(واشنطون) تقترب من تعيين مبعوث خاص للسودان

30 سبتمبر 2023

تعتزم الحكومة الأمريكية، تعيين مبعوث خاص للسودان الذي يشهد منذ الخامس عشر من أبريل الفائت حرباً بين الجيش والدعم السريع خلّفت آلاف القتلى والمصابين بجانب أوضاع إنسانية حرجة.   

وتأتي خطوة الإدارة الأمريكية في أعقاب العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة على ما سمتهم مؤثرين في الحرب الدائرة في البلاد الآن.

وأبلغ مسؤولون أمريكيون فاعلون في المجتمع المدني السوداني، بأن إدارة بادين تعتزم تعيين مبعوث خاص يتبع للرئاسة الأمريكية لتسريع تحريك الملف السوداني في اروقة الحكومة الأمريكية لتلافي البطء الذي لازمه لجهة أنه يقع في دائرة مسؤولية مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية، مولي في.

ونقل فاعلون في المجتمع المدني في السودان لـ(عاين)، أن مسؤولين أمركيين ابلغوهم بأن إدارة بادين تتجه إلى تسمية سفيرها في السودان جون غودفري مبعوثا رئاسياً أمريكياً لدى الخرطوم.

السفير الامريكي في زيارة سابقة لولاية شمال دارفور

 وتشغل قادة الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام البشير مخاوف بارزة من إعادة الإسلاميين من أعوان النظام البائد إلى الواجهة من جديد في أعقاب انقلاب الجيش على السلطة المدنية قبل عامين، ومع ذلك يتوقع السودانيون أن يتحول بلدهم إلى ساحة معارك عسكرية طاحنة بين الجيش والدعم السريع.

حرب يقف ورائها زعيم الحركة الإسلامية علي كرتي، كما تقول الخزانة الأميركية التي أوقعت عليه عقوبات ووضعته على لائحة المشمولين بالعقوبات كونه أحد أطراف إشعال الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع وتقويض اتفاق وقف إطلاق النار وذلك وفق بيان صدر من الخزانة الأميركية الخميس الماضي علق عليه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن زعيم الحركة الإسلامية في السودان علي كرتي قوض الحكومة الانتقالية ويقف وراء رفض جهود دولية لوقف النار في السودان.

وأشار الوزير الأميركي الخميس إلى أنه في أعقاب عزل البشير في انقلاب عسكري عام 2019، قاد كرتي «جهوداً لتقويض» الحكومة الانتقالية التي قادها المدنيون برئاسة عبد الله حمدوك.

كما اتهمت واشنطن كرتي بالوقوف في وجه محاولات التوصل إلى اتفاق للتهدئة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في المعارك التي اندلعت بينهما منذ منتصف أبريل الماضي.

بينما يرى الدبلوماسي السابق عمر عبد الرحمن، أن العقوبات رغم تأثيرها السياسي والدبلوماسي على المستهدفين بها لن تؤدي إلى إيقاف الحرب بشكل مباشر لأن الإدارة الأميركية وضعت السودان في “أسفل أولوياتها”.

تتشابه العقوبات الأميركية التي فرضت على كرتي زعيم الإسلاميين في السودان مع العقوبات التي فرضتها واشنطن على القائد الثاني للدعم السريع الجنرال عبد الرحيم دقلو لتورطه في انتهاكات ضد المدنيين وفق قرار أمريكي صدر الشهر الماضي.

سيناريوهات

وفيما يتعلق بتأثير العقوبات الأميركية التي فرضت على كرتي حسب الباحث في الشؤون الدولية كمال حذيفة، أن الولايات المتحدة الأميركية باتت على قناعة وفق تقارير موثقة بأن الإسلاميين ومن أمامهم علي كرتي يقودون تعبئة الحرب الدائرة في السودان بالتالي تعد هذه العقوبات “رسائل إلى آخرين في هذا التنظيم بالتراجع عن الموقف الراديكالي الرافض لوقف إطلاق النار في منبر جدة بالمملكة العربية السعودية”.

