(67) قتيل في الهلالية.. الدعم السريع تواصل حصد الأرواح بالجزيرة  

عاين- 7 نوفمبر 2024  

تحت جنح الظلام تسللت حليمة إسماعيل وعائلتها من منزلها في منطقة الهلالية شرقي ولاية الجزيرة أواسط السودان، مع دخول قوات الدعم السريع إلى البلدة ليلا، وبدأت في اقتحام البيوت واستهداف المدنيين بعنف مفرط، واحتمت هذه السيدة بمشروع زراعي، ولم تجد غير قناديل الذرة غير المحصودة لتسد رمقها بعدما حاصرها الجوع.

بقيت حليمة وهي اسم مستعار لإحدى سيدات الهلالية، عدة أيام مختبئة في مشروع الهلالية الأخضر، وبعد هدوء نسبي في الأوضاع حاولت العودة إلى منزلها، لكنها اصطدمت باستمرار قوات الدعم السريع في العنف ضد المدنيين، فاضطرت للاحتماء بأحد المساجد شرقي البلدة، حيث وجدت المئات من سكان قريتها محاصرين هناك، بلا أكل ولا شرب، في ظل تهديدات أمنية واسعة.

واقع مأساوي يعيشه سكان الهلالية الذين فشل معظمهم في مغادرة البلدة، ولجأوا إلى المساجد والمؤسسات الطرفية، بينما لم تسمع صيحات الاستغاثة التي يطلقونها وهم تحت حصار محكم تفرضه عليهم قوات الدعم السريع، بعد أن جردتهم من كل شيء بما في ذلك الملابس والأغطية، وسائر المقتنيات، وفق ما روته حليمة لـ(عاين).

احتماء المدنيين بالمساجد في منطقة الهلالية- الصورة مواقع التواصل الاجتماعي

والهلالية هي واحدة من نحو 89 قرية في شرق ولاية الجزيرة تعرضت إلى هجمات انتقامية عنيفة نفذتها قوات الدعم السريع عقب انسلاخ قائدها في المنطقة أبو عاقلة كيكل، وقتلت هذه القوات 40 مواطناً في الهلالية، بينما توفي 25 مواطناً نتيجة إسهال مائي إثر غياب الرعاية الطبية، وذلك وفق تقارير ومصادر متطابقة.

جبايات للخروج

فيما ذكر مؤتمر الجزيرة في بيان صحفي يوم الأربعاء، أن حصيلة القتلى من المدنيين في منطقة الهلالية ارتفع إلى 67 شخصاً، وأن قوات الدعم السريع تحاصر المواطنين مع فرض جباية قدرها مليون جنيه على كل شخص نظير مغادرة المدينة.

وشهدت منطقتا تمبول والسريحة في شرق ولاية الجزيرة مجازر مماثلة نفذتها قوات الدعم السريع راح ضحيتها مئات المواطنين، مما أدى إلى نزوح غالبية سكانها إلى الولايات الآمنة.

وبعد عناء استطاعت حليمة إسماعيل وعائلتها التي تضم زوجها وخمسة أطفال، الخروج من الهلالية، ووصلت إلى منطقة أم ضوبان شرقي العاصمة الخرطوم في رحلة نزوح شاقة، لتروي فصلا من عنف غير مسبوق تعرض له السكان في منطقتها، وما يزال المئات محاصرين فيها، نسبة لصعوبة المغادرة.

وتقول: “هاجمت قوات الدعم السريع الهلالية ليلا، وبدأت في الضرب والاعتداء على المدنيين، مما اضطر جميع السكان إلى الهروب من البلدة والتوجه إلى أطراف المدينة من الناحية الشرقية، وهم بلا طعام، ولا يستطيعون المغادرة نسبة لوُجود عناصر قوات الدعم السريع على الطريق، والكلفة الاقتصادية العالية حيث يحتاج الفرد الواحد إلى مبلغ 100 ألف جنيه سوداني للخروج”.

وشددت أن بعض السكان يحاولون التسلل والوصول إلى منازلهم لجلب بعض الملابس والأغطية ومستلزمات الإيواء؛ نظرا لصعوبة الوضع مع بدء فصل الشتاء، ولكن قوات الدعم السريع تعتدي عليهم وتعتقلهم.

وبحسب حليمة، فقد نهبت قوات الدعم السريع المنازل والمحال التجارية، ودمرت المرافق الخدمية مثل الكهرباء وآبار المياه، مما دعاها إلى إطلاق مناشدة لتدخلات عاجلة بغرض إنقاذ المواطنين المحاصرين في منطقة الهلالية.

نهب وترويع

من جهته، يقول عثمان الأمين أحد السكان الذين نزحوا من منطقة الهلالية لـ(عاين) “لقد طُرِدْنَا قسريا من منازلنا، ومنعنا من حمل ممتلكاتنا، وتعرض النساء والرجال وتهديدهم بالقتل نظير تسليم مقتنياتهم القيمة مثل الذهب والمبالغ النقدية وغيرها، حتى الأطفال لم يسلموا من هذه الانتهاكات.

ويضيف “مات الناس بالإسهال المائي في غياب تام للرعاية الطبية، كما يفتقدون الأكل والشرب، بعد أن جردتهم قوات الدعم السريع من كل ممتلكاتهم، فقد نهبوا حتى الأثاثات المنزلية، فما تم مروع وكارثي يفوق الخيال”.

وكشف محمد أحمد وهو ناشط اجتماعي في ولاية الجزيرة أن مئات المواطنين تحت حصار قوات الدعم السريع في منطقة الهلالية، وهم يتجمعون في ثلاثة مساجد شرق المدينة، هي مسجد أبو سقرة، مسجد الشيخ الطيب المرين، مسجد الفكي أبو صباح، وهم تحت أوضاع إنسانية قاسية، حيث ينعدم الغذاء ومياه الشرب والرعاية الطبية.

 وشدد أحمد في حديثه لـ(عاين) على ضرورة تدخل عاجل من المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية، بغرض إنقاذ حياة مئات المواطنين المحاصرين في منطقة الهلالية بولاية الجزيرة.

قرية العزيبة واحدة من قرى شرق ولاية الجزيرة أواسط السودان التي اقتحمتها قوات الدعم السريع أواخر أكتوبر الفائت، وارتكبت بها انتهاكات مروعة بحسب ما رواه شاهدان على لحظات الاقتحام لـ(عاين).

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *