شركات الجيش السوداني.. هيمنة اقتصادية خلف البنادق
عاين- 15 سبتمبر 2025
قبل أن تهدأ آثار المعارك الحربية سارعت شركات مملوكة للجيش السوداني إلى إعادة ترميم مسلخ الكدرو شمال العاصمة السودانية لإنعاش سوق صادرات اللحوم إلى دولة مصر منذ يونيو 2025.
بينما استعاد الجيش السوداني العاصمة الخرطوم بين مارس ومايو 2025 لم تكن شركات تابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية بمنأى عن العودة إلى استعادة الأنشطة الاقتصادية سيما في الخرطوم.
تدير منظومة الصناعات الدفاعية التي امتلك الجنرال محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع 30% من أسهمها في العام 2022، ولم يصدر الجيش قرارا حول مصيرها – مجموعة شركات تعمل في النشاط الزراعي والصناعي والخدمي والعتاد العسكري، وتخطط لاقتحام قطاع الإعمار في ولايات الخرطوم والجزيرة ونهر النيل والشمالية والبحر الأحمر وكسلا.
من المطار إلى مصانع الألبان
شركة زادنا- أحد أكبر الشركات التي يديرها الجيش، أخفت خسائرها الناتجة عن الحرب وفقدان الأصول سيما في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وتأمل في استعادة البنية الاقتصادية والمالية بالاعتماد على النفوذ الهائل كونها تتبع للجيش السوداني وفقا لما افاد به المحلل الاقتصادي محمد إبراهيم (عاين).
ولفت إبراهيم، إلى أن شركة زادنا تخطط لتوسيع مطار عطبرة بولاية نهر النيل للاستخدامه في الصادرات وتشغيل حركة الطيران المدني، وهذه الاستثمارات تعتزم شركة زادنا من خلالها جني ملايين الدولارات على حساب الاقتصاد السوداني.
وتابع: “يعتبر وزير الثروة الحيوانية أحمد التجاني المنصوري الذي أثار تعيينه جدلا واسعا أحد مهندسي مصانع اللحوم والألبان في دول الخليج، وتريد شركة زادنا نقل هذه المشاريع إلى السودان”.
استثمرت شركة زادنا خلال السنوات الماضية في القطاع الزراعي شمال ووسط قبل أن تنخرط في تشييد الميناء البري في ولاية الجزيرة وإنهاء المشروع في العام 2022.
تمويل العتاد الحربي
وفي 31 ديسمبر 2024 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات تجارية ومصرفية على شركة زادنا وقالت إنها تورطت في غسيل الأموال وتمويل الحرب لصالح الجيش السوداني.
ويقول أحمد كمال الباحث في الاقتصاد السياسي لـ(عاين)، إن المنظومة الدفاعية والتي تعد أكبر مؤسسة مالية واقتصادية تابعة للجيش السوداني تعتزم الانخراط في المشاريع الكبرى المتعلقة بإعادة الإعمار مثل تشييد الطرق وإنشاء المصانع الكبيرة مستغلة عدم وجود منافسة في الأسواق السودانية؛ بسبب الحرب التي تستمر منذ 27 شهرا.
ويرى كمال، أن التحديات التي تواجه مستقبل الديمقراطية والحكم المدني في السودان وجود منظومة اقتصادية عسكرية تعمل ضمن “اقتصاد الظل” تُقلل من كفاءة الاقتصاد العام، وتمول النزاعات المسلحة وتكوين المجموعات القتالية خارج نطاق الجيش السوداني.
ويعتقد كمال، إن شركة زادنا منظومة واحدة ضمن سلسلة من القطاع التجاري والاستثماري والصناعي التابعة للمؤسسة العسكرية، وتذهب الأرباح المالية لتوطيد حكم الجنرالات خاصة عبد الفتاح البرهان النافذ في منظومة الصناعات الدفاعية.
واستحوذت شركة زادنا في العام 2022 على أبراج الضفاف بالعاصمة السودانية إثر الانقلاب العسكري الذي نفذه المكون العسكري بما في ذلك الجنرال محمد حمدان دقلو “حميدتي” على حكومة عبد الله حمدوك، وتقدر القيمة السوقية للمباني التي شُيدت في قلب الخرطوم بأكثر من 100 مليون دولار.
وكانت لجنة التفكيك وإزالة التمكين التابعة للحكومة الانتقالية استردت أبراج الضفاف من شركة زادنا بعد أن استولت عليها دون أوراق شرعية في العام 2020.
تصدير اللحوم إلى مصر
وتقول نورة عبد الرحمن الباحثة في الاقتصاد العسكري لـ(عاين): إن “منظومة الصناعات الدفاعية بما في ذلك شركة جياد لتصنيع السيارات التابعة للجيش السوداني تكبدت خسائر فادحة خلال الحرب ولا تقل عن 3 مليارات دولار”.
وتضيف: “شركة الاتجاهات المتعددة المملوكة للمنظومة الدفاعية سارعت إلى صيانة وتشغيل مسلخ الكدرو شمال العاصمة السودانية لتصدير اللحوم إلى مصر وجني ملايين الدولارات”.
وتشير نورة عبد الرحمن، إلى أن شركات الجيش السوداني تأمل في تصدر المشهد الاقتصادي من خلال الحصول على مشاريع إعادة الإعمار للبنى التحتية في المدن المتضررة من الحرب.
وتضيف: “القيمة السوقية لشركات المنظومة الدفاعية كانت تقدر بـ 11 مليار دولار قبل الحرب وهي تدير استثمارات في شركات الاتصال في موريتانيا من خلال شركة سوداتل”.
وتوضح نورة عبد الرحمن، أن وجود هذه الشركات تحت إدارة الجيش السوداني يعرقل الحكم المدني والديمقراطية في البلاد والتجربة القريبة خلال الفترة الانتقالية 2019 -2021 عكست هذه التحديات.