الحرب في السودان

يضع حذيفة كمال، ثلاثة سيناريوهات قد تلاحق الإسلاميين إزاء عرقلة الجهود الدولية الداعية إلى وقف الحرب في السودان إما الانشقاق إلى تيارين أو فرض عقوبات إضافية على التنظيم بأكمله لجهة أنه يعرقل جهود السلم والأمن في القرن الأفريقي ودول المنطقة.

ويرجح الباحث في العلاقات الدولية حذيفة كمال، بأن تلقي الولايات المتحدة الأميركية بثقلها في الملف السوداني الفترة القادمة بعد أن “سئمت” انتظار طرفي الصراع في قبول مبدأ الوصول إلى وقف إطلاق النار.

ومن خلال التحركات الأميركية في الملف السوداني الشهرين الماضيين وعودة “عملية التلويح” بالعقوبات وإصدار قرارات جدية بحق الجنرال دقلو والقيادي الإسلامي علي كرتي فإن واشنطن بترفيع سفيرها في السودان جون قود فيري إلى مبعوث رئاسي للسودان.

تحرك خجول

لكن الدبلوماسي السابق عمر عبد الرحمن، يرى أن ترفيع سفير الولايات المتحدة في السودان جن قود فيري إلى درجة مبعوث رئاسي قد تكون رغبة أميركية خاصة من إدارة بايدن بتجاوز فشل مبعوثي القرن الأفريقي بوزارة الخارجية الأميركية بوضع حد للأزمة في السودان.

يقول عبد الرحمن لـ(عاين) إن الانقلاب العسكري الذي وقع في السودان عشية 25 أكتوبر 2021 وأطاح بحكومة عبد الله حمدوك بعد ساعات قليلة من مغادرة تيبور ناج مساعد وزير الخارجية الأسبق الذي ابتعث إلى السودان آنذاك لمحاصرة الأزمة “أدخل الخارجية الأميركية” في حرج بالغ واستقال تيبور ناج من منصبه بعد شهور قليلة في يناير 2022 بسبب هذه الأزمة.

دبلوماسي سابق: العقوبات الأمريكية على الإسلاميين قد تضم قائمة جديدة من قادة نظام البشير وربما تطال جنرالات في الجيش.

ويعتقد عبد الرحمن، أنه على الرغم من اهتمام الولايات المتحدة الأميركية بالملف السودان لكن بالنسبة إليها “ليست أولوية قصوى” فهي تتحرك من خلال ضغوط من الحلفاء الإقليميين مثل المملكة العربية السعودية التي تسعى إلى وقف إطلاق النار في السودان من خلال منبر جدة.

وحول تأثير العقوبات على الإسلاميين وقادة الدعم السريع يتوقع عبد الرحمن وصول قائمة جديدة تضم آخرين من قادة نظام البشير وقد تطال جنرالات في الجيش ليست في الرتبة العليا وحسب بل جنرالات في الصف الثاني تدعم تيار رفض الاتفاق لوقف الحرب.

ويقول عبد الرحمن، إن العقوبات الأميركية رغم قلة تأثيرها في بعض الأحيان لكنها ضرورية لأنها تجعل الجنرالات والقادة السياسيين الطامحين إلى السلطة بالتوقف عن تخريب اتفاق وقف الحرب لأن العقوبات تمنع منح التأشيرة لدخول الولايات المتحدة الأميركية ومعروف أنها مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بالولايات المتحدة لذلك فإن هذه العقوبات قد تطال حتى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إذا لم يلتزم بدعم الجهود السلمية.

ويضيف عبد الرحمن: “رغم العقوبات التي صدرت بحق قادة الدعم السريع وعلي كرتي لكن الموقف الأمريكي من الحرب في السودان لا زال ضعيفا في التعامل بحسم مع طرفي الصراع وفي الكثير من الأحيان لا تتحرك واشنطن بالقدر المطلوب حتى مع وقوع الكارثة مثل الحرب التي شردت خمسة ملايين شخص ومليون لاجئ عبروا الحدود”.