أوضاع صعبة لنازحي حرب سنجة في مدينتي الدمازين والقضارف
عاين- 2 يونيو 2024
يعيش النازحون من الحرب في مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، الذين وصلوا إلى إقليم النيل الأزرق، أوضاع إنسانية سيئة، فهم يقيمون في طرقات المدن وتحت ظلال الأشجار، وسط نقص حاد في الغذاء وشتى الخدمات، في حين لم يتسن حدوث أي تدخلات إغاثية باستثناء جهود متواضعة من متطوعي غرف الطوارئ.
وأطلقت لجان مقاومة الدمازين، نداء عاجل عبر صفحتها في فيس بوك، بالحاجة إلى كافة أشكال التدخلات والعون الإنساني لمساعدة الأسر التي وصلت إلى إقليم النيل الأزرق، في تزايد مستمر في تدفق النازحين من ولاية سنار المضطربة، إلى الإقليم.
وبحسب تلك اللجان، فإن أعداداً كبيرة من النازحين – لم يتسن حصرهم حتى الآن، وصلوا إلى النيل الأزرق، وأن الإقليم يشهد هدوءاً في الأحوال الأمنية حتى اللحظة، لكنه يشهد حظراً للتجوال ليلا من الساعة “6 مساء – 6 صباحاً” ومنع استخدام الدراجات النارية “مواتر” مما صعب مهمة المتطوعين في القيام بالمساعدة اللازمة.
ويشهد إقليم النيل الأزرق انقطاعاً كاملاً في خدمة الاتصالات والإنترنت لليوم الثاني، وفق لجان مقاومة الدمازين، كما تواجه ولاية سنار انقطاع مماثل للاتصالات، الأمر الذي صعب عملية التواصل بين المواطنين.
الواقع نفسه يواجهه نازحو سنجة الذين وصلوا إلى مدينة القضارف التي تعاني اكتظاظاً مسبقاً بالفارين من الحرب، ولم يجد النازحون الجدد غير الطرقات والأسواق والمساجد للإيواء فيها، كما لا توجد منازل للإيجار في المدينة، وفق ما نقله عضو في غرف الطوارئ لـ(عاين).
حرب تتوسع
وفي نهاية الأسبوع الماضي، توسع نطاق الاضطرابات المسلحة في ولاية سنار جنوب شرق البلاد بعد توغل قوات الدعم السريع والدخول إلى عاصمة ولاية سنار مدينة سنجة وإعلان السيطرة عليها بالكامل، بينما أكد المتحدث الرسمي للجيش نبيل عبد الله أن قواته في سنجة صامدة ومتماسكة، وتقاتل ما أسماه بالعدو، بثبات ومعنويات عالية، حسب تصريح صحفي صدر قبل يومين.
وتسببت هذه المعارك في نزوح شبه جماعي للسكان من مدينة سنار وسنجة، والدندر، والسوكي، نحو إقليم النيل الأزرق، ومدينة القضارف شرقي البلاد، في رحلات قاسية، سيراً على الأقدام بعد عمليات نهب واسعة مارستها قوات الدعم السريع في المنطقة، واستهدفت سيارات المواطنين بشكل رئيسي، وفق شهود تحدثوا مع (عاين).
ومع توسع العمليات العسكرية، تضيق المناطق الآمنة أمام السودانيين، وهو ما يفاقم وضع أكثر من 8 ملايين نازح في هذا البلد.
وما تزال السلطات في إقليم النيل الأزرق مصرة على مواصلة الدراسة، وسط مطالب من المتطوعين بضرورة تعليق الدراسة وإفراغ المدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة، لإيواء أعداد كبيرة من النازحين وصلوا عبر الدمازين والرصيرص، نظراً لعدم وجود أي مباني أخرى لإيواء الفارين من نيران الحرب الذين يقيمون في العراء حالياً.
وقال أحد المتطوعين في الدمازين لـ(عاين) إن تدفق النازحين إلى إقليم النيل الأزرق ما يزال مستمراً، بينما يقيم الذين وصلوا في الطرقات العامة وظلال الأشجار في محافظتي الدمازين والرصيرص، وأنهم تمكنوا من فتح 7 مراكز إيواء و3 مطابخ مجانية، ويجرون مساعي مع السلطات التربوية لتعليق الدراسة من أجل إيواء بقية نازحي سنجة.
