“المال مقابل الأمن”.. إبتزاز الدعم الدعم السريع لسكان الجزيرة

عاين- 5 مايو 2024

اضطر سكان إحدى قرى غرب الجزيرة أواسط السودان، إلى جمع مبلغ مالي كبير طلبته قوات الدعم السريع كضريبة لحماية القرية من المتفلتين، وتمكن السكان من جمع أكثر من نصف المبلغ بعدما وضعوا كل ما يملكون لحماية أنفسهم من بطش هذه القوات، وينطبق حالهم على عدد كبير من قرى الولاية التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وفرضت قوات الدعم السريع على سكان قرية “قنب” أن يدفع كل منزل عشرة آلاف جنيه شهرياً مقابل حمايتهم من المتفلتين وتوفير بعض الخدمات وعدم التعرض للمواطنين في أثناء حركتهم اليومية.

ويقول أبوبكر علي، أحد سكان القرية لـ(عاين): “جاء إلينا عدد من أفراد الارتكاز الذين يقفون في مدخل القرية الرئيسي، وأخبرونا أنهم يقفون في هذا المكان لحمايتهم من اللصوص والمتفلتين لذلك يجب عليهم أن يدفعوا ضرائب مقابل هذه الخدمة، وفرضوا على كل منزل مبلغ عشرة آلاف جنيه سوداني”.

“كان الأمر بالنسبة إلينا أن جشع قوات الدعم السريع لم يتوقف عند قتل وترويع السكان ونهب كل ممتلكاتهم، وبعد أن أخلو القرية من الممتلكات لا سيما المركبات، ولم يتبق شيء يمكنهم أخذه طلبوا أموالا بحجة حمايتنا”. يقول أبوبكر. ويضيف: “لم يكن لدى معظم الأسر القدرة على دفع هذا المبلغ شهريا، ولكن في ذات الوقت إن لم يدفع المواطنون ربما نفقد أرواحا أكثر، فدفعنا ما أمكننا جمعه، ولكن بدون فائدة، ولم تفي القوات بوعدها، ونحن نعلم أنه مجرد فخ لأخذ أموال المواطنين”.

جبايات في الأسواق

وتستمر قوات الدعم السريع في تضييق الخناق على سكان ولاية الجزيرة وسط السودان، وتفرض مبالغ مالية كبيرة على المواطنين، منذ مارس الماضي، مقابل تقديم الحماية والخدمات، ولكن لا يوجد التزام من جانب قوات الدعم السريع بالخدمات، وفي ظل الظروف المعيشية الطاحنة يُهَدَّد المواطنون إن لم يسددوا المبلغ المتفق عليه يقومون بهجمات جديدة على قراهم.

صورة متداولىة على مواقع التواصل الاجتماعي لعمليات نزوح جماعي بولاية الجزيرة عقب تزايد انتهاكات قوات الدعم السريع بعدد من قرى الولاية- يناير 2024

وقالت لجان مقاومة ود مدني إن قوات الدعم السريع فرضت ضرائب على التجار وأصحاب المركبات التجارية كما طالبت الأهالي برسوم فلكية نظير خدمتي المياه والكهرباء، وأكدت في بيان إن مليشيا الدعم السريع تفرض جبايات باهظة على التجار وأصحاب المركبات السفرية.

وفي مدينة الحصاحيصا وقراها تطالب قوات الدعم السريع المواطنين مبلغ (100) ألف جنيه سوداني لكل منزل وبحسب سكان تلك المناطق إن هذا المبلغ فوق طاقتهم، وبعد دفع المال لم تتوفر أي خدمات من تلك التي وعدت قوات الدعم السريع بها ما زالت تستمر في هجماتها، ولم توفر المياه والكهرباء،

ويؤكد “ص.ط” الذي – فضل الإشارة إلى أسمه بالاحرف الأول-  من سكان الحصاحيصا لـ(عاين)، أن انتهاكات جسيمة ارتكبتها قوات الدعم السريع في حق المواطنين خاصة النساء، رغم ذلك تطالب بدفع مبالغ لا قدرة لنا على دفعها وان لم ندفع لن نسلم بطش هذه القوات”.

ولم تسلم مدينة رفاعة شرق الحصاحيصا من فرض جبايات كغيرها من مناطق الجزيرة، ولكن أكثرها وقع على عاتق التجار في الأسواق، وقال التاجر “ب، س” الذي – فضل الإشارة إلى أسمه بالاحرف الأول-  أن منطقة رفاعة من أكثر المناطق التي تنتشر فيها قوات الدعم السريع بكثافة، وتمارس فيها بطشاً وابتزازاً على المواطنين والتجار بشكل أكبر.

