناطق أكثر أمانا بتشيد قرى جديدة.