يضيف أن بعض النازحين يريدون العبور إلى ولايات شرق السودان عبر مدينة الرصيرص، وذلك بعد تدهور الوضع الأمني في طريق الدندر، وجسر نهر الدندر الذي سيطرت عليه قوات الدعم السريع، بينما أقام آخرون مع أقاربهم في الدمازين والبعض في العراء، وجميعهم بحاجة إلى المساعدة، لكن الدعم كله الآن يقدمه المتطوعون في غياب تام لحكومة الإقليم.
نزوح مستمر
وبدأ سكان من داخل مدينتي الدمازين والرصيرص النزوح من منازلهم مع تهديدات أطلقها منسوبون لقوات الدعم السريع باجتياح إقليم النيل الأزرق، وتوجهوا نحو محليات، باو، الكرمك، قيسان، وفق شاهد تحدث لـ(عاين).
وكان إقليم النيل الأزرق يأوي آلاف النازحين في 42 مركزاً في المحافظات المختلفة، وصلوه بعد اندلاع الحرب في ولاية الجزيرة، وآخرين بسبب النزاع الأهلي في الإقليم، وتمت إضافة 7 مراكز إيواء لنازحي سنجة الجدد، وجميعهم يعيشون تحت ظروف إنسانية بالغة السوء مع نقص الغذاء والدواء.
ويشتكي متطوعون من تقييد حركتهم؛ بسبب قرارات الطوارئ وحظر التجوال في مدن الإقليم، وأنهم في ظل هذه الظروف لا يستطيعون خدمة النازحين في مراكز الإيواء المختلفة، وينبغي استثناؤهم من هذه الإجراءات.
من جهته، قال عضو في غرف الطوارئ في القضارف لـ(عاين): “الوضع صعب للغاية، النازحين الجدد لم يجدوا مكاناً ليذهبوا إليه، فتكدسوا في الطرقات والأسواق، بينما يقيم النازحون القدامى في المدارس، وقد فتحت المدارس في رؤوسهم وبدأت الدراسة. نحن محتارون وعاجزون عن فعل أي شيء”.
وشرعت حكومة ولاية القضارف الأسبوع الماضي في ترحيل النازحين المقيمين بالمدارس ومؤسسات الدولة في المدن إلى مخيمات في مناطق نائية، وبدأت الدراسة اعتبارا من يوم السبت الماضي، وسط رفض واسع من ضحايا الحرب للقرار، بعد ما تردد بشأن ظروف غير ملائمة للحياة في المعسكرات الجديدة.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن القضارف تأوي 950 ألف نازح، وكانوا يعيشون أوضاعاً إنسانية مماثلة، وماسي يتصدرها النقص الحاد في مياه الشرب، في ظل غياب للتدخلات الحكومية، بينما قلصت المنظمات الدولية من بينها برنامج الأغذية العالمي مساعدات عينية كانت تقدمها للنازحين، وصارت شحيحة للغاية مقارنة بالحاجة الفعلية.
ووفقا للأمم المتحدة، منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023، نزح ما يقرب من 7.3 مليون شخص داخليًا في جميع أنحاء البلاد، ليصل إجمالي عدد النازحين في السودان إلى حوالي 10.1 مليون شخص .
ويعاني حوالي 25.6 مليون شخص من الجوع الحاد وتقترب المجاعة بسرعة من 755000 شخص في 10 ولايات، بما في ذلك دارفور وكردفان والجزيرة والنيل الأزرق والخرطوم، خلال موسم العجاف بين يونيو وسبتمبر 2024. .
وتقول المنظمات الإنسانية انها تحتاج بشكل عاجل إلى 2.7 مليار دولار أمريكي لدعم 14.7 مليون شخص بخدمات المساعدة والحماية متعددة المجموعات، بما في ذلك 7.6 مليون شخص تم تحديد أولوياتهم في خطة الوقاية من المجاعة التي تم إطلاقها في أوائل أبريل 2024.