السودان: “زلزال 6 أبريل” يحاصر الانقلابيين
6 أبريل 2022
أحتل ملايين السودانيين اليوم الأربعاء في العاصمة وأكثر من 15 مدينة ولائية الشوارع الرئيسية للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري في البلاد. وقابلت قوات الإنقلاب حشود المتظاهرين بالقمع المفرط ما اسفر عن مقتل متظاهر واصابة آخرين بالرصاص الحي- بحسب منظمات طبية.
ودعت لجان المقاومة السودانية التي تقود الاحتجاجات الشعبية ضد الانقلاب العسكري للتظاهر في ذكرى السادس من أبريل الذي يصادف الدخول التاريخي لملايين المحتجين على حكم الرئيس المعزول عمر البشير إلى مقر القيادة العامة للجيش خلال العام 2019 وتنفيذهم اعتصاما أمام مقر قيادة الجيش وإجباره على التنحي عن سدة الحكم في 11 إبريل.
وجاءت الاستجابة الواسعة لتظاهرات اليوم نظرا للإهتمام المتعاظم للسودانيين بالأزمة السياسية التي تمر بها البلاد في اعقاب استيلاء الجيش السوداني على السلطة في الخامس من أكتوبر الماضي واطاحته بشركائه المدنيين.
واحتشد الملايين في العاصمة ومدن ولائية مختلفة رافعين شعارات “اسقاط حكم العسكر.. وقيادة المدنيين للدولة السودانية وعودة العسكريين للثكنات”.
وحددت لجان مقاومة مدينة الخرطوم، نقاط تجمع عديدة ومسارات انتهت بالاحتشاد على “شارع افريقيا”- شارع المطار- أحد أكبر شوارع المدينة والمطل على مطار البلاد الرئيسي، فيما اتجهت جموع المتظاهرين في مدينة أم درمان إلى مقر البرلمان، وتجمهر المئات في محطة المؤسسة الرئيسية بمدينة بحري.
وانطلقت مواكب “زالزال 6 أبريل”- التوصيف الذي أطلق على تظاهرات اليوم- عند الساعة الرابعة عصرا واتجهت إلى مساراتها المعلنة وتناول المتظاهرون وجبة إفطارهم الرمضانية في شوارع نقاط التجمع المعلنة.
وارتكزت قوات أمنية في نقاط عديدة بمدينة الخرطوم وأغلقت عدد من الجسور التي تربط المدينة ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى محيط القيادة العامة للجيش والقصر الرئاسي وأخلت في وقت مبكر وسط المدينة من المواطنين.
ومع تقدم المساء، هاجمت تشكيلة من قوات الشرطة المحتجين الذين تقدموا شمالا بإتجاه شارع المطار وأطلقت عبوات كثيفة من الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية الأمر الذي أسفر عن إصابات واختناقات وسط المتظاهرين.
اعتمدت القوات الأمنية في شارع قرب المطار على قنابل الصوت وعبوات الغاز وتفادت إطلاق الرصاص الحي لأن المجال الجوي لهبوط الطائرات على مقربة من مركز الاحتجاجات.
أم درمان تحت النيران
وفي مدينة أم درمان، واجهت القوات الأمنية والعسكرية التي انتشرت في المدينة آلاف المتظاهرين بالرصاص الحي وقنابل الغاز عندما حاولوا الوصول إلى مقر البرلمان مساء اليوم الأربعاء.
وقال شهاهد من المدنية لـ(عاين)، إن “قوات أمنية مدججة بالسلاح أطلقت الرصاص على موكب أم درمان التي وصلت على مقربة من البرلمان في شارع رئيسي وتعرضت فتاة للاصابة في البطن ونقلت إلى المستشفى في حالة حرجة”.
وذكرت وصال وهي شاهدة من حي الموردة لـ(عاين)، أن القوات العسكرية أطلقت الرصاص بكثافة في الشوارع المحيطة بالبرلمان ورغم ذلك لا زال الآلاف من المحتجين في عملية كر وفر مع قوات مكافحة الشغب.
