تصاعد المعارك في ولاية الجزيرة وسط السودان
عاين- 7 ديسمبر 2024
تصاعدت وتيرة المعارك بشكل كبير في ولاية الجزيرة أواسط السودان، بين الجيش وقوات الدعم السريع، ومن على عدة جبهات بصورة تنذر بنقطة تحول في مسار الحرب الدائرة في البلاد لأكثر من عام ونصف، وسط تفاقم معاناة المدنيين واستمرار حركة النزوح نحو الولايات الشرقية.
وتستقبل ولايتي القضارف ونهر النيل بشكل يومي مئات النازحين من مناطق شرق ولاية الجزيرة التي توسعت فيها اشتباكات عنيفة بين الجيش والفصائل المسلحة المتحالفة معه، وقوات الدعم السريع، وهم يعيشون ظروفا إنسانية سيئة، في ظل نقص الغذاء والإيواء مع دخول فصل الشتاء، كما تستمر عمليات قتل المواطنين بدافع النهب، بحسب تكتل أهلي في المنطقة المنكوبة.
ويسعى الجيش وحلفاؤه إلى استعادة السيطرة على ولاية الجزيرة، وينخرط في هجمات من 4 محاور تستهدف الدخول إلى عاصمة الولاية ود مدني، المحور الأول بحسب مصدر عسكري تحدث لـ(عاين) قادم من مدينة المناقل غرب ولاية الجزيرة وتتمركز طلائعه في مناطق، المحيريبة، ومخيرف، والعزازي.
أما المحور الثاني، قادم من مصنع سكر سنار، ووصل إلى تخوم مدينة ود الحداد، بينما المحوران الآخران قادمين من شرق الجزيرة، من الفاو ورفاعة وهو الأكثر سخونة، حيث يشهد معارك متواصلة يقودها القائد المنشق من قوات الدعم السريع أبو عاقلة كيكل، كما يضطر المواطنون لخوض رحلات نزوح قاسية في كل يوم.
وتتضارب المعلومات بشأن نقاط السيطرة الفعلية في محور شرق الجزيرة، وكانت محلية أم القرى شهدت معارك ضارية، ويزعم كل من الجيش وحليفه الجديد أبو عاقلة كيكل، وقوات الدعم السريع الاستيلاء عليها، كما نشر كل طرف مقاطع مصورة لمعالم من المدينة وقتلى وجرحى وأسرى، يقول إنها حصيلة انتصاره في المعارك العسكرية بتلك المناطق.
حماية غائبة
وبين جدلية السيطرة والتقدم العسكري تغيب أدنى سبل حماية المدنيين الذين وجدوا أنفسهم وسط نيران المعارك الضارية، ولم يكن أمامهم غير الفرار إلى المجهول، بعدما جُرِّدُوا من كل ممتلكاتهم بما في ذلك المبالغ النقدية والهواتف النقالة، وهو مثل ما حدث مع حسن عبد الرحمن الذي وصل شندي بولاية نهر النيل نهاية الأسبوع الماضي، قادما من إحدى المناطق المحيطة بمحلية أم القرى.
ويقول عبد الرحمن لـ(عاين) إنه تفاجأوا باندلاع اشتباكات عنيفة تستخدم فيها كافة الأسلحة في مدينة أم القرى، وقد كان بعض السكان في الأسواق، وتضرروا بشكل كبير وآخرين قتلوا وأصيبوا برصاص المعارك، بينما تمكن آخرون من الفرار بأرجلهم نحو شندي وملحية الفاو في ولاية القضارف.
ويضيف: “تعرضت للضرب والنهب والإذلال من قبل جنود قوات الدعم السريع الذين استهدفوا المواطنين خاصة الرجال، ويتهمونهم بالانتماء إلى المقاومة الشعبية، ويدمغونهم بأنهم مستنفرون وفلول، رغم أنهم عزل، وليس بحوزتهم أي أدوات أو شارات قتالية”.
ويواجه حسن والنازحون الجدد في مدينة شندي بولاية نهر النيل، معاناة كبيرة في الحصول على الإيواء والغذاء، وتتوقف حياتهم على مجهودات محدودة يقودها متطوعون، في ظل تزايد أعداد الفارين من أعمال القتال في شرق ولاية الجزيرة.
وتوسعت الحرب في شرق ولاية الجزيرة بعد انسلاخ قائد قوات الدعم السريع في المنطقة أبوعاقلة كيكل، وانضمامه إلى الجيش في أكتوبر الماضي، ومنذ ذلك الوقت وحتى منتصف نوفمبر الماضي نزح 343 ألف شخص إلى ولايات شرق وشمال السودان، من نحو 52 قرية شهدت أعمال قتالية، بحسب منظمة الهجرة الدولية.
ويقول المتحدث الرسمي ورئيس اللجنة القانونية في مؤتمر الجزيرة، (جماعة ضغط) هيثم الشريف في مقابلة مع (عاين) إنهم “يراقبون التصعيد العسكري في ولاية الجزيرة من كثب، وأنهم مهتمون بأمن وسلامة وحماية المواطنين، والتي لن تتحقق إلا بخروج قوات الدعم السريع من ولاية الجزيرة، أو إخراجهم عنوة مثلما يجري حاليا”.
ويشير إلى استمرار الانتهاكات بحق المدنيين في مناطق جنوب ولاية الجزيرة، وتم قتل 9 مواطنين في قرى، الصفا، وود شمعة، والطليح ووحميدان، أما المناطق التي تشهد معارك حاليا في شرق الجزيرة فهي شبه خالية من المواطنين الذين هجرتهم قوات الدعم السريع خلال الشهر الماضي.
انتهاكات ممنهجة
من جهته، أدان المتحدث الرسمي للشبكة الشبابية للمراقبة المدنية في السودان خالد مشين، ما وصفها بسلسلة الانتهاكات الممنهجة في ولاية الجزيرة والتي تظهر استهدافا واسع النطاق للمدنيين، وهي انتهاكات تتعارض مع القانون الدولي الإنساني الذي ينص على حماية المدنيين خلال النزاعات المسلحة.
وشدد مشين في مقابلة مع (عاين) أنه، ووفق اتفاقيات جنيف الأربع، يجب أن يعامل المدنيون معاملة إنسانية دون تمييز، ويحظر استهدافهم أو استخدامهم دروعا بشرية، كما تتعارض هذه الانتهاكات مع الالتزامات القانونية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، مما يتطلب محاسبة صارمة للمسؤولين عن هذه الجرائم، وضمان العدالة للضحايا واحترام مبادي الحقوق الإنسان الأساسية.
وفي الوقت الذي ترتفع فيه الآمال بوقف إطلاق النار، يتوسع نطاق الحرب وترتفع وتيرة المعارك في ولاية الجزيرة، مع تواصل الانتهاكات وسط المدنيين.
ويقول مصدر مسؤول في قوات الدعم السريع تحدث لـ(عاين): إن “الجيش، ومن خلفه الحركة الإسلامية مسؤولين عن التصعيد العسكري في ولاية الجزيرة وتسليح المواطنين ودفعهم للقتال إنابة عنه”.