«مستشفى النو».. وجهة ضحايا الحرب الوحيد بأم درمان

12 يوليو 2023   

تواجه مستشفيات العاصمة السودانية التي تعمل حالياً عددا من التحديات التي تهدد استمرارها، فبعد تمدد رقعة الاقتتال لتشمل مساحات واسعة من المناطق، أغلقت بعض المستشفيات أبوابها وانحسرت الخدمة الصحية التي باتت تقدمها أربعة مستشفيات فقط في كل أنحاء الخرطوم، وهي المستشفى التركي وبشائر بمدينة الخرطوم، ومستشفى شرق النيل، ومستشفى النو بمدينة أم درمان. 

مستشفى النو
مخاوف من تمدد المعارك لتصل إلى مستشفى النو الواقع بضاحية الثورة شمالي أم درمان

كغيره من مستشفيات العاصمة الخرطوم، فإن مستشفى النو يواجه عقبات كبرى تتمثل في نقص الإمداد و أعداد المتطوعين والكوادر الطبية بسبب موجة النزوح المستمرة، إضافة إلى المخاطر الأمنية والمخاوف من تمدد المعارك لتصل إلى موقع المستشفى الواقع بضاحية الثورة شمالي أم درمان.

عمليات بلا تخدير

“أمنية كفاح”، وهي متطوعة تعمل كمسؤولة عن الإمداد بمستشفى النو، تقول في مقابلة مع (عاين)، إن “المستشفى بعد تشغيله عقب اندلاع الحرب، فإن أعداد الكوادر الطبية والمتطوعين كان مستقراً، لكن مع توسع رقعة الحرب قرر كثير من الأطباء النزوح بجانب مواجهة المتبقي مخاطر الحرب التي يواجهها كل السودانيين”.

فيما يتعلَّق بالمستلزمات الطبية التي يحتاجها المستشفى، قالت كفاح إن “هناك نقصان حاد في الضمادات، وخيوط الجروح، ومعدات الإسعافات الأولية والتعقيم، بجانب نفاد جرعات البنج الموضعي، مما جعل الأطباء مؤخراً يضطرون لإجراء جميع العمليات الصغيرة وخياطة الجروح بلا تخدير”.

كما أن هناك ندرة في حقن مضاد التيتانوس الذي يجب أن يتلقاه كل المصابين بأجسام معدنية، خصوصاً وأن معظم الإصابات التي ترد إلى المستشفى إصابات بالأعيرة النارية وشظايا المقذوفات. وفقاً لـ أمنية.

توفير الدواء

منذ مجيئه من مدينة بحري إلى أم درمان بعد اندلاع الحرب، وانخراطه ضمن طاقم المتطوعين في مستشفى النو، لم يُبارح الشاب (مؤمن محمد) المستشفى إطلاقاً، ويعمل مع عدد من المتطوعين في توفير نواقص علاجات الأمراض المزمنة، مثل الضغط والسكري والأمراض العصبية.

متطوع: الصيدليات بأم درمان أغلقت أبوابها، وأصبح ليس بمقدور المرضى البحث عن الدواء في مناطق تتجدد بها الاشتباكات

 ويشير مؤمن في مقابلة مع (عاين) إلى إنهم يحصلون على الأدوية عبر التجوال والبحث لساعات طويلة بواسطة الدراجات الهوائية من منازل المتطوعين والخيرين، ويوفرون الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة.

وأضاف: إن “الصيدليات بأم درمان أغلقت أبوابها، وأصبح ليس بمقدور المرضى البحث عن الدواء في مناطق تتجدد فيها الاشتباكات، فيما أن أسعار المواصلات اللازمة للحركة أصبحت غالية جداً”.

لذلك يحاول هو ورفاقه بواسطة هذه الدراجات التجول في كل أرجاء المدينة والبحث عن العلاجات التي يعرضونها على طاولة في مدخل المستشفى، ويتجمع حولهم المرضى ليأخذوا احتياجاتهم من الدواء.

وكانت هذه الأدوية قبل الحرب رخيصة ومتوفرة في صيدليات الإمدادات الطبية، وتصرف عبر التأمين الصحي، لكن الحرب ألغت كل هذا وأصبح الحصول على الجرعة اليومية للدواء هماً يُطارد الكثير من المرضى.

يضيف مؤمن: إذا لم يتوفر الدواء بشكل مستمر لأصحاب الأمراض المزمنة سيواجهون النوبات القلبية وغيرها من المخاطر، ويتطور الأمر ويؤتى بهم إلى المستشفى وهم في حالات متأخرة، لذلك يعمل المتطوعون على استدراك الأمر قبل أن يتفاقم.

احتياجات معملية

“هالة عثمان” التي تعمل طبيبة مختبر ضمن طاقم المتطوعين في بنك الدم بالمستشفى، قالت إن “المستشفى السعودي تم إغلاقه قسرياً بعد تواصل المعارك في محيطه، وكان يحتوي على معمل الدم المركزي في مدينة أم درمان، فانتقل بعد ذلك بنك الدم إلى مستشفى النو الذي ظل يُعاني من أزمة في توفر السيور المستخدمة لنقل الدم وغسيل الكلى والعمليات. ويحتاج بنك الدم أيضاً للمتبرعين لأن هنالك فصائل نادرة يستعصى توفيرها لحالات مستعجلة”.

وكغيره من باقي أقسام المستشفى، فإن المعمل يفتقر إلى عدة احتياجات أساسية، رغم توفيره لبعض الفحوصات العامة مثل فحوصات الدم والبول وخصائص الكلى، وهناك فحوصات يجب توفرها لأنها ذات صلة ببعض أقسام المستشفى مثل قسم غسيل الكلى- بحسب هالة عثمان التي تحدثت لـ(عاين).

معمل طبي
معمل المستشفى تنقصه الكثير من الاحتياجات

يجُمل هذه النواقص المهندس الطبي محمد حسن في محاليل الشوارد الكيميائية، كالصوديوم والبوتاسيوم، بجانب محاليل الفحوصات الكيميائية، ووظائف الكبد والكالسيوم والماغنيسيوم، كما أن المعمل بحاجة إلى مستهلكات مثل أنابيب حمل عينات الدم بمضادات التخثر المختلفة.

ويفتقر المعمل أيضاً إلى مستلزمات نقل الدم المطلوبة بشدة، لأن معظم الحالات الواردة إلى المستشفى تعاني من النزيف الناتج عن الإصابات بالأعيرة النارية.

تدهور التغذية

واحدة من المصاعب التي يواجهها مستشفى النو، توفير الغذاء اليومي للمرضى والكوادر الطبية المتطوعة للعمل بالمستشفى.

في مقابلة مع(عاين)، يقول مسؤول التغذية بالمستشفى صهيب محمد، بأن وضع الغذاء بالمستشفى آخذ في التدهور. وكانت قد انطلقت مبادرة توفير الوجبة اليومية للمرضى والعاملين بالمستشفى بجهد شعبي من سكان الثورة الحارة الثامنة الذين يجاورون المستشفى، وانخرط في هذه المبادرة عدد من الخيرين. ورغم ذلك يصف صهيب هذه المبادرات بأنها محدودة ولا توجد جهة معينة ملتزمة بتوفير الوجبات اليومية للمستشفى.

مستشفى النو
قسم التغذية العلاجية يواجه نقصان حاد في المواد العينية مثل السكر والدقيق والزيت والعصائر واللبن

ويضيف قائلاً: هناك مرضى يحتاجون لنظام غذائي معين، مثل مرضى الكلى، كما أن معظم المرضى والمصابين المنومين بالمستشفى ليست لديهم القدرة على شراء الوجبات من الخارج، لذلك يعمل قسم التغذية على توزيع الوجبة اليومية لجميع المتواجدين في المستشفى سواء كانوا مرضى أو كوادر طبية أو متطوعين.

ويواجه قسم التغذية العلاجية نقصان حاد في المواد العينية مثل السكر والدقيق والزيت والعصائر واللبن. ويناشد القائمون على أمر التغذية بمستشفى النو جميع المنظمات الخيرية وأصحاب المبادرات للمساعدة في دعم المستشفى.