وأشارت إلى أن المواكب التي وصلت قرب البرلمان من أحياء أم درمان غرب العاصمة حاشدة كانت تأمل في الوصول إلى البرلمان واعلان الاعتصام المدني.
احتمى آلاف المتظاهرين بالشوارع الداخلية في أحياء بانت والموردة بمدينة أم درمان بينما وصلت تعزيزات أمنية في الفترة المسائية.
وقال متظاهرون إن القوات الأمنية ارتكبت أعمال عنف واسعة ضد المحتجين ولا تزال مستمرة في إطلاق الرصاص الحي.
هتاف ضد البرهان
بينما لم يختلف الوضع بمدينة الخرطوم بحري شمال العاصمة السودانية وتظاهر الآلاف قرب تقاطع المؤسسة وهتفوا ضد المكون العسكري وطالبوا الجيش بالابتعاد عن السلطة السياسية.
وقالت علياء 30 عاما لـ(عاين)، إن الآلاف وصلوا إلى تقاطع المؤسسة وهم يشعرون بالحماس بأن الانتصار اصبح قريبا بالوصول إلى الحكم المدني وقالت إن القوات الأمنية ارتكزت في مناطق بعيدة نسبيا.
وفي ساعة الافطار جلس آلاف المحتجين ارضا وتبادلوا المياه والعصائر وهي تجهيزات نفذتها نساء متطوعات لدعم الاحتجاجات التي تدخل شهرها السادس وهذه المدينة دفعت تكلفة باهظة بـ مجزرتين دمويتين في الثالث عشر من نوفمبر والسابع عشر من نوفمبر بعد شهر من الانقلاب العسكري.
وانتهت الاحتجاجات في أغلب مناطق العاصمة عقب إعلان تنسيقيات لجان المقاومة بولاية الخرطوم الانسحاب من جميع المواقع التي حددتها للتظاهر لصعوبة تنفيذ الاعتصام المدني في ظل الانتهاكات الأمنية.
إصابات بطلقات الخرطوش
من جهتها، أعلنت لجنة اطباء السودان المركزية عن إصابات وسط المتظاهرين في العاصمة بالرصاص الحي وسلاح الخرطوش، وقالت في بيان طالعته (عاين)، اليوم الاربعاء، أن” قوات السلطة الانقلابية نفذت هجوم سافر واستخدمت العنف المفرط ضد المتظاهرين في مواكب مدينة الخرطوم ومدينة أمدرمان التي كانت تتأهب للإفطار بمحيط برلمان الشعب، لتتراجع المواكب إلى شارع الشهيد عبد العظيم ولكن ما زالت القوات الأمنية تتعقبها مستخدمة الرصاص الحي وسلاح الخرطوش ما أدى الى وقوع عدد من الإصابات بعضها يحتاج إلى تدخل جراحي”.
شرق السودان.. قمع مفرط
استخدمت القوات الامنية العنف المفرط في مواجهة المتظاهرين السلميين بمدينة بورتسودان شرقي السودان، واطلقت الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع بكثافة ، وقال مشارك في التظاهرات في المدينة لـ(عاين)، “ان القوات الامنية نفذت حملة اعتقالات وسط المحتجين وقامت باعتقال (6) من المحتجين بينهم اربعة فتيات واعتدت عليهم بالضرب وأطلق سراح ثلاثة منهم بالضمان”.
شاهد من مدينة بورتسودان: القمع الذي شاهدته لمواكب المدينة اليوم يشابه قمع ثورة ديسمبر 2018
وأضاف: “قامت القوات الأمنية بنصب كمين في موقف المواصلات الرئيسي للمدينة بينما استمر المحتجين في التظاهر متحدين الطوق الأمني الذي لم تشهد المدينة مثله منذ تظاهرات العام 2018م”.
فيما احتشد المئات في مدينة القضارف، وامتلأ وسط المدينة بالمتظاهرين المطالبين بالحكم المدني، فيما توجه المئات من المحتجين في مدينة كسلا الى امانة الحكومة للتعبير عن مطالبهم وأقاموا مخاطبة جماهيرية .
