“حصار المدرعات”.. شبح السقوط يهدد أقوى تشكيلات الجيش السوداني
عاين- 1 أغسطس 2023
معارك ضارية يشهدها محيط سلاح المدرعات أحد أقوى تشكيلات الجيش السوداني، بعد أن كثفت قوات الدعم السريع هجماتها مؤخراً في محاولة للاستيلاء على هذه القاعدة الاستراتيجية.
وظلت قوات الدعم السريع في حالة هجوم مستمر على مقر سلاح المدرعات في ضاحية جبرة جنوبي الخرطوم على مدار خمسة أيام ماضية، ونجح الجيش في صدها.
فيما لا تزال “الدعم السريع” تتمركز حول مقر المدرعات من كل الاتجاهات على بعد نحو 5 كيلومترات بما يشبه الحصار، وذلك وفق ما نقله مصدر عسكري لـ(عاين).
ويشير المصدر إلى أن قوات الدعم السريع ترسل بشكل يومي عدد قليل من الجنود يمتطون دراجات نارية “مواتر” وسيارات مدنية صغيرة لمهاجمة سلاح المدرعات من كل الاتجاهات، يقومون بإطلاق الرصاص والمقذوفات ومن ثم ينتشرون داخل الأحياء السكنية مما يصعب مهمة الجيش في التعامل معهم.
ويصف المصدر العسكري، ما يقوم به جنود قوات الدعم السريع مناوشات انتحارية ربما هي مقدمة لهجوم أكبر قادم، لكن الجيش إذا سمح باستخدام كامل لقوة سلاح المدرعات سيحيل منطقة جنوب ووسط الخرطوم الى رماد، حسب تعبيره.
جثامين بالأحياء
ويقول مواطن ما يزال مقيماً في ضاحية جبرة لـ(عاين) إنه شاهد عشرات الجثامين لأفراد من قوات الدعم السريع وسط الأحياء السكنية تبدو حصيلة معارك عسكرية حديثة لأنها لم تتحلل بعد.
وينبه الشاهد إلى أن غالبية المنازل أصبحت خاوية بعد أن غادرها أصحابها نتيجة لارتفاع حدة المعارك العسكرية، بينما تفرض قوات الدعم السريع تضييقاً على السكان الذين مازالوا متواجدين وتمارس أعمال نهب للممتلكات والسيارات.
وتمكنت قوات الدعم السريع من قطع سلاح المدرعات عن بقية قواعد الجيش الأخرى بما في ذلك القيادة العامة وسط الخرطوم وسلاح المهندسين في أمدرمان بعد أن سيطرت على مقرات هامة في شارع الغابة المؤدي الى أمدرمان مثل “الاستراتيجية” والمدخل الشرقي من جسر النيل الأبيض “الفتيحاب”.
وفي الجزء الشمال الغربي يسيطر الدعم السريع على مجمع اليرموك الصناعي، ومعسكر شرطة الاحتياطي المركزي من الناحية الجنوبية، كما يتمركز في الاتجاه الشرقي في مناطق الصحافة وصولا الى شارع أفريقيا حتى صالة الحج والعمرة جنوبي مطار الخرطوم الدولي وهو ما يشير لقطع الإمداد بين المدرعات وقيادة الجيش.
ويقول الخبير العسكري عمر أرباب في مقابلة مع (عاين)، إن حصار سلاح المدرعات يعتبر واحدة من الأسباب المقيدة التي حالت دون تقدم الجيش السوداني للسيطرة على الأوضاع.
ويشير أرباب إلى أن المدرعات تمثل خط الدفاع الثاني للقيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم وأن سقوطها في يد الدعم السريع سيجعل من سقوط القيادة مسألة وقت ليس إلا”.
“بالطبع سقوط المدرعات سيكون مكلف للغاية لكنه يظل هدف يسعى الدعم السريع لتحقيقه، فيما يعمل الجيش على منعه لأن سقوطها يعني خسارة سلاح نوعي مؤثر وحاسم في المعركة العسكرية ويغري العدو بمزيد من التقدم مثلما حدث بعد الاستيلاء على مقر الاحتياطي ومجمع اليرموك وغيرها من المواقع”. يضيف أرباب.
تحييد المدرعات
ويفسر الخبير العسكري عميد ركن متقاعد خالد محمد عبيد الله هجمات قوات الدعم السريع على المدرعات بأنها محاولة لشغلها ومنع تدخلها في المعارك الدائرة في عدد من أحياء الخرطوم، ولكن الحقيقة التي لا يعلموها أن قيادة الجيش هي من تنأى باستخدام المدرعات على الأقل في هذه المرحلة لتقليل الخسائر وسط المدنيين والمباني.
ويقول عبيد الله في مقابلة مع (عاين) إن “أي اختراق في سلاح المدرعات ستدمر منطقة جنوب ووسط الخرطوم بكاملها وساعتها لن نجد ما يروي لنا ما حدث، فهي فتاكة وتعتبر السلاح الوحيد الذي يقاتل بمفرده بتغطية من مشاة أو بدونهم، ولديها رشاشات حماية من صائدي الدبابات”.
ويرى عبيد الله، أنه من الصعوبة الاستيلاء على المدرعات التي إذا سمح قائدها استخدام قوته الكاملة فلن تترك منزلا على ارتفاع متر في العاصمة الخرطوم إلا ودمرته، لكن تبدو محاولات الدعم السريع غرضها شغل المدرعات عن المشاركة عن بعد في العمليات العسكرية الدائرة أكثر من السيطرة عليها.
ويأتي تصاعد وتيرة المعارك العسكرية جنوب الخرطوم بعد تعثر مفاوضات السلام التي كانت تجري في مدينة جدة برعاية أمريكية سعودية في التوصل الى تهدئة جديدة في ظل رغبة ملحوظة من طرفي الحرب في حسم صراعهما عسكرياً.