استغلال (الدواب) لإنقاذ الموسم الزراعي في أكبر مشاريع السودان
عاين-17 يناير 2024
يكافح مزارعو ولاية الجزيرة أواسط السودان بشدة لإنقاذ الموسم الزراعي الشتوي وسط إمكانيات محدودة ونقص معظم مطلوبات العملية الزراعية من أسمدة ومبيدات بعد أن حالت المعارك العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع دون وصولها.
واجتاحت قوات الدعم السريع في ديسمبر الماضي، ولاية الجزيرة التي تضم أكبر مشروع زراعي في البلاد، وسيطرت على معظم أرجائها بما في ذلك عاصمتها ود مدني؛ مما قاد إلى نزوح الآلاف من المدنيين بينهم مزارعين إلى المناطق الآمنة.
وقادت المعارك العسكرية التي جاءت بالتزامن مع دخول الموسم الشتوي الذي يستغل لزراعة محاصيل رئيسية مثل القمح، إلى شلل تام في الحياة بولاية الجزيرة بعد توقف كافة وسائل النقل نتيجة عمليات النهب الواسعة للسيارات، الشيء الذي دفع مزارعي مشروع الجزيرة للاعتماد على الدواب في التنقل، وذلك بحسب ما أفاد به المزارع سلمان الهادي (عاين).
ويقول الهادي إن “المساحات المزروعة بالقمح في مشروع الجزيرة، وتعتمد على الري بالوابورات قد احترق نباتها نتيجة العطش نظراً لانعدام الجازولين، بينما تمت زراعة القمح بلا سماد اليوريا الذي يزيد ملوحة التربة فبالتالي نسبة النجاح ستكون ضعيفة للغاية”.
ويشير إلى أن المساحات المزروعة بالقمح في مشروع الجزيرة حاليا تقل بأكثر من 50 بالمئة عن الموسم الشتوي السابق نسبة لتفاقم المشكلات على المزارعين، فإلى جانب غياب التمويل جاء التدهور الأمني وصعوبة الوصول إلى المزارع وانعدام المدخلات الزراعية، وربما تؤدي هذه المعطيات إلى فشل الموسم وفق تقديره.
شبح المجاعة
تأتي مؤشرات فشل الموسم الشتوي، مع تحذيرات دولية من مجاعة في السودان جراء الحرب المحتدمة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) دقت ناقوس الخطر بشأن تفاقم أزمة الأمن الغذائي في السودان، وحثت على اتخاذ إجراءات فورية وجماعية لتجنب كارثة إنسانية وشيكة، إذ تتعرض أجزاء من البلاد لخطر الانزلاق إلى ظروف جوع كارثية بحلول موسم الجفاف في العام المقبل إذا لم تتمكن المنظمات الإنسانية بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي من توسيع نطاق الوصول وتقديم المساعدات الغذائية بانتظام للأشخاص المحاصرين في مناطق النزاع الساخنة الخرطوم، دارفور، كردفان.
وبحسب الفاو، فإن توسع القتال في ديسمبر الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى أجزاء من وسط وشرق السودان – أهم مناطق البلاد لإنتاج المحاصيل، أدى لزيادة كبيرة في الاحتياجات الإنسانية خلال موسم الحصاد (ديسمبر ويناير).
ويقول طارق السيد مزارع من شمال ولاية الجزيرة لـ(عاين): “نواجه صعوبات كبيرة في الوصول إلى الحواشات الزراعية في ظل انعدام وسائل الحركة وتدهور الوضع الأمني، لذلك لم نتمكن من زراعة المساحات المطلوبة، ولم نستطع متابعة ما زرعناه لذلك لا نتوقع أي إنتاج في هذا الموسم الشتوي”.
ويضيف “حتى الدواب لم تكن في المتناول، لأن إيجار عربة يجرها حصان أو حمار للوصول إلى المزرعة والعودة منها يحتاج إلى 15 ألف جنيه وهو مبلغ كبير لا نستطيع تحمله بشكل يومي”.
يلفت طارق إلى معاناة كبيرة يعيشها السكان في منطقته للحصول على الغذاء حيث نفدت غالبية السلع وإغلاق الأسواق، وأصبح القليل منها يعمل بشكل متحفظ وسط غلاء كبير في الأسعار.
فجوة القمح
ويعتمد السودان على نحو 35 بالمئة من استهلاكه السنوي من القمح على الإنتاج المحلي من خلال الموسم الشتوي في الجزيرة ونهر النيل والشمالية وسنار، بينما يكمل بقية احتياجه من القمح البالغ نحو 2.5 مليون طن عن طريق الاستيراد.
ويقول نائب محافظ مشروع الجزيرة إبراهيم مصطفى خلال مقابلة مع (عاين) إنهم “تمكنوا من زراعة 220 فداناً من القمح في المشروع خلال الموسم الشتوي، وأن الموسم بحاجة إلى دعم خاصة الأسمدة والجازولين لنجاحه”.
ويضيف المسؤول الحكومي: “تم نهب 200 سيارة تخص مفتشي المشروع، وهم الآن يضطرون للتواصل عبر الدواب من أجل إنقاذ الموسم الزراعي الشتوي، وقد وعدتنا وزارة المالية بدعم الموسم الحالي”.