وفي مدينة ود مدني، خرج الألاف إلى وسط السودان واعلنوا اعتصاماً سلمياً بالمدينة عند “قبة ودمدني السني” أحد أبرز معالم المدينة الدينية، وبدأ المتظاهرون تصعيداً ثورياً منذ ليل أمس بتتريس المدينة بجانب المواكب الدعائية.
فيما احتشد المئات بمدينة عطبرة شمالي السودان في ذكرى السادس من ابريل وقاموا بإغلاق الشوارع بالمتاريس ، فيما خرجت مدن كوستي وربك والمجلد .
مواكب مدن دارفور
وكان لافتاً، خروج آلاف المتظاهرين باكرا في مدن ولايات دارفور، واحتشد المئات في مدينة “نيالا” ثاني أكبر المدن السودانية. وأشار مراسل (عاين) في الإقليم، إلى انه ورغم ارتفاع درجات الحرارة نهار اليوم الاربعاء في معظم مدن ولايات دارفور تدافع المحتجين إلى الساحات والميادين الرئيسية.
وأضاف: “أحتل المحتجين في مدينة نيالا ساحة السينما وسط المدينة مرددين شعارات تندد بالحكم العسكري مطالبين برحيل العسكر وتسليم السلطة للمدنيين.
وقال عضو تحالف الحرية والتغيير -المجلس المركزي- بولاية جنوب دارفور عصام شرا لـ(عاين)، “موكب السادس من إبريل جدد التلاحم الشعبي وأرسل رسالة واضحة للانقلابيين، إن الشعب السوداني رفع شعار لا تراجع عن -الحكم المدني الديمقراطي”.
وأشار شرا، إلى إنه رغم القمع وتهديد قيادات الثورة بالاعتقال والترهيب نجح الثوار في كسر الحاجز وتنظيم موكب ضخم وصل الموقع الرئيسي في صينية “السينما” وكشف عن حملة تهديد بالاعتقال مارستها الاجهزة الامنية مع قيادات الثورة للحد من تنظيم المواكب والإضراب خاصة مع المعلمين وأساتذة الجامعات.
زالنجى
وفي مدينة زالنجى، عاصمة ولاية وسط دارفور، انطلقت مواكب احتجاجية سلمية وسط المدينة رفعت شعارات تطالب قيادات الجيش بتسليم السلطة والعودة للثكنات بجانب المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسين
ولفت آدم أبكر، أحد القيادات تنسيقية لجان المقاومة بمدينة زالنجى إلى المشاركة واسعة للنازحين أضاف بعدا جديدا للحراك الشعبي في وسط دارفور، وأشار ابكر في مقابلة مع(عاين) إلى الاستجابة الكبيرة للمواطنين للحراك الثوري. وطالب أبكر جماهير زالنجى بضرورة استمرار المشاركة في المواكب والاحتجاجات السلمية بجانب الإضراب والعصيان المدني لحين تحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة في تحقيق الحكم المدني الديمقراطي.
الفاشر
أما في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور احتشد الآلاف في الساحة الرئيسية وسط سوق الفاشر، رافعين شعارات تطالب بالحكم المدني الديمقراطي وشارك في الموكب النازحين من مخيمات أبو شوك زمزم بجانب المعلمين والأطباء والمحامين.
وأفاد عضو اللجان المنظمة للتظاهرات المدينة، زكريا أحمد آدم، أن لجنة أمن ولاية شمال دارفور نشر قوات عسكرية كبيرة من الشرطة والجيش والدعم السريع في محيط ساحة مستشفى (نبض الحياة) وجهة موكب مدينة الفاشر وطوقت تجمع المدنيين لكنها لم تتدخل لفض التجمعات.
ونوه زكريا في حديث لـ(عاين)ـ إلى أن المواكب السلمية أوصلت رسالة الثورة لقادة الانقلاب والحركات المسلحة التي ساعدت قادة الجيش والدعم السريع على تنفيذ الانقلاب على الحكومة الانتقالية في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي. وطالب زكريا المنظمات المدنية بتقديم المساعدة الحقوقية وكشف حملة الاعتقالات الممنهجة التي تواجهة قادة لجنة المعلمين واللجان الثورية.