تاجر: توقف معظم التجار عن العمل؛ بسبب النهب المتكرر والجبايات التي تفرضها قوات الدعم السريع.

وأضاف في مقابلة مع (عاين):” توقف معظم التجار عن العمل؛ بسبب النهب المتكرر وزيادة على ذلك الجبايات التي تفرضها قوات الدعم السريع، والتي في كثير من الأحيان تكون خاضعة لمزاج الأفراد وأصبح العمل في السوق غير مجدي.. أنا أعمل في بيع المحاصيل وأحيانا يأخذون جزءاً من المحاصيل المعروضة للبيع، أو يطالبونني بدفع مبلغ مالي، ويطلبون مبالغ عالية، وبعد توسلات يخفضون المبلغ، وفي إحدى المرات طلبوا مني دفع (500) ألف جنيه سوداني اضطررت لدفع (200) ألف لأني لا ملك غيرها”.

وأشار بيان للجان مقاومة مدينة رفاعة إلى فرض قوات الدعم السريع ضرائب إضافية على المواطنين والحافلات السفرية؛ مما أدى ارتفاع أسعار تذاكر السفر والتحكم في الوقود وبيعه في السوق السوداء، وذكر البيان أن المواطن في طريق خروجه يتعرض لانتهاكات من قبل الدعم السريع والجيش، والحرب أصبح ضد المواطن وطرفي النزاع يرتكبون الانتهاكات ضد المدنيين.

ويقول صحفي تجول في عدد من قرى ومحليات الجزيرة مؤخرا- تتحفظ (عاين) على ذكر اسمه، أن “قوات الدعم السريع فرضت رسوماً باهظة على محليات وقرى الجزيرة المختلفة تتراوح ما بين (3-5) آلاف جنيه سوداني، لا سيما محليات الحصاحيصا، جنوب الجزيرة، والكاملين”.

وشاهد الصحفي الذي تحدثت إليه (عاين)، قوات الدعم السريع تأتي بدراجات نارية إلى سكان القرى، ويفرضون عليهم مبالغ مالية، ويطلبون دفعها خلال ساعات، ولا يوجد مقابلها أي خدمات أو أمان، وفي حال عدم الدفع يُهَدَّد سكان القرى ويهاجمونهم، لذلك يضطر سكان القرى والكنابي إلى جمع ما تيسر من المبلغ تجنبا لأي هجمات من قوات الدعم السريع في نهاية الأمر لا تتوقف الهجمات، بل تكون أعنف تُضْرَب النساء وتنهب الممتلكات والمحاصيل الزراعية”.

الدعم السريع تنفي

وفي ديسمبر الماضي، اقتحمت قوات الدعم السريع مدينة ود مدني أحد أكبر المدن السودانية وسط البلاد، والتي لجأ إليها آلاف الفارين من حرب العاصمة السودانية التي اندلعت في العاصمة الخرطوم 15 أبريل الماضي.

وبعد سيطرة القوات على القيادة العسكرية التابعة للجيش في ود مدني وانسحابها إلى سنار، مارست قوات الدعم السريع انتهاكات واسعة بحق المدنيين ونهب للمتلكات والسيارات والأعيان المدنية قبل أن تنتقل إلى القرى المكتظة بالسكان والمحيطة بالمدينة، ومن بينها مدينة الحصاحيصا. وفقاً لتقارير منظمات دولية وطنية.

الدعم السريع تنفي فرض ضرائب على المواطنين بولاية الجزيرة وتقر بمجموعات تصفها بـ (المتفلتة) بولاية الجزيرة 

لكن مسؤول في قوات الدعم السريع -فضل حجب اسمه، قال إن “قوات الدعم السريع ممنوعة رسميا من فرض ضرائب أو أخذ أموال المواطنين، وفي الوقت الحالي تحديداً في ولاية الجزيرة يوجد كثير من المتفلتين والمجموعات التي تنتحل شخصية قوات الدعم السريع”.

وأضاف: “لا يمكن أن تحدث مثل هذه الممارسات من أفراد القوات المنضبطين”.

وأكد المصدر في مقابلة مع (عاين) أنهم كونوا إدارات مدنية في مناطق سيطرتهم في كل من ولايتي الجزيرة ودارفور، وإذا رأت هذه الإدارات أن تفرض رسوماً على البضائع والأسواق لتسيير شؤون الولايات والخدمات هذا يرجع إليها ونحن كقوات لا نتدخل في طريقة إدارتها للولايات، ونركز مع عملنا في